عن تبني الموقف ونقيضه
د. حسن البراري
جو 24 : هناك خصوصية في الأردن ينفرد بها عن بقية بلاد العالم تتمحور حول وجود صناع قرار يتبنون الموقف ونقيضه دون أن يرمش لهم جفن في مفارقة حزينة تؤشر إلى مستوى التردي في نوعية غالبية السياسيين الرسميين في الأردن. ولا أعرف كيف يفترض صانع القرار بأن المراقبين والمحللين غير قادرين على كشف التناقض في الموقف.
نسوق ذلك ونحن نرى اندفاع الحكومة الانتقالية للدكتور فايز الطراونة لرفع الأسعار "انقاذا" للموازنة التي تعاني من عجز كبير يدعي رئيس الحكومة أنها بسبب سياسات الدعم دون أن يشير لا من قريب ولا من بعيد إلى استعداد الحكومة البحث في آليات أخرى لمعالجة العجز في الموازنة، فالحل دائما هو جيب المواطن لكن دون أن يكون للمواطن رأي في صناعة القرار!
فايز الطروانة رجل محافظ لا يؤمن بالاصلاح السياسي- وهذا موقفه الشخصي - وهو يرى أن ما يحرك الشارع هو الوضع الاقتصادي المتردي الذي يحتاج إلى حل سريع تنوي حكومته الانتقالية القيام به، !.
المفارقة أن قراءة السيد الطراونة لأسباب الحراك الاصلاحي في الاردن لا تدفعه إلى التعامل مع نتائج هذه القراءة بشكل منطقي، فإذا كان الحراك هو لاسباب اقتصادية اجتماعية فقط فكيف يمكن في هذه الحالة اتخاذ قرارات من شأنها مفاقمة الأمر؟ وكيف يمكن لرفع الأسعار أن يعالج التحديات التي تواجه حكومته؟! وهل "الاصلاح" حسب المقاربة الطراونية يعني تعميق اسباب الحراك؟! وهذه مفارقة لا يمكن فهمها إلا في سياق الانفصام والانسلاخ عن الشارع.
اللافت أننا بصدد التعامل مع حكومة غير اصلاحية ولا تؤمن بكل توصيفات الشارع للأزمة ولكنها في الوقت ذاته تفاقم من الأزمة من خلال رفع الأسعار وعندها سيطلب من الناس العودة إلى بيوتهم وعدم التظاهر على اعتبار أن ذلك معطلا "للاصلاح الاقتصادي" الذي تتصدى له الحكومة!
وبما أن الانفصام السياسي هو سمة عامة لأداء الحكومات، قرر مجلس الوزراء الموافقة على منح النواب تقاعد مدى الحياة ما يعني اضافة أعباء مالية للموازنة تقدر بالملايين في العام الواحد. لو ان هناك جدية لدى رئيس الحكومة في معالجة المشكلة من جذورها لما وافق على منح نواب لا يتمتعون بشرعية في الشارع تقاعد مدى الحياة في وقت وصلت معدلات الفقر والبطالة مستويات باتت تهدد الاستقرار.
من سيموّل تبعات قرار منح النواب تقاعدا مدى الحياة؟ ولا أعرف كيف يقبل نائب يزعم بأنه يمثل الوطن راتبا تقاعديا عن خدمة لا تزيد عن عامين؟!
وفي السياق نطرح تساؤلا حول جدوى تحميل المواطن عواقب السياسات المالية والاقتصادية الخاطئة، وبعيدا عن الكلفة الباهظة سياسيا واجتماعيا لقرارات رفع الأسعار، لنا الحق في التساؤل عن المبلغ الذي يمكن أن توفره الخزينة ومساهمة هذا المبلغ في سد العجز في الموازنة؟ التقديرات الأولية تشير الى امكانية توفير مبلغ ٢٠٠ مليون دينار! وهذا المبلغ متواضع ولا يسد العجز إلا اذا كان هذا المبلغ سيساهم في دفع رواتب تقاعدية للنواب!
نتفق مع الرئيس وحكومته بأن هناك تشوهات اقتصادية بحاجة لمعالجة ونعرف أن سياسة الدعم ساهمت في ذلك، لكن هناك تشوهات كبيرة جدا في الموازنة هي المسؤولة عن العجز والمديونية،فلا يعقل أن تكون موازنة الدفاع في الاردن بهذا الحجم في وقت يتقاضي فيه جنود وضباط القوات المسلحة أقل الرواتب! وكان على الرئيس وفريقه الاقتصادي ان يراجع بنود الموازنة. ربما تحتاج اعادة أولويات الانفاق واعادة ترتيب بنود الموازنة إلى رجال دولة من طراز أصبح نادرا، فالبحث عن حل سريع من جيوب المواطن هو عامل تهديد لاستقرار الاردن وهذا ما نخشاه على الوطن من السياسات الطائشة، فالأردنيون يولون الاستقرار اهمية بالغة ليس خشية من او خشية على الحكومة بل لأن المرحلة تتطلب تعاونا وتكاتفا بين الجميع وهذا لا يتحقق إلا باصلاحات سياسية واضحة المعالم.
