الأردن وخيارات «حقل الألغام»
حسين الرواشدة
جو 24 : موقف الاردن تجاه سوريا -كما نفهمه- يستند في الاساس الى خيار “الحل السياسي” لكن هذا الحل لم يعد مطروحا الان على الاقل بعد ان قرر التحالف الدولي توجيه ضربات عسكرية للنظام كتحذير او كعقاب لاستخدامه السلاح الكيماوي.
الان، يبدو الاردن امام اضطرار “التكيّف” مع الموقف الدولي “الغربي والاقليمي تحديدا”، وهذا الاضطرار يمكن الاستناد اليه وفهمه في اطار (حسابات سياسية) اردنية باتجاهين: احدهما تفرضه (الجغرافيا) حيث ان ما يحدث في سوريا وما يمكن ان تتطور اليه الاحداث وضع الاردن في دائرة (الخطر) لا فيما يتعلق باللاجئين فقط، وانما بمستقبل الدولة السورية، والفاعلين في ساحة الصراع وخاصة (الاسلاميين المتطرفين)، وامكانية تقسيم سوريا الى كانتونات وانعكاساتها على المنطقة... واعتبار (الجوار). هذا جعل القرار السياسي الاردني (غامض)، فهو من جهة يسعى الى الالتزام (بالحلول السياسية) وهو من جهة ثانية لا يستطيع ان (يتفرج) على مشهد الدم والقتل والصراع الاهلي هناك، وبالتالي لم يعد امامه سوى التوافق مع (المجتمع الدولي) من خلال توجيه ضربات عسكرية لاضعاف النظام تمهيدا -ربما- للعودة الى الخيار (السياسي) اذا ما نجح التدخل العسكري في دفع النظام للاذعان لمطالب المعارضة.
اما الاتجاه الاخر فهو اضطرار تفرضه التحولات السياسية في المنطقة، والاردن هنا يحاول التوفيق بين الالتزام (بالموقف الغربي الاقليمي المتحالف ضد النظام) وبين المصالح الاردنية التي تفرض عليه عدم الانجرار الى حرب -ربما تكون دولية- وما يمكن ان تحمله من نذر خطيرة تؤثر على استقرار المنطقة، ووفق هذه المعادلة اعلن وزير الخارجية الاردني ان (الاردن لن يكون منطلقا لاي عمل عسكري) وهذا ربما يبدو صحيحا اذا ما ادركنا ان العملية العسكرية ستنحصر في توجيه (صواريخ كروز) من البوارج الغربية التي وصلت الى المتوسط، لكن لا يستطيع الاردن الذي استضاف اجتماع (الجنرالات) من عشر دول، ان يبقى بعيدا عن الميدان، وفي ضوء ذلك يمكن ان يحدد حجم ومدى مشاركته (لوجستيا) في العمليات، ومن المتوقع ألا يتورط في الحرب بشكل مباشر ومعلن.
رغم حالة الانقسام في المجتمع الاردني حول (موقف الاردن من التدخل العسكري) الا ان اغلبية الاردنيين تتفق على ضرورة حسم (الملف) السوري نظرا لما ترتب على الاردن من (اثمان) باهظة نتيجة هذا الصراع الدموي، كما ان معظم الاردنيين لا يتعاطفون مع النظام هناك، وهم مع اي حل يساعد في انهاء (معاناة) الشعب السوري الذي تعرض لاسوأ عملية (ابادة) في العصر الحديث.
