خيار بين جحيمين!!
خيري منصور
جو 24 : تلك حكاية كلما أوشكنا ان ننساها جاد لنا التاريخ الغاشم بما يعيدها الى الذاكرة، انها عن عدو بطح عربياً تحت قدميه وأخذ يضربه حتى اصاب ذراعه الاعياء عندئذ، قال له... إبقّ كما أنت حتى أعود، وما كان من الضحية إلا أن تحولت بالفعل الى قطيّة، وهناك رواية أخرى تقول ان الجلاد اضطر لقضاء حاجة فأمر الضحية الخرساء أن تبقى كما هي جاثية على ركبتيها!!
لن نقول ما يقوله الآخرون وهو ما أشبه الليلة بالبارحة، لسببين أولهما أن مراوغة الثعالب تحولت الى مواجهة بالأنياب والمخالب، وثانيهما أن البارحة لم تصل الى هذا الحدّ من الاذعان ولعق الأحذية، وتغميس الرّغيف في ثريد جديد هو مزيج دم الأخ بلعاب قاتله!
فالعربي الجريح الآن هو الحائط الأوطأ بين كل الحيطان في هذا الكوكب، دمه مهدور منذ الولادة، وعليه فقط أن يختار الموت الذي يشتهيه، صلباً أو شنقاً أو نفياً أو كمداً وكظم غيظ.
وعليه أن يعترف بكل ما لم يقترف لأنه مطلوب حياً وميتاً وغنياً وفقيراً ومقاوماً ومستسلماً، واذا كان المقصود بالبارحة بغداد، فذلك خطأ جسيم لأنها لم تكن الأولى التي نهشت الضباع لحمها وامتصت نخاعها بعد أن فرغت منها النمور والفهود وسائر الضواري!
عودوا قليلاً الى الوراء اذا توفر لكم قليل من الوقت بعد التسوق والتجشؤ والتثاؤب والنميمة واقرأوا سطوراً لابن اياس عن مصر التي أكل فيها الجياع بغلة القاضي وهي حيّة أو الى ابن الأثير الذي شاهد مآذن من جماجم أهله عشية السقوط الأول، عندما قتل الغزاة والي المدينة لأنه قدم له صناديق لا عدد لها من المجوهرات، عندئذ قال له الغازي سأقتلك لأنك لم تحول هذه الثروة الى أدوات تدافع بها عن مدينتك!
هكذا إذن، تصدق على هذا التاريخ حكاية جُحا، سواء كان عربياً أو تركياً أو فارسياً، فمن يدافع عن مدينته مقتول ومن يدخر المجوهرات بدلاً من السلاح مقتول.
لكن لماذا نعود الى جُحا المتعدد الجنسيات والمواهب، ما دام الفلسطيني صالح برانسي قد روى الحكاية من ألفها الى يائها أو ان شئتم من طقق الى شالوم عليكم.
قال ابن قرية الطيبة المحتلة عام 1948 أن الضابط اليهودي بلوم كان يعاقب أهل القرية اذا مروا به وحيوه! ثم يعود في اليوم التالي لمعاقبتهم مرة أخرى لأنهم صمتوا ولم يريدوا ازعاجه..
انه خيار بين جحيمين، واحتلالين، فأية بارحة تلك وأية ثعالب؟؟
(الدستور)
لن نقول ما يقوله الآخرون وهو ما أشبه الليلة بالبارحة، لسببين أولهما أن مراوغة الثعالب تحولت الى مواجهة بالأنياب والمخالب، وثانيهما أن البارحة لم تصل الى هذا الحدّ من الاذعان ولعق الأحذية، وتغميس الرّغيف في ثريد جديد هو مزيج دم الأخ بلعاب قاتله!
فالعربي الجريح الآن هو الحائط الأوطأ بين كل الحيطان في هذا الكوكب، دمه مهدور منذ الولادة، وعليه فقط أن يختار الموت الذي يشتهيه، صلباً أو شنقاً أو نفياً أو كمداً وكظم غيظ.
وعليه أن يعترف بكل ما لم يقترف لأنه مطلوب حياً وميتاً وغنياً وفقيراً ومقاوماً ومستسلماً، واذا كان المقصود بالبارحة بغداد، فذلك خطأ جسيم لأنها لم تكن الأولى التي نهشت الضباع لحمها وامتصت نخاعها بعد أن فرغت منها النمور والفهود وسائر الضواري!
عودوا قليلاً الى الوراء اذا توفر لكم قليل من الوقت بعد التسوق والتجشؤ والتثاؤب والنميمة واقرأوا سطوراً لابن اياس عن مصر التي أكل فيها الجياع بغلة القاضي وهي حيّة أو الى ابن الأثير الذي شاهد مآذن من جماجم أهله عشية السقوط الأول، عندما قتل الغزاة والي المدينة لأنه قدم له صناديق لا عدد لها من المجوهرات، عندئذ قال له الغازي سأقتلك لأنك لم تحول هذه الثروة الى أدوات تدافع بها عن مدينتك!
هكذا إذن، تصدق على هذا التاريخ حكاية جُحا، سواء كان عربياً أو تركياً أو فارسياً، فمن يدافع عن مدينته مقتول ومن يدخر المجوهرات بدلاً من السلاح مقتول.
لكن لماذا نعود الى جُحا المتعدد الجنسيات والمواهب، ما دام الفلسطيني صالح برانسي قد روى الحكاية من ألفها الى يائها أو ان شئتم من طقق الى شالوم عليكم.
قال ابن قرية الطيبة المحتلة عام 1948 أن الضابط اليهودي بلوم كان يعاقب أهل القرية اذا مروا به وحيوه! ثم يعود في اليوم التالي لمعاقبتهم مرة أخرى لأنهم صمتوا ولم يريدوا ازعاجه..
انه خيار بين جحيمين، واحتلالين، فأية بارحة تلك وأية ثعالب؟؟
(الدستور)