في ضوء نتائج الانتخابات.. لبنان وحيدا في وجه عاصفة مدمرة
أ.د احمد القطامين
جو 24 :
انتهت الانتخابات التشريعية اللبنانية وانتجت برلمانا معلقا بلا اغلبية واضحة. البرلمان المعلق بهذه الطريقة لا يناسب بلدا يمر في اخطر مراحل حياته حيث الازمات المتفاقمة جدا في كل شئ تعصف في كيان الوطن الجميل، درة الشرق والوجة الاكثر تحضرا في المنطقة العربية.
اتذكر عندما كنت صغيرا بعد حرب عام 1967 بين الجيوش العربية وجيش الكيان الغاصب، اننا كنا ونحن اطفال في بداية سني المراهقة، نتندر بالقول ان لبنان اعلنت ان دورها في الحرب كان "بندافع مديفعة" باللهجة اللبنانية للدلالة على ضعف لبنان العسكري قياسا بدول المواجهة العربية الاخرى. تبين لاحقا ان لبنان صمد في وجه القوة الاسرائيلية الغاشمة والحق بها هزائم كبيرة في جنوب لبنان عام 2000 و 2006، ولا زال صامدا امام كل الضغوط لجلبة الى حضيرة التطبيع مع اسرائيل وان الدول الاخرى التي لا "تدافع مديفعة" لم تتمكن من انهاء اية حرب الا بهزيمة مدوية وعادت هذه الدول لتنضوي لاحقا تحت عباءة الكيان عبر اتفاقيات تشبة الى حد كبير ترتيبات الاذعان والتسليم بالهزيمة النهائية.
كان لبنان مصدر الثقافة والتأليف والفكر والاقتصاد، وكان خزان الامة الفكري والثقافي لذلك استهدف بسبب هذا الدور بالتحديد. واصبح عليه ان يدفع فاتورة الصمود في وجه اسرلة المنطقة العربية برمتها وهكذا تم تعذيبه والعبث بمكوناته الوطنية وتجفيف موازناته المالية والاقتصادية وتخريب كل شئ له علاقة بالحياة المعاصرة ولم يبق الا الهواء متاحا للبنان في ظل نظام سياسي عربي بعض مكوناته متواطئ مع امريكا واسرائيل في خنق لبنان والبعض الاخر يتسم بالجبن ولا يستطيع التدخل خوفا من العقاب الامريكي الاسرائيلي وفريق اخر لا يأبه بما يجري لانعدام روح الدولة لدية وانعدام البصيرة السياسية وغياب الادراك الواعي لطبيعة ما يجري فعليا على ارض الواقع وانشغاله بمشاكله الداخلية.
يعد لبنان احد اهم شرايين القلب العربي فاذا غاب لا سمح الله اوتحطم امام موجات التآمر العاتية عليه، فان الامة ستتلقى حالة اخرى جديدة وعنيفة من الصدمة التاريخية ذات الابعاد الخطيرة كصدمة ضياع فلسطين لعزل منطقة الغرب العربي عن المشرق او صدمة تدمير العراق وسوريا خدمة لبقاء الكيان ليقوم بدوره حسب الاصول او صدمة ابعاد مصر عن ممارسة دورها الاستراتيجي في المنطقة لتسهيل تمرير المؤمرات الصهيوامريكية في المنطقة.
المشكلة في لبنان ان بعض الاطراف المحلية تباع وتشترى من قوى خارجية وان الاحداث في هذا البلد تتدافع مع الاسف باتجاه نقطة التصريف المركزية وهي النقطة التي يصبح الحال عندها مستحيلا حسمة الا بالحرب الاهلية وهذا بالتحديد ما تسعى اليه المؤامرة الكونية ضد لبنان.
فهل سيستفيق اللبنانيون قبل فوات الاوان، يا ترى؟
أ.د احمد القطامين
qatamin8@hotmail.com
*اكاديمي وكاتب عربي