الهواري.. اختباء تحت عباءة العدالة والمساوة !!
حاتم الأزرعي
جو 24 :
وهكذا .. أعطى وزير الصحة الدكتور فراس الهواري ظهره لجميع الأصوات المطالبة بعدم تعديل اتفاقية التأمين الصحي مع جمعية المستشفيات الخاصة لشمول العاملين في المؤسسات الحكومية بالعلاج في أقسام الطوارئ بمستشفيات القطاع الخاص من درجتي التأمين الثانية والثالثة.
ولم يلق الوزير بالا كذلك بالاصوات النيابية الملوحة بطرح الثقة فيه ، اذا ما وقع الاتفاقية المعدلة ، وأعلن بالفم المليان ، وعلى الملأ ، خلال اجتماع مع لجنة الصحة النيابية، أن الوزارة " بصدد تعديل اتفاقية التأمين الصحي مع المستشفيات الخاصة وانها تتيح للمستفيدين منها مراجعة أقسام الطوارئ في تلك المستشفيات مقابل 20 % من قيمة العلاج”.
وعقب الضجة التي اثارتها عديد من التصريحات حول تعديل الاتفاقية والنوايا المبيته والأهداف والغايات الخفية لخصخصت القطاع العام ، خرج الوزير بتصريحات يؤكد فيها نفي اي توجه للخصخصة ، ومن باب حسن الظن اريد ان أصدق ، واتجاوز هذه المسألة الى اخرى لا تقل أهمية.
ونتوقف عند مبررات تعديل الاتفاقية ، وفقا للوزير الذي يشير الى ان الهدف من التعديل هو من أجل "المساواة بين جميع فئات المجتمع للحصول على الخدمة ذاتها " ، وهي عبارة تحتاج إلى ترجمة للغة العربية حتى نفهمها وندرك معانيها .
على اي حال دعونا نتجاوز عمومية العبارة وضبابيتها وعدم وضوح ما تعنيه الكلمات التي يبدو ان الوزير ساقها في لحظة توتر وعدم قناعة ذاتية ، ففي مثل هذه الحالات ربما تسقط الكلمات على لسان المتحدث دون أن تمر برقابة عقله وتفكيره الواعي !!.
وعليه يغدو مطلوبا من الوزير ان يفسر للمشتركين بصندوق التأمين الصحي المدني وهم بطبيعة الحال مصدر تمويله، ومن حقهم ان يتأكدوا ويطمئنوا الى ان التعديل يحقق العدالة والمساواة بين المشتركين ، ولا اقول فئات المجتمع فالصندوق لا ينفق على علاجهم ، أليس كذلك ؟! .
والعدالة في سياق حديث الوزير اذا يفترض انها تخص المشتركين بالتامين ولا احد غيرهم ، ولا قبلهم او بعدهم ، وبالتالي تعني ان التعديل على الاتفاقية يتيح للمشتركين جميعا دون استثناء تلقي الخدمات الطبية التي تقدم في أقسام الإسعاف والطوارئ في المستشفيات الخاصة ، هل هذا ما يشير اليه الوزير حين تحدث عن العدالة والمساواة ؟!.
وهنا ينبغي أن نضع عدالة الوزير وفقا لتصريحه المنشور على المحك ، لنختبر مدى مصداقيتها وواقعيتها ، أليس ذلك من حق المشتركين بالتأمين الصحي ، وانا واحد منهم ؟! .
دعونا نستعرض المستشفيات الخاصة المشمولة باتفاقيات المعالجة، حيث تشير المعلومات الرسمية المستقاة من الموقع الالكتروني لإدارة التأمين الصحي الى ان عددها (٥١) مستشفى، تستأثر العاصمة بأكثر من ثلثيها ، فيما لا يتوفر في محافظات الكرك والبلقاء وجرش ومادبا سوى مستشفى خاص واحد لكل منها وتخلو محافظات الطفيلة وعجلون من اي مستشفى خاص على حد علمي ، وأرجو أن أكون مخطئا.
اذا كان هذا حال توزيع المستشفيات الخاصة في محافظات المملكة ، فعن اي عدالة يتحدث الوزير !؟ ، ام إن على المشتركين بالتأمين الصحي في المحافظات التي لا يتواجد فيها مستشفيات خاصة قطع مئات الكيلومترات في حالة طارئة للوصول إلى أقسام الإسعاف في مستشفيات محافظات اخرى لتلقي الرعاية الاسعافية ؟؟ اي منطق يقبل ذلك ويستوعبه؟! وما هو شكل العدالة في هذه الحالة ؟!.
ومن جانب آخر ، تشير مصادر مطلعة الى ان اتفاقية المعالجة مع المستشفيات الخاصة التي تشمل الدرجة الخاصة والاولى تحمل صندوق التأمين الصحي سنويا حوالي ١٣ مليون دينار ومثلها او اقل سيتحمل الصندوق حال شمول الفئة الثانية والثالثة، فهل من العدالة ان تنفق هذه المبالغ الباهظة على من يتاح لهم من المشتركين الوصول للمستشفيات الخاصة ويحرم منها الاغلبية من المشتركين الذين لا تتوفر في محافظاتهم مستشفيات خاصة ؟!.
والسؤال الاخير هل من العدالة ان تنفق مبالغ طائلة على المستشفيات الخاصة ، وتخرم منها مستشفيات الوزارة ، وهي الاولى بالرعاية والدعم ، لأنها ببساطة ملاذ الاغلبية من ابناء الشعب مؤمنين وغير مؤمنين ؟!.
وزير الصحة الدكتور فراس الهواري ، ، وانت تهم بتوقيع ملحق اتفاقيات المعالجة مع المستشفيات الخاصة ، فكر مليا في جوهر العدالة ، وستجد انك تحيد عنها وتخون مبادئها ومعاييرها وأصول الوصول إليها، ولا توقع على ما ستندم عليه طوال حياتك ،لغياب معايير العدالة والمساواة .