في سياق ذلك، يمكن للموقف الرسمي ان يبحث عن (مواقف) تنسجم مع هذه التطلعات والانطباعات الشعبية، ومع الاستحقاقات السياسية والدولية ايضا، وهنا يبدو ذلك ممكنا في اطار يقوم على 1- التنسيق مع المجتمع الدولي للضغط على النظام ومعاقبته لكسر حالة تفوق (القوة) التي تسمح له بمواصلة اعمال القتل والقمع، ودفعه بالتالي الى التنازل عن مواقفه والعوده الى (الخيار السياسي) ، 2- الاصرار على عدم الانخراط في العملية العسكرية مهما كانت الضغوطات ، ورفض استخدام الاراضي الاردنية منطلقا او معبرا لها 3- وضع كل التدابير اللازمة لحماية الامن الاردني والدفاع عنه والحفاظ على استقراره، واتخاذ ما يلزم من اجراءات تحسبا لاية سيناريوهات او مفاجآت او ردود، 4- ضرورة التواصل مع حلفاء (النظام) كايران وروسيا لتوضيح الموقف الاردني وتأمين (تفاهمات) سياسية تضمن للاردن ان يظل بعيدا عن اية ردود تستهدف امنه، كما تطمئن هذه الدول على ان الاردن ليس طرفا في (الصراع) وان علاقته بها لن تتأثر به ، 5- الاستعداد لما بعد (الضربات العسكرية) سواء على الصعيد السياسي او الميداني، واعتقد ان دور الاردن في هذه المرحلة سيتصاعد سواء اذا بقي النظام السوري او فيما لو سقط.
اعتقد ان لدى (المطبخ السياسي) ما يلزم من قراءات وسيناريوهات وحسابات، ولكن من المهم ان نتقدم خطوة في اطلاع الرأي العام على (الصورة)، وان يقسم خطابنا السياسي بالمزيد من الوضوح والدقة ويخرج من حالة الغموض والارتباك، وان نبدأ منذ الان (بالعمل) على تماسك الجبهة الداخلية وعدم انشغالها او استفزازها باية مقررات او مفاجآت.
باختصار، يبدو الاردن امام (الجبهة السورية) المفتوحة على المجهول وكأنه يسير في حقل (الغام)، فلكل موقف ثمنه وضريبته وحساباته المعقدة، وما دام انه لا يستطيع ان يجلس على (الشرفة) او ان ينتظر ما يقرره الاخرون او ان يتدخل بشكل سافر في الملف الملغوم، على الاقل عسكريا، فان ضيق الخيارات وضغط العامل الجغرافي والسياسي يجعله مضطرا لتقديم خطوة والتأخر خطوتين، ومضطرا لممارسة سياسة الكر والفر، تمهيدا لما بعد الضربة العسكرية التي قد تنجح في تغيير او تعديل قواعد اللعبة.
(الدستور)
الان، يبدو الاردن امام اضطرار “التكيّف” مع الموقف الدولي “الغربي والاقليمي تحديدا”، وهذا الاضطرار يمكن الاستناد اليه وفهمه في اطار (حسابات سياسية) اردنية باتجاهين: احدهما تفرضه (الجغرافيا) حيث ان ما يحدث في سوريا وما يمكن ان تتطور اليه الاحداث وضع الاردن في دائرة (الخطر) لا فيما يتعلق باللاجئين فقط، وانما بمستقبل الدولة السورية، والفاعلين في ساحة الصراع وخاصة (الاسلاميين المتطرفين)، وامكانية تقسيم سوريا الى كانتونات وانعكاساتها على المنطقة... واعتبار (الجوار). هذا جعل القرار السياسي الاردني (غامض)، فهو من جهة يسعى الى الالتزام (بالحلول السياسية) وهو من جهة ثانية لا يستطيع ان (يتفرج) على مشهد الدم والقتل والصراع الاهلي هناك، وبالتالي لم يعد امامه سوى التوافق مع (المجتمع الدولي) من خلال توجيه ضربات عسكرية لاضعاف النظام تمهيدا -ربما- للعودة الى الخيار (السياسي) اذا ما نجح التدخل العسكري في دفع النظام للاذعان لمطالب المعارضة.
