jo24_banner
jo24_banner

تسوية قضيّة "العرب اليوم".. مسرحيّة رديئة الإخراج !!

تسوية قضيّة العرب اليوم.. مسرحيّة رديئة الإخراج !!
جو 24 : كتب تامر خرمه-

مسألة وقت لا أكثر، هي كلّ ما يتطلّبه الأمر للخروج بتسوية لقضيّة "العرب اليوم"، التي توقفّت عن الصدور مؤخرا بذريعة الأعباء الماليّة، غير أن العالمين ببواطن الأمور يدركون جيّدا أن المستهدف من تلك المسرحيّة كان "المشاغبون" في هذه الصحيفة، التي تقرّر على ما يبدو تحويلها إلى منبر رسمي يتماهى تماما مع توجّهات ورغبات السلطة.

في الأمس اعتصم العاملون في الصحيفة مجدّدا أمام مؤسّستهم للمطالبة بمستحقاتهم الماليّة التي يتنكّر لها مالك الصحيفة، إلياس جريسات، وأملاً باستعادة وظائفهم التي فقدوها بجرّة قلم.

وبما أن أسلوب "البلطجة" هو الرائج في المنطقة العربيّة برمّتها، وليس في الأردن فحسب، قرّر أحد المحسوبين على مالك الصحيفة الاعتداء على المعتصمين ، ولا ندري إن كان "الولاء والانتماء" لرأس المال هو ما دفعه لتنفيذ اعتدائه، أم أنّه تلقّى أوامر مباشرة من "المعلّم"، وهو ما رجّحه المعتصمون.

القصّة لم تتوقّف عند هذا الحدّ، بل تفاجأ الصحافيون بحجم السطوة والنفوذ اللذين يتمتّع بهما المالك، حيث تقدّموا بشكوى أمنيّة للمطالبة بالكشف عن المحرّض على هذا الاعتداء ومحاسبته، إلاّ أن الأجهزة قرّرت حجز البطاقات الشخصيّة للصحافيين، وتحويلهم إلى المدّعي العام، بعد ان ظهرت فجأة، وبقدرة مكالمة هاتفيّة، شكوى أمنيّة سبق وأن تقدّم بها المالك منذ نحو أسبوع.

المالك ادّعى في شكواه أن الصحافيّين اقتحموا مبنى "العرب اليوم"، فهذه هي الطريقة التي ارتأى عبرها جريسات وصف اعتصام الصحافيّين في مكاتبهم للمطالبة بحقوقهم، والغريب أن وزارة العمل لم تحرّك ساكنا عندما ردّ جريسات على ذلك الاعتصام بقرار فصل تعسّفي اتّخذه بحقّ المعتصمين.

المهم، في مركز أمن الشميساني بدأت لعبة المساومة، إسقاط شكوى جريسات مقابل تنازل الصحافيّين عن حقّهم في محاسبة من اعتدى عليهم، ليضع جهاز الأمن العام نفسه في موقف لا يحسد عليه، حيث تبيّن لغالبيّة الإعلاميّين مدى الانحياز لأصحاب السطوة على حساب العدالة، ولكن بشكل مفضوح هذه المرّة.

بصراحة، ليس ما ذكر هو بيت القصيد، فتسوية قضيّة "العرب اليوم" باتت من مهام المجلس النيابي الذي يتقن تماما تنفيذ كلّ ما يرد في المكالمات الهاتفيّة "السوبر".

البرلمان الذي تعهّد عدد من أعضائه بالانتصار لقضيّة "العرب اليوم" بدأ بالتحضير لـ "طبخة" تنقذ جريسات من "الورطة" الماليّة –التي يصفها مراقبون بالمصطنعة- بما يضمن التخلّص من كافّة "المشاغبين" في الصحيفة.

وفي خطوة تمهيديّة اجتمعت لجنتا العمل والتنمية الاجتماعية، والتوجيه الوطني، النيابيتين، وخرجتا بتوصيات تضمن إعادة صدور الصحيفة بل وإغداق الإعلانات عليها دون أن تتطرّق لمطلب عودة الصحافيين إلى وظائفهم.

التوصيات التي رشحت عن ذلك الاجتماع أكدت ضرورة استمرار صدور الصحيفة، والتخفيف من الأعباء الضريبيّة والرسوم المفروضة على وسائل الإعلام، بل وتسهيل جدولة ديونها، وتوزيع إعلانات الحكومة والمؤسسات المستقلة بـ "عدالة"، وفقا لما ورد في ذلك الاجتماع النيابي.

أمّا فيما يتعلّق بحقوق العاملين في "العرب اليوم" ومستقبلهم فقد اكتفت اللجنتان بالتوصية باستيفاء الحقوق العمّاليّة، والعمل على إيجاد بدائل لهم، طبعا خارج مؤسّسة "العرب اليوم".

توزيع "الإعلانات" يعني ببساطة تنويع منح حكومة الظلّ التي كانت تقتصر على صحيفة الرأي، لينال "العرب اليوم" جانبا من الودّ، وكما هيمنت السلطة على إرادات كثير من الأحزاب السياسيّة، عبر تمويلها وإخضاع مواقفها لاشتراطات هذا التمويل، يبدو أن التفكير الرسمي يتجه لتدجين بعض وسائل الإعلام التي أبدت شيئا من الاستقلاليّة ذات يوم.

وقد تكون "العرب اليوم" هي السبّاقة لتحقيق مطلب بعض رؤساء التحرير، المتعلّق بالدعم الحكومي، ولكن سيكون "الإعلان" هو الاسم الجديد لهذا الدعم، أمّا استقلاليّة الإعلام فعلى روحها السلام !!
تابعو الأردن 24 على google news