صنديب: الربيع العربي هو إمتحان للمعارضة والحكم البديل معا

جو 24 : أسعد العزوني- قال رئيس مجموعة التطلعات الدولية "الفورسايت"ومقرها الهند ،د.واسليكار صنديب ،أن منطقة الوانا تعاني من الصراعات المسلحة المستمرة ،وفي مقدمتها الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

وأضاف في حوار على هامش جلسات المنتدى الخامس لمنطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا"الوانا" في عمان، أن الوانا مضطرب ويشهد تحديات كبيرة وكثيرة منذ احداث الربيع العربي عام 2010.

ولدى سؤاله على سؤال يتعلق بتداعيات سد النهضة الإثيوبي على العلاقات المصرية –الإثيوبية ،أجاب الخبير الدولي في مجال المياه أن البلدين يتجهان للمفاوضات بدال من الحرب ،للتفاهم حول إتفاقية جديدة للنيل.

أما بخصوص الربيع العربي فقال صنديب أنه يعد إمتحانا للمعارضة والحل البديل معا.
وتاليا نص الحوار:

** كيف تنظر إلى واقع منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا"الوانا"؟
-الوضع في هذذا الإقليم مضطرب ومقلق ، وهناك تحديات، وأحداث دراماتيكية، في بعض الأماكن،وخاصة تلك الأحداث التي إنطلقت اواخر العام 2010 وبدأت في تونس ثم إمتدت للعديد من البلدان العربية وهاهي تشمل تركيا أيضا،ويطلق عليها في البلدان العربية "الربيع العربي".
علما أن سوريا ولبنان وتركيا والأردن قطعت شوطا من التعاون بتوقيعها إتفاقية للتجارة الحرة عام 2010 ،وكانت الرغبة تحدوها لإنضمام العراق لهذه الإتفاقية لتحسين العلاقات الإقتصادية والثنائية والمالية،كما أن التعاون السلمي ساد العلاقات العربية والإسلامية بشكل عام ،لكن إندلاع الثورات العربية أدخل التوتر من جديد إلى المنطقة وفي العديد من البلدان.
**كما هو معروف فإن منطقة " الوانا" تعاني من شح المياه ،ما الطريقة المثلى للتغلب على هذه المشكلة؟
- نحن بحاجة إلى أمرين الأول داخلي وهو ترشيد المياه والإستعانة بالتقنية الجديدة ،وأن نحضر جيدا للزراعة والبيئة ،وأن نمارس الحصاد المائي ونعالج المياه.
أما الأمر الثاني فهو التعاون الثنائي وبطريقة ملموسة على أرض الواقع ،وأن نؤسس بنكا للمعلومات المائية ،وأن نهتم بالزراعة وبإدارة نوعية المياه ،والتغير المناخي.
** كخبيرمائي ،هل تعتقد أن مصر وأثيوبيا تتجهان لحرب بسبب سد النهضة الأثيوبي؟
-رغم أن الموقف الحالي بين مصر وأثيوبيا قلق ومحرج بسبب سد النهضة الأثيوبي ،إلا أنني لا أعتقد أن البلدين يتجهان للحرب ،بل سيذهبان إلى التفاوض لإيجاد حل مرضي لتعديل إتفاقية النيل عن طريق الحوار .
في تقريرنا الأخير بعنوان:"السلام الأزرق للنيل"،وضعنا حلولا سلمية للمسألة ،وكما هو معروف فإن المشكلة بين البلدين تكمن في الإتفاقية التي سيتم توقيعها بينهما ،وهما بحاجة إلى خلق جمعية قانونية وشرعية لبحث الخيارات القانونية ،ومن ثم رفعها إلى كل من الرئيس ورئيس الوزراء في كلا البلدين بدلا من وزارة المياه.
يجب على الإتفاقية الشاملة أن تأخذ الإحتياجات الحلية والمستقبلية المائية للإقليم قبل الشروع في وضع الحلول،وتقول المادة السادسة أن المطلوب هو إدارة نوعية المياه ،إضافة إلى ضبط جودة المياه من قبل الجميع،كما أن عليهم مناقشة ملكية السدود وجانبي النهر.
ما لدينا من معلومات أن مصر تقبل بأن تكون سعة سد النهضة 15 مليار متر مكعب من المياه بينما تقول أثيوبيا أنها تريد أن تكون سعته 70 مليار متر مكعب ،وأغلب الظن أنهما سيتفقان على 30-35 مليارا،وربما تقبل مصر بشراء بعض إحتياجاتها من الكهرباء من أثيوبيا لحل المشكلة.