اما الاتجاه الاخر فهو اضطرار تفرضه التحولات السياسية في المنطقة، والاردن هنا يحاول التوفيق بين الالتزام (بالموقف الغربي الاقليمي المتحالف ضد النظام) وبين المصالح الاردنية التي تفرض عليه عدم الانجرار الى حرب -ربما تكون دولية- وما يمكن ان تحمله من نذر خطيرة تؤثر على استقرار المنطقة، ووفق هذه المعادلة اعلن وزير الخارجية الاردني ان (الاردن لن يكون منطلقا لاي عمل عسكري) وهذا ربما يبدو صحيحا اذا ما ادركنا ان العملية العسكرية ستنحصر في توجيه (صواريخ كروز) من البوارج الغربية التي وصلت الى المتوسط، لكن لا يستطيع الاردن الذي استضاف اجتماع (الجنرالات) من عشر دول، ان يبقى بعيدا عن الميدان، وفي ضوء ذلك يمكن ان يحدد حجم ومدى مشاركته (لوجستيا) في العمليات، ومن المتوقع ألا يتورط في الحرب بشكل مباشر ومعلن.
رغم حالة الانقسام في المجتمع الاردني حول (موقف الاردن من التدخل العسكري) الا ان اغلبية الاردنيين تتفق على ضرورة حسم (الملف) السوري نظرا لما ترتب على الاردن من (اثمان) باهظة نتيجة هذا الصراع الدموي، كما ان معظم الاردنيين لا يتعاطفون مع النظام هناك، وهم مع اي حل يساعد في انهاء (معاناة) الشعب السوري الذي تعرض لاسوأ عملية (ابادة) في العصر الحديث.
في سياق ذلك، يمكن للموقف الرسمي ان يبحث عن (مواقف) تنسجم مع هذه التطلعات والانطباعات الشعبية، ومع الاستحقاقات السياسية والدولية ايضا، وهنا يبدو ذلك ممكنا في اطار يقوم على 1- التنسيق مع المجتمع الدولي للضغط على النظام ومعاقبته لكسر حالة تفوق (القوة) التي تسمح له بمواصلة اعمال القتل والقمع، ودفعه بالتالي الى التنازل عن مواقفه والعوده الى (الخيار السياسي) ، 2- الاصرار على عدم الانخراط في العملية العسكرية مهما كانت الضغوطات ، ورفض استخدام الاراضي الاردنية منطلقا او معبرا لها 3- وضع كل التدابير اللازمة لحماية الامن الاردني والدفاع عنه والحفاظ على استقراره، واتخاذ ما يلزم من اجراءات تحسبا لاية سيناريوهات او مفاجآت او ردود، 4- ضرورة التواصل مع حلفاء (النظام) كايران وروسيا لتوضيح الموقف الاردني وتأمين (تفاهمات) سياسية تضمن للاردن ان يظل بعيدا عن اية ردود تستهدف امنه، كما تطمئن هذه الدول على ان الاردن ليس طرفا في (الصراع) وان علاقته بها لن تتأثر به ، 5- الاستعداد لما بعد (الضربات العسكرية) سواء على الصعيد السياسي او الميداني، واعتقد ان دور الاردن في هذه المرحلة سيتصاعد سواء اذا بقي النظام السوري او فيما لو سقط.
اعتقد ان لدى (المطبخ السياسي) ما يلزم من قراءات وسيناريوهات وحسابات، ولكن من المهم ان نتقدم خطوة في اطلاع الرأي العام على (الصورة)، وان يقسم خطابنا السياسي بالمزيد من الوضوح والدقة ويخرج من حالة الغموض والارتباك، وان نبدأ منذ الان (بالعمل) على تماسك الجبهة الداخلية وعدم انشغالها او استفزازها باية مقررات او مفاجآت.
باختصار، يبدو الاردن امام (الجبهة السورية) المفتوحة على المجهول وكأنه يسير في حقل (الغام)، فلكل موقف ثمنه وضريبته وحساباته المعقدة، وما دام انه لا يستطيع ان يجلس على (الشرفة) او ان ينتظر ما يقرره الاخرون او ان يتدخل بشكل سافر في الملف الملغوم، على الاقل عسكريا، فان ضيق الخيارات وضغط العامل الجغرافي والسياسي يجعله مضطرا لتقديم خطوة والتأخر خطوتين، ومضطرا لممارسة سياسة الكر والفر، تمهيدا لما بعد الضربة العسكرية التي قد تنجح في تغيير او تعديل قواعد اللعبة.
(الدستور)