برقان يفنّد مزاعم اللوبي النووي ويقدّم البدائل لحلّ أزمة الطاقة
تامر خرمه- انتقد الناشط البيئي د. باسل برقان توجه الحكومة لإنشاء محطة للطاقة النووية في محيط 'قصير عمره' بالبادية الشرقية، مشيرا إلى أن كافّة المحطّات النوويّة التي أنشئت في مختلف دول العالم ما بين عامي 1953- 2003 تمّ بناؤها قرب البحار والأنهار، باستثناء المفاعل النووي الذي أنشأته الولايات الامريكية المتحدة في الأريزونا.
ولفت برقان في تصريحاته التي أدلى بها لـ jo24 إلى أن إقامة بحيرة صناعة في الصحراء لتبريد المفاعل النووي، مع الأخذ بعين الاعتبار لكميّة التبخّر، ستكلّف الدولة ما لا طاقة لها به، ناهيك عن الكلفة المرتفعة لتكرير وجرّ المياه إلى هذه البحيرة، حيث تبلغ كلفة إنشاء المحطّة الواحدة لتكرير المياه العادمة نحو مليار دولار، إذ ينبغي الحصول على المياه العذبة لتبريد المفاعل النووي.
ونوّه بأن البنية التحتيّة في الأردن لا تسمح بإنشاء مثل هذا المفاعل النووي، حيث يبلغ وزن المرجل اللازم لتبريد المفاعل النووي نحو ألف طن، ولا توجد أية آليّة لنقل هذه المراجل من العقبة وتجاوز ارتفاع رأس النقب، أضف إلى ذلك أن شبكة الضغط العالي غير مهيّئة لاستقبال المحطّتين النوويّتين المقرّر إنشاؤهما باستطاعة 1100 ميغاواط لكلّ منهما، حيث لا تتجاوز استطاعة محطات الإنتاج في القطرانة أو العقبة أو السمرا أو شرق عمان الـ 500 ميغاواط، ما يعني أن على الأردن تغيير شبكة الضغط المحيطة للتمكّن من استقبال محطّات ضخمة، الأمر الذي يزيد من الكلفة العالية.
أمّا فيما يتعلّق باستخدام أزمة الطاقة كمبرّر لإنشاء المفاعل النووي، قال برقان: "إنّنا نحتاج لحلّ أزمة الكهرباء اليوم، وليس بعد 10 سنوات"، لافتا إلى ان بناء المفاعل النووي يحتاج لفترة زمنيّة تتراوح ما بين 10- 15 عاما، "فالأوروبيون بدؤوا ببناء آخر محطّة نوويّة في العام 2005، ومن المتوقّع الانتهاء من بنائها في العام 2016، رغم كلّ التجهيزات والإمكانات المتوافرة في الدول المتقدّمة".
وأشار إلى أنّه كان من المفترض البدء بمشروع "الغاز المسال" منذ العام 2011، لحلّ مشكلة انقطاع الغاز المصري، إلا انّه من غير المتوقّع إنجاز هذا المشروع قبل العام 2017. وتابع: "الأبنية المفترض تشييدها على الدوار الخامس والدوار السادس لم تكتمل حتى اليوم، فما بالك بإنشاء محطة للطاقة النوويّة ؟!".
وأضاف برقان: "الحلّ متاح لتجاوز أزمة الكهرباء، وذلك من خلال ترشيد استهلاك الطاقة، كما يمكن منح قروض لموظفي القطاع العام من أجل التزوّد بالسخّانات الشمسيّة"، مشيرا إلى أن عدد المنازل في الأردن يبلغ مليون منزلا، 11.7 % منها فقط مزوّد بالسخانات الشمسيّة.
ولفت إلى أن هذه الخطوة من شأنها في حال الإقدام عليها توفير ما نسبته 20- 30 % من الطاقة. وأضاف: "الكيان الصهيوني مثلا استطاع توفير 90 % من كميّة الطاقة المستهلكة عبر استغلال أشعة الشمس".
وانتقد إصرار الأردن الرسمي على بناء المفاعل النووي في الوقت الذي قرّرت فيه دول العالم المتقدّم، ورغم الإمكانيّات المتوافرة لديها، التراجع عن بناء المفاعلات النوويّة، والاتجاه إلى استخدام البدائل المتمثلة بالطاقة المتجدّدة، وذلك رغم المناخ البارد في تلك الدول.
وأشار برقان إلى ان إنشاء محطّة لتحويل الطاقة الشمسيّة إلى كهربائيّة لا يحتاج لأكثر من 5 أشهر، بعكس المفاعل النووي الذي لن يمكّننا من تجاوز أزمة الطاقة قبل عقد من الزمن.