نسوق ذلك ونحن نرى اندفاع الحكومة الانتقالية للدكتور فايز الطراونة لرفع الأسعار "انقاذا" للموازنة التي تعاني من عجز كبير يدعي رئيس الحكومة أنها بسبب سياسات الدعم دون أن يشير لا من قريب ولا من بعيد إلى استعداد الحكومة البحث في آليات أخرى لمعالجة العجز في الموازنة، فالحل دائما هو جيب المواطن لكن دون أن يكون للمواطن رأي في صناعة القرار!
فايز الطروانة رجل محافظ لا يؤمن بالاصلاح السياسي- وهذا موقفه الشخصي - وهو يرى أن ما يحرك الشارع هو الوضع الاقتصادي المتردي الذي يحتاج إلى حل سريع تنوي حكومته الانتقالية القيام به، !.
المفارقة أن قراءة السيد الطراونة لأسباب الحراك الاصلاحي في الاردن لا تدفعه إلى التعامل مع نتائج هذه القراءة بشكل منطقي، فإذا كان الحراك هو لاسباب اقتصادية اجتماعية فقط فكيف يمكن في هذه الحالة اتخاذ قرارات من شأنها مفاقمة الأمر؟ وكيف يمكن لرفع الأسعار أن يعالج التحديات التي تواجه حكومته؟! وهل "الاصلاح" حسب المقاربة الطراونية يعني تعميق اسباب الحراك؟! وهذه مفارقة لا يمكن فهمها إلا في سياق الانفصام والانسلاخ عن الشارع.
اللافت أننا بصدد التعامل مع حكومة غير اصلاحية ولا تؤمن بكل توصيفات الشارع للأزمة ولكنها في الوقت ذاته تفاقم من الأزمة من خلال رفع الأسعار وعندها سيطلب من الناس العودة إلى بيوتهم وعدم التظاهر على اعتبار أن ذلك معطلا "للاصلاح الاقتصادي" الذي تتصدى له الحكومة!
وبما أن الانفصام السياسي هو سمة عامة لأداء الحكومات، قرر مجلس الوزراء الموافقة على منح النواب تقاعد مدى الحياة ما يعني اضافة أعباء مالية للموازنة تقدر بالملايين في العام الواحد. لو ان هناك جدية لدى رئيس الحكومة في معالجة المشكلة من جذورها لما وافق على منح نواب لا يتمتعون بشرعية في الشارع تقاعد مدى الحياة في وقت وصلت معدلات الفقر والبطالة مستويات باتت تهدد الاستقرار.
من سيموّل تبعات قرار منح النواب تقاعدا مدى الحياة؟ ولا أعرف كيف يقبل نائب يزعم بأنه يمثل الوطن راتبا تقاعديا عن خدمة لا تزيد عن عامين؟!
وفي السياق نطرح تساؤلا حول جدوى تحميل المواطن عواقب السياسات المالية والاقتصادية الخاطئة، وبعيدا عن الكلفة الباهظة سياسيا واجتماعيا لقرارات رفع الأسعار، لنا الحق في التساؤل عن المبلغ الذي يمكن أن توفره الخزينة ومساهمة هذا المبلغ في سد العجز في الموازنة؟ التقديرات الأولية تشير الى امكانية توفير مبلغ ٢٠٠ مليون دينار! وهذا المبلغ متواضع ولا يسد العجز إلا اذا كان هذا المبلغ سيساهم في دفع رواتب تقاعدية للنواب!
نتفق مع الرئيس وحكومته بأن هناك تشوهات اقتصادية بحاجة لمعالجة ونعرف أن سياسة الدعم ساهمت في ذلك، لكن هناك تشوهات كبيرة جدا في الموازنة هي المسؤولة عن العجز والمديونية،فلا يعقل أن تكون موازنة الدفاع في الاردن بهذا الحجم في وقت يتقاضي فيه جنود وضباط القوات المسلحة أقل الرواتب! وكان على الرئيس وفريقه الاقتصادي ان يراجع بنود الموازنة. ربما تحتاج اعادة أولويات الانفاق واعادة ترتيب بنود الموازنة إلى رجال دولة من طراز أصبح نادرا، فالبحث عن حل سريع من جيوب المواطن هو عامل تهديد لاستقرار الاردن وهذا ما نخشاه على الوطن من السياسات الطائشة، فالأردنيون يولون الاستقرار اهمية بالغة ليس خشية من او خشية على الحكومة بل لأن المرحلة تتطلب تعاونا وتكاتفا بين الجميع وهذا لا يتحقق إلا باصلاحات سياسية واضحة المعالم.