و المناظرة الكبرى !
حسين الرواشدة
جو 24 : في كتابه الجديد من نحن: المناظرة الكبرى حول امريكا يتساءل هنتنجتون عن هوية امريكا ، ويقول: ان ابن لادن قد حدد بدقة الهوية المسيحية لامريكا منذ هجمات 11 أيلول ، كما حدد بدقة اعداءها الحقيقيين ، خاصة بعد ان انتهى الخطر الشيوعي الذي كان مصدر التهديد الاول لامريكا ، وهؤلاء الاعداء في نظره هم المتشددون الاسلاميون الذين نجحوا - كما فعل الشيوعيون في الحرب الباردة - بتشكيل شبكة من الخلايا عبر العالم ، هدفها الاول محاربة امريكا.
وفي رده على سؤال طرحه الكاتب الامريكي (اسمه جون ابدايك): ما جدوى ان تكون امريكا بدون الحرب الباردة؟ يرى صاحب كتاب صراع الحضارات ان النظرية الاجتماعية والشواهد التاريخية تدل على ان عدم وجود عدو خارجي أو آخر يشجع على الوحدة الداخلية سيقلل - بالتأكيد - من وجود امة قوية ومتماسكة ، وهذا يفترض الانتباه الى ضرورة الاهتمام بالهوية الامريكية وأساسها الانجلو - بروتستانتي وحمايتها من الانقسام اللغوي والثقافي لكي تستطيع ان تواجه التهديد الاسلامي.
هنتنجتون يتنبأ بأن القرن الحادي والعشرين سيكون قرن الدين بامتياز ، فالنماذج العلمانية الغربية للدولة قد تم استبدالها في اكثر من دولة في العالم: في امريكا رأى نحو %60 عام م2002 ان التنبؤات الغيبية في سفر الرؤيا ستتحقق ، وفي روسيا اعتبرت الارثوذكسية أمراً جوهرياً ، كما صعد نجم الدين في بلدان كتركيا والهند وغيرهما ايضا.
امريكا المنقسمة على ذاتها - كما وصفها باحثان امريكيان - وجدت - على ما يبدو - في وصفة هنتنجتون مخرجاً لانقسامها ومخاوف تلاشي هويتها ، ومع ان الكثيرين راهنوا على تغيير ما في هذه الرؤية مع قدوم اوباما الا ان ثمة ما يشير الى ان الحرب على الارهاب بصورتها البوشية ما تزال تحتل اجندة الاولويات لديها خاصة بعد ان عادت القاعدة مجددا لتتصدر الاستراتيجيات السياسية والامنية لدى صناع القرار في واشنطن.
في هذا الاطار الذي حدده هنتنجتون يمكن ان نفهم مسارات الاحداث في العقود القادمة من جهة علاقتنا مع الغرب: ما حدث من تنامي لصور العداء ضد كل ما هو اسلامي في اوروبا (آخرها ما جرى في السويد وبلجيكا والمانيا وفرنسا..الخ) ، وما حصل من اعادة انتاج لبعبع الخطر الاسلامي في مواجهة الهويات الغربية ، ثم ما جرى على صعيد صناعة الارهاب بدمغة اسلامية وتمويله وربما استخدامه لتأجيج الاسلاموفوبيا واعادة ضبط بوصلة السياسات الغربية - عموماً - في اتجاه العدو الجديد القادم من الشرق.
هل يستطيع الاعتدال الاسلامي ان يدحض نظرية هنتنجتون الجديدة القديمة؟ هل يمكن لحلول مقنعة من داخل التربة الاسلامية ان تواجه الارهاب الذي تتبناه القاعدة لتفويت الفرصة على الآخر الذي يتذرع به للاستمرار في حروبه ومواقفه ضد عالمنا الاسلامي؟ هل بوسعنا ان نطرح سؤال المناظرة الكبرى على ضفتنا نحن ، لا من اجل تحديد من نحن؟ وما هي هويتنا فقط ، وانما لمعرفة من هم اعداؤنا بدقة وكيف يمكن ان نواجههم؟
ليست امريكا وحدها المنقسمة على ذاتها ، وانما نحن ايضا ، وليست حلول الحرب الباردة الجديدة هي التي ستخلص عالمنا من شروره وحروبه ، وانما ثمة حلول اخرى لا بد ان تجرب ، وفي مقدمتها: الحوار والتفاهم ، وقبله استعادة عالمنا الاسلامي ما افتقده من قوة ووحدة وحضور ، ومن تدين حقيقي يستطيع ان يواجه مقاصد الارهاب والتشدد التي خرجت من ازمة الصدام غير المفهوم بين المسلم وأخيه ، وبين المسلم والآخر ، بعكس المقاصد التي قررها الاسلامي كرسالة سماوية نزلت لحماية كرامة الانسان وحياته ، والدفاع عن حقوقه ومصالحه.. واسعاد البشرية ايضاً.