ونوّه بأن الصخر الزيتي يعدّ من مصادر الطاقة البديلة التي يمكن استخدامها إلى جانب الطاقة الشمسيّة، حيث تقوم شركة Invet بحرق الصخر الزيتي منذ سنوات، وفقا للاتفاقية التي وقّعتها الشركة مع الأردن، والتي ستقود إلى إنشاء محطة لتوليد الطاقة باستطاعة 450 ميغاواط مع حلول العام 2017. وأكّد أن استغلال الصخر الزيتي يمكّن من إنتاج الحد الأدنى المطلوب.
وقال برقان: "من المؤسف أن تصرّ الحكومة على تجاهل مصادر الطاقة البديلة وتشرع في بناء مفاعل نووي دون جدوى اقتصاديّة". وأضاف: "إن هذا المشروع غير مجدي اقتصاديا، ولكن مازال هناك من يحاول التحدّث بالأرقام دون الاستناد إلى الشفافيّة المطلوبة".
وتابع: "كان الحديث يدور حول خفض كلفة إنتاج الكهرباء إلى 4- 5 سينتا أمريكيا بعد بناء المفاعل النووي، فهذا ما تحدّث عنه د. خالد طوقان رئيس هيئة الطاقة الذرية الاردنية، ثمّ بدأ الحديث يدور حول 12 سينتا عندما قدّمت الشركة الروسيّة عرضها ببناء المحطة النوويّة بالتشارك مع الأردن، ولكن لم يكن واضحا فيما إذا كان الحديث يتعلق بعمر المحطة المقرّر إنشاؤها أم باوّل 15 سنة فقط".
وزاد برقان: "ثم إن العرض الروسي يقتصر على البناء والإدارة، ولا يشمل معالجة النفايات النوويّة، وإعادة تأهيل الأراضي المحيطة بالمفاعل، ما يزيد الكلفة إلى مليارات الدولارات، ناهيك عن الحماية العسكرية المكلفة أيضا، والتي لا يمكن تجاهل ضرورتها في حال بناء مفاعل نووي".
ولفت إلى أن المؤسّسات الماليّة العالميّة لن تمنح الأردن القرض اللازم لبناء المفاعل النووي نظرا للكوارث التي تتسبّب بها هذه المفاعلات، مشيرا إلى الحادثة التي شهدتها الولايات المتحدة في العام 1978، وحادثة "شرنوبل" في الاتحاد السوفياتي عام 1986، وحادثة "فوكوشيما" في اليابان قبل نحو سنتين، حيث أنفقت طوكيو 24 مليار دولار لتفادي الكارثة. وأضاف: "ولنا أن نتخيّل حجم الكارثة فيما لو وقعت مثل هذه الحوادث في الأردن".
وحول سعي الحكومة لإيجاد شريك استراتيجي يسهم في مشروع المفاعل النووي بنسبة 49 %، قال برقان: "هذا يعني أن الأردن سيضطر إلى تحمّل 51 % من كلفة هذا المشروع، وهو ما لا تستطيع الدولة تحمّله، وحتى إن وجد من يتحمّل الكلفة بالكامل ويقدّم هذا المشروع هديّة بالمجّان، فإنّه لن يحلّ أزمة الطاقة قبل 15 سنة".
وفيما يتعلّق بالاتهامات التي أطلقها د. خالد طوقان حول وجود "أجندة موجّهة سياسيا، بعضها يعمل لأطراف خارجية، تطلق حرب الإشاعات والتهويل والتخويف"، قال برقان: "إن هذه الاتهامات مردودة عليه، فجميع المعارضين للمشروع النووي هم مواطنون أردنيون مضى على عملهم كنشطاء بيئيين عشرات السنوات، ولا يملك أحد أن يتهمهم بمثل هذه الاتهامات، ولكن اللوبي النووي يبحث عن شمّاعة لتبرير مشروعه".
وأضاف برقان: "كما أن وثائق ويكيليكس كشفت حجم التعاون بين هيئة الطاقة الذريّة الأردنيّة ونظيرتها الاسرائيلية، وهذا ما أقرّ به مهندسون يعملون في الهيئة خلال اجتماع عقد بالنقابة العام الماضي، فاسرائيل أعلنت عبر رئيس هيئتها الذريّة أنّها تمانع تخصيب اليورانيوم، ولكنّها لا تمانع إنشاء مفاعل نووي سلمي في الأردن".