استراتيجية وقائية!
خيري منصور
جو 24 : يظن البعض ان مصطلحات من طراز الاستراتيجية أو الميتا استراتيجية، وغيرها من المفردات المكتوبة بالحروف اللاتينية هي حكر على الدول الكبرى الفاعلة، والحقيقة ان هناك تعابير شعبية نستخدمها في حياتنا اليومية هي من صميم الاستراتيجية، مثل القرش الابيض لليوم الاسود أو درهم وقاية خير من قنطار علاج، وثمة طرفان فقط يعيشان بالاستراتيجية حتى بدلالاتها البدائية هما المتسول الذي لا يفكر بما هو أبعد من الوجبة القادمة والعدمي اللامبالي الذي تتلخص فلسفته في عبارة واحدة هي ما يقع من السماء تتلقاه الارض.
وهناك ازمات بل كوارث قد تعصف بدول ما كان لها ان تتفاقم مع ممكنات الراهن وليس بما هو متحقق منه فقط.
لان مثل هذه الازمات أشبه بجبال الجليد التي لا يرى فيها غير الناتىء على السطح، والغرق محتم اذا تم الارتطام بما هو مخفي منها، والجملة الاخيرة التي ودع بها الرئيس التونسي السابق جمهوريته كانت الآن فهمت، وهذا تعبير غير مباشر عن غياب الاستراتيجية، التي هي في حقيقتها فهم لما يجري، وما يمكن ان يجري ايضا اذا استمرت الوتيرة ذاتها.
حتى على صعيد دولي ثمة ما يسمى الدبلوماسية الوقائية، ومجالها هو تدارك انفجار الازمات والنزاعات الاهلية، فالسياسة ايضا لها درهم وقاية وقناطير علاج، حيث لا ينفع الندم بعد وقوع الفأس في الرأس كما يقال.
وما يوشك على تدمير امة برمتها تحت مختلف العناوين كان سببه المباشر غياب الاستراتيجيات الوقائية، حيث لم تنفع قناطير العلاج حتى لو كانت حلولاً امنية او حروبا شبه اهلية.
ويبدو ان ما تحالف على هذا الواقع بكل افرازاته السامة ليس فقط ثالوث الجهل والمرض والفقر، بل ذهنية المتسول الذي لا يفكر بأبعد من يومه وعدمية اللامبالي الذي يقول لنفسه ليأت بعدي الطوفان، ناسياً ان الطوفان عندما يأتي لن يبقي على شيء ويجرف ايضا عظامه في القبر حتى لو كانت رميما!
وقد يسخر المتسول المحترف والعدمي اللامبالي من اي كلام حول المستقبل ظناً منهما ان الحال سوف يدوم، لكن ما يفاجئهما دائماً اضافة الى تأخرموعد الفهم هو كمين اسمه المستقبل، لان المستقبل حليف او عدو تبعاً لاساليب التعامل معه، ومحاولات استباقه بالتدارك.
واذا كانت تقارير التنمية عن الانيميا الفكرية التي انشرت وبائياً في عالمنا العربي تقول اننا أقل الناس قراءة وعدم اتعاظ بما حدث في الماضي فان هناك ما يمكن اضافته الى هذه التقارير، وهو ان حالة العمى تحول دون الاتعاظ حتى بما يحدث في الوقت ذاته وما يمكن رؤيته بالعين المجردة!
(الدستور)
وهناك ازمات بل كوارث قد تعصف بدول ما كان لها ان تتفاقم مع ممكنات الراهن وليس بما هو متحقق منه فقط.
لان مثل هذه الازمات أشبه بجبال الجليد التي لا يرى فيها غير الناتىء على السطح، والغرق محتم اذا تم الارتطام بما هو مخفي منها، والجملة الاخيرة التي ودع بها الرئيس التونسي السابق جمهوريته كانت الآن فهمت، وهذا تعبير غير مباشر عن غياب الاستراتيجية، التي هي في حقيقتها فهم لما يجري، وما يمكن ان يجري ايضا اذا استمرت الوتيرة ذاتها.
حتى على صعيد دولي ثمة ما يسمى الدبلوماسية الوقائية، ومجالها هو تدارك انفجار الازمات والنزاعات الاهلية، فالسياسة ايضا لها درهم وقاية وقناطير علاج، حيث لا ينفع الندم بعد وقوع الفأس في الرأس كما يقال.
وما يوشك على تدمير امة برمتها تحت مختلف العناوين كان سببه المباشر غياب الاستراتيجيات الوقائية، حيث لم تنفع قناطير العلاج حتى لو كانت حلولاً امنية او حروبا شبه اهلية.
ويبدو ان ما تحالف على هذا الواقع بكل افرازاته السامة ليس فقط ثالوث الجهل والمرض والفقر، بل ذهنية المتسول الذي لا يفكر بأبعد من يومه وعدمية اللامبالي الذي يقول لنفسه ليأت بعدي الطوفان، ناسياً ان الطوفان عندما يأتي لن يبقي على شيء ويجرف ايضا عظامه في القبر حتى لو كانت رميما!
وقد يسخر المتسول المحترف والعدمي اللامبالي من اي كلام حول المستقبل ظناً منهما ان الحال سوف يدوم، لكن ما يفاجئهما دائماً اضافة الى تأخرموعد الفهم هو كمين اسمه المستقبل، لان المستقبل حليف او عدو تبعاً لاساليب التعامل معه، ومحاولات استباقه بالتدارك.
واذا كانت تقارير التنمية عن الانيميا الفكرية التي انشرت وبائياً في عالمنا العربي تقول اننا أقل الناس قراءة وعدم اتعاظ بما حدث في الماضي فان هناك ما يمكن اضافته الى هذه التقارير، وهو ان حالة العمى تحول دون الاتعاظ حتى بما يحدث في الوقت ذاته وما يمكن رؤيته بالعين المجردة!
(الدستور)