مطلوب من الاعتدال الاسلامي اليوم أن يرد على اسئلة المناظرة الكبرى فهل يستطيع؟،
الدستور
وفي رده على سؤال طرحه الكاتب الامريكي (اسمه جون ابدايك): ما جدوى ان تكون امريكا بدون الحرب الباردة؟ يرى صاحب كتاب صراع الحضارات ان النظرية الاجتماعية والشواهد التاريخية تدل على ان عدم وجود عدو خارجي أو آخر يشجع على الوحدة الداخلية سيقلل - بالتأكيد - من وجود امة قوية ومتماسكة ، وهذا يفترض الانتباه الى ضرورة الاهتمام بالهوية الامريكية وأساسها الانجلو - بروتستانتي وحمايتها من الانقسام اللغوي والثقافي لكي تستطيع ان تواجه التهديد الاسلامي.
هنتنجتون يتنبأ بأن القرن الحادي والعشرين سيكون قرن الدين بامتياز ، فالنماذج العلمانية الغربية للدولة قد تم استبدالها في اكثر من دولة في العالم: في امريكا رأى نحو %60 عام م2002 ان التنبؤات الغيبية في سفر الرؤيا ستتحقق ، وفي روسيا اعتبرت الارثوذكسية أمراً جوهرياً ، كما صعد نجم الدين في بلدان كتركيا والهند وغيرهما ايضا.
امريكا المنقسمة على ذاتها - كما وصفها باحثان امريكيان - وجدت - على ما يبدو - في وصفة هنتنجتون مخرجاً لانقسامها ومخاوف تلاشي هويتها ، ومع ان الكثيرين راهنوا على تغيير ما في هذه الرؤية مع قدوم اوباما الا ان ثمة ما يشير الى ان الحرب على الارهاب بصورتها البوشية ما تزال تحتل اجندة الاولويات لديها خاصة بعد ان عادت القاعدة مجددا لتتصدر الاستراتيجيات السياسية والامنية لدى صناع القرار في واشنطن.
في هذا الاطار الذي حدده هنتنجتون يمكن ان نفهم مسارات الاحداث في العقود القادمة من جهة علاقتنا مع الغرب: ما حدث من تنامي لصور العداء ضد كل ما هو اسلامي في اوروبا (آخرها ما جرى في السويد وبلجيكا والمانيا وفرنسا..الخ) ، وما حصل من اعادة انتاج لبعبع الخطر الاسلامي في مواجهة الهويات الغربية ، ثم ما جرى على صعيد صناعة الارهاب بدمغة اسلامية وتمويله وربما استخدامه لتأجيج الاسلاموفوبيا واعادة ضبط بوصلة السياسات الغربية - عموماً - في اتجاه العدو الجديد القادم من الشرق.
هل يستطيع الاعتدال الاسلامي ان يدحض نظرية هنتنجتون الجديدة القديمة؟ هل يمكن لحلول مقنعة من داخل التربة الاسلامية ان تواجه الارهاب الذي تتبناه القاعدة لتفويت الفرصة على الآخر الذي يتذرع به للاستمرار في حروبه ومواقفه ضد عالمنا الاسلامي؟ هل بوسعنا ان نطرح سؤال المناظرة الكبرى على ضفتنا نحن ، لا من اجل تحديد من نحن؟ وما هي هويتنا فقط ، وانما لمعرفة من هم اعداؤنا بدقة وكيف يمكن ان نواجههم؟
ليست امريكا وحدها المنقسمة على ذاتها ، وانما نحن ايضا ، وليست حلول الحرب الباردة الجديدة هي التي ستخلص عالمنا من شروره وحروبه ، وانما ثمة حلول اخرى لا بد ان تجرب ، وفي مقدمتها: الحوار والتفاهم ، وقبله استعادة عالمنا الاسلامي ما افتقده من قوة ووحدة وحضور ، ومن تدين حقيقي يستطيع ان يواجه مقاصد الارهاب والتشدد التي خرجت من ازمة الصدام غير المفهوم بين المسلم وأخيه ، وبين المسلم والآخر ، بعكس المقاصد التي قررها الاسلامي كرسالة سماوية نزلت لحماية كرامة الانسان وحياته ، والدفاع عن حقوقه ومصالحه.. واسعاد البشرية ايضاً.
مطلوب من الاعتدال الاسلامي اليوم أن يرد على اسئلة المناظرة الكبرى فهل يستطيع؟،
الدستور