** ما هي قراءتكم لواقع منطقة الشرق الأوسط بالتحديد؟
-هناك قلق شديد بسبب عدم الإستقرار فيها ،ونحن هذه الأيام نشهد توترات أخرى في العارق وسوريا والأردن إضافة إلى التوتر الفلسطيني –الإسرائيلي،كما أن المشكلة الطائفية في العراق تتفجر ،وهناك مشاكل إثنية وعلمانية في كل من تركيا ومصر،،وما تزال ليبيا تعاني من عدم الإستقرار، ونشهد حربا أهلية في سوريا راح ضحيتها 100 ألف قتيل ومئات الآلاف من الجرحى إضافة إلى ثلاثة ملايين مهجر.
**ماهي الطريقة المثلى لتعديل المسار في المنطقة؟
---يجب أن تكون قيم السلام والتعاون هي مفتاح الحلول في المنطقة،وعندما تتوفر الإرادة السياسية تتوفر الحلول في المنطقة ،بمعنى أن الحل السياسي هو الخطوة الأولى للإستقرار في المنطقة.
لقد عانت أوروبا من حرب كونية راح ضحيتها 50 مليون شخص ،وتعرضت القارة الأوروبية بأكملها للدمار ،لكن المانيا وفرنسا العدوين اللدودين تجاوزا الماضي وخلقا تعاونا في مجال الفحم والحديد ،وبعد ذلك جاء دور التجارة من خلال السوق الأوروبية المشتركة،وإنضم لهما الجميع ووصلوا إلى الإتحاد الأوروبي.
يستطيع الشرق الأوسط التعاون من خلال المياه والبيئة لأهميتهما في حياة المنطقة وشعوبها.
كما أن امريكا لجنوبية شهدت هي الخرى صراعات داخلية مسلحة ،لكن رئيس جمهورية كوستاريكا قرر وقف الحرب وتعهد بإحلال السلام وأقنع الجميع بذلك،وهاهي أمريكا الجنوبية قوية متحدة وبسبب ذلك حصل رئيس جمهورية كوستاريكا على جائزة نوبل للسلام.
** ما هي قراءتك ل"الربيع العربي"؟
-لا أحد يعارض نظاما خاطئا ،فالأسهل معارضة النظام الفاسد والظالم،وأن يكون هناك أمل بإسقاطه ،لكن الأصعب هو تقرير ما هو البديل الإيجابي،سهل أن نعارض لكن المهم هو العمل الإيجابي ومعرفة ماذا نريد.
أستطيع القول أن "الربيع العربي"هو بمثابة إمتحان للمعارضة والبديل معا وها هي مشكلة غالبية مناطق العالم،أي أن المعارضة بدون وضع البديل ،دليل على أن المشكلة في الفكرة وليس في السياسة.
** كيف يمكن لنا أن نحقق التنمية المستدامة؟
-السلام والتنمية وجهان لعملة واحدة فإذا إمتلكنا أحدهما فإننا حتما سنمتلك الثاني ،فالسلام أساس التنمية والتنمية أساس السلام.
المواطنون والحكام مسؤولون جميعا عن ذلك ،فالشعب هو المسؤول عن فرز النظام الفاسد،وعلى الجميع التفكير ببناء تنمية دائمة وإفراز نظام سياسي نظيف،لأن المسؤولية تقع على مسؤولية الجميع.
**العرب والفلسطينيون وقعوا العديد من المعاهدات والإتفاقيات مع إسرائيل منذ نحو 35 عاما ولا سلام حتى الآن لماذا برأيك؟
-الحل الأمثل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي هو حل الدولتين ،وأن تكون هناك دولة فلسطينية قابلة للحياة ومعترف بها ،وأن يتم تحقيق الأمن لإسرائيل ،لأننا لا نستطيع العودة إلى الخلف.
**كما تلاحظون فإن العالم يركز على سباق التسلح بدلا من تحقيق التنمية المستدامة ..لماذا؟
-هذا السؤال الكبير يتعلق بعالم اليوم والأمس والغد، نعم هناك أسلحة كثيرة وخطيرة ،والأمر يتعلق بالقوة وإمتلاكها ،فالسلاح هو أساس القوة ،وكانت الإبرة هي السلاح القوي قبل عشرة آلاف عام،بعد ذلك جاء الحجر ثم السهام فالمدافع ،والآن نرى الأسلحة النووية ،بمعى أن التقنية غيرت نوعية السلاح.
لقد أوصلت الرغبة في إمتلاك القوة العالم إلى ما نحن عليه من سباق تسلح وصل مداه إلى الفضاء،لذلك فإن المطلوب هو ضبط سباق التسلح والحد من الإنفاق عليه.
هذا السؤال يقودنا لسؤال اكبر هو :هل نريد مجتمعا عالميا يقوم على المباديء الإنسانية والقيم؟إن الجواب على ذلك هو الذي يحدد واقع القرن 21.