سقط الغرب في اول اختبارعملي، وتجلى زيف الحضارة لديه..
أ.د احمد القطامين
جو 24 :
"انتم العرب عاطفيون لا تفكرون كثيرا باستخدام العقل، تنفعلون بسرعة فتصبح قراراتكم متسرعة تتبع العاطفة لا العقل".. سمعت هذه العبارات مرات ومرات من زملائنا الغربيين عندما نلتقي بهم في المؤتمرات العلمية او الندوات الاقتصادية او المناسبات الاخرى التي تجمعنا بهم.. واخيرا ثبت انهم اكثر انفعالا منا واكثر عجزا عن استخدام العقل وابعد عن ضبط النفس والتروي عندما يشعرون بتهددد حقيقي. فمباشرة مع اجتياز اول دبابة روسية الحدود الى داخل اراضي اوكرانيا فقد الغرب صوابه وانفعل وتخبط وصار كالفيل المجنون يحطم كل شئ حوله وسقطت مقولته عن ان العرب عاطفيين واصبح غربا ليس عاطفيا فحسب بل تنقصه البصيرة ويقوده زعماء تنقصهم الحكمة والحد الادنى من القدرة على التماسك في الظروف الصعبة والاستثنائية، ان اسوأ ما تمر به اية حضارة هو ان تفقد بعدها الاخلاقي.
ان الحضارة سلوك انساني ركيزته الاساسية وجود بنية تحتية اخلاقية صارمة تعتمد معايير انسانية ثابته للحكم على الظواهر والاشياء في حياة البشرية بغض النظر عن الزمان والمكان الذي تتفاعل فيه هذه الظواهر والاشياء. الا ان الغرب وحضارته المعوجة يرى في لون عيون اللاجئين الاوكرانبن الزرقاء مبررا للوقوف معهم بلا حدود في محنتهم الحالية بينما لون عيون العرب والمسلمين السوداء لا تستحق وقفة داعمة لهم امام تغول الصهاينة واتباعهم على دمهم وكرامة شعوبهم وحق اطفالهم في الحياة الكريمة.
ان الاتساق في الحكم على المواقف بحيادية يعد المعيار الاشمل والاكثر دلالة على وجود حضارة حقيقية من حيث المبدأ، اما التقلب والتلون حسب المصالح فهو دليل على وجود حضارة ينخرها الفساد، وبالتالي تصبح حضارة فقدت احدى اهم دعائمها وهوالداعم الانساني، وتصبح حضارة مرشحة سريعا للانهيار والتلاشي.
المؤكد ان الغرب قد فقد الكثير من قيمه التي كان يدعيها وكانت بالنسبة لنا نحن شعوب العالم غير الغربي نعرف زيف تلك القيم ونعرف ان مواقف تلك الحضارة تنتجها مصالح الانانية الضيقة لكنهم هم انفسهم لم يدركوا ذلك محملين كل مواقفهم الشائنة على شماعة الواقعية والبراغماتية ومراعاة نزق المواقف المتعاكسة.
الواضع ان الازمة في اوكرانيا ستحسم تقريبا عندما يتمكن بوتن من تحقيق اهداف تلك الحملة وسيعود الغرب سريعا الى الاعتراف له بما انجزه ثم يعود الغرب للادعاء بما كان يدعيه على الدوام.