النواب... هبّة لاسترداد الهيبة
حسين الرواشدة
جو 24 : يفترض ان نفهم الاجراءات التي اتخذها مجلس النواب بعد حادثة “اطلاق النار” في سياقها الطبيعي، باعتبارها “تصحيحا” لخطأ ارتكب، او “تصويبا” لمسار انحرف، او دفاعا عن “مؤسسة” تعرضت للتشكيك والتجريح، لكن هذه “المبالغة” في تصوير ما جرى وكأنه “انجاز” كبير، او نقلة نوعية في الاداء او “حدث” تاريخي اعاد للمجلس هيبته، لا تتناسب ابدا مع الحدث الذي وقع، فمجرد وقوعه يعني ان ثمة خللا في تركيبة المجلس، ولا مع الدور الذي يجب ان ينهض به المجلس لاستعادة”هيبته” لان “فرض” العقوبة على النائبين اضطرار “للتكيف” مع الواقعة، وهي بهذا المعنى لا تنشىء خيارات اخرى الا في السياق نفسه، اما موضوع “الهيبة” فله منطق آخر وحسابات اخرى.
قبل ان استطرد، اجد من الانصاف الاشارة الى ان ثمة “علامتا” نجاح في “البروفة” التي قدمها المجلس، احداهما قدرته على التحرك بسرعة لتطويق الحدث واتخاذ ما يلزمه من مقررات، ربما يجادل البعض بانه استعجل في ذلك، لكن اعتقد ان هذا الاستعجال كان مطلوبا في “الحالة” التي شهدناها، ومع هذا المجلس الذي سبق وتعرض لمثل هذه التجاوزات، اما العلامة الثانية فهي قدرته ايضا على تحشيد اكبر عدد من النواب لتمرير القرار، خاصة اذا تذكرنا بان “تجميع” النواب في مجالس عانت وما تزال من “معضلة” فقدان النصاب مسألة ليست سهلة.
فيما عدا ذلك، تثير دلالات ما حصل جملة من الاسئلة منها ما يتعلق “بغياب” هذه القدرة الاستثنائية التي امتلكها النواب في هذه الحادثة تحديدا عن محطات اخرى كانت بحاجة –ربما اكثر- الى تحرك نيابي سريع وحشد مماثل على الأقل، ولدينا بالطبع العديد من هذه المحطات التي شكلت “امتحانا” لاداء النواب، سواء في مواسم الثقة او تجاه القضايا الكبرى التي تهمّ الناس او في مواجهة ملفات ما تزال غامضة ومقررات غير مقبولة شعبيا.
ومن هذه الاسئلة ما يتعلق بمفهوم “هيبة المجلس” خاصة وان هذا المفهوم تحوّل الى ما يشبه “اللازمة” على ألسنة الكثيرين، وحسبي الاشارة هنا الى ان “الهيبة” لا يمكن ان تستعاد بقرار او بمجرد رغبة في “تحسين الصورة” او باجراءات تفرضها حالة الدفاع عن النفس وانما تحتاج الى “حفريات” في الاساس الذي قام عليه المجلس من جهة التشريعات التي افرزته، والبيئة الاجتماعية والسياسية المحيطة به، والفاعلية التي تحكم اداءه، وقدرته على جذب الجمهور واقتناعهم بدوره، وتعزيز ثقتهم به، فالهيبة في معناها الحقيقي ولادة وليست صناعة.
من المفارقات هنا ان الحديث عن “الهيبة” واستعادتها جاء متزامنا مع التعديلات التي اقرها المجلس على نظامه الداخلي، و خاصة فيما يتعلق بالمادة التي تمنع المواطنين من حضور جلسات الثقة، ووجه المفارقة هنا ان المادة ليست فقط مخالفة للدستور والممارسات الديمقراطية وانما ايضا مخالفة “لترتيبات” اعادة الثقة ناهيك عن حق الناس في الاطلاع على مداولات ممثليهم وفي حصولهم على المعلومة الصحيحة.
يمكن –بالطبع- ان اسجل هنا عشرات الملاحظات على اداء “النواب” لكن الاهم من ذلك هو التنبيه الى مسألتين: اولاهما انني ضد تجريح المجلس والتشكيك فيه مهما اتفقنا على نقاط الضعف فيه او تحفظنا على “السياقات” التشريعية التي افرزته والسياسة التي تحاصره الآن، وهذه السياقات اذا ما اضفنا اليها “حالة المجتمع” تجعلنا –او هكذا يفترض- اقرب ما نكون الى فهم “اداء” المجلس وتقدير اخطائه “لا اقصد قبولها بالطبع”، اما المسألة الثانية فهي انني ادرك تماما ان ثمة “طاقات” نيابية داخل المجلس لديها من المؤهلات ما يمكنها من “المبادرة” لتحسين صورة المجلس والنهوض بأدائه، واعتقد هنا ان بمقدورهم ان يستثمروا هذه “الفرصة” التي تفرضها التحولات التي تجري داخل مجتمعنا وفي محيطه “للانتقال” نحو مرحلة يفرض فيها المجلس “هيبته” على نفسه اولا، ويستعيدها من اغلبية الجمهور.. لكن بالافعال والانجازات لا بمجرد الاقوال والتصريحات.
(الدستور)
قبل ان استطرد، اجد من الانصاف الاشارة الى ان ثمة “علامتا” نجاح في “البروفة” التي قدمها المجلس، احداهما قدرته على التحرك بسرعة لتطويق الحدث واتخاذ ما يلزمه من مقررات، ربما يجادل البعض بانه استعجل في ذلك، لكن اعتقد ان هذا الاستعجال كان مطلوبا في “الحالة” التي شهدناها، ومع هذا المجلس الذي سبق وتعرض لمثل هذه التجاوزات، اما العلامة الثانية فهي قدرته ايضا على تحشيد اكبر عدد من النواب لتمرير القرار، خاصة اذا تذكرنا بان “تجميع” النواب في مجالس عانت وما تزال من “معضلة” فقدان النصاب مسألة ليست سهلة.
فيما عدا ذلك، تثير دلالات ما حصل جملة من الاسئلة منها ما يتعلق “بغياب” هذه القدرة الاستثنائية التي امتلكها النواب في هذه الحادثة تحديدا عن محطات اخرى كانت بحاجة –ربما اكثر- الى تحرك نيابي سريع وحشد مماثل على الأقل، ولدينا بالطبع العديد من هذه المحطات التي شكلت “امتحانا” لاداء النواب، سواء في مواسم الثقة او تجاه القضايا الكبرى التي تهمّ الناس او في مواجهة ملفات ما تزال غامضة ومقررات غير مقبولة شعبيا.
ومن هذه الاسئلة ما يتعلق بمفهوم “هيبة المجلس” خاصة وان هذا المفهوم تحوّل الى ما يشبه “اللازمة” على ألسنة الكثيرين، وحسبي الاشارة هنا الى ان “الهيبة” لا يمكن ان تستعاد بقرار او بمجرد رغبة في “تحسين الصورة” او باجراءات تفرضها حالة الدفاع عن النفس وانما تحتاج الى “حفريات” في الاساس الذي قام عليه المجلس من جهة التشريعات التي افرزته، والبيئة الاجتماعية والسياسية المحيطة به، والفاعلية التي تحكم اداءه، وقدرته على جذب الجمهور واقتناعهم بدوره، وتعزيز ثقتهم به، فالهيبة في معناها الحقيقي ولادة وليست صناعة.
من المفارقات هنا ان الحديث عن “الهيبة” واستعادتها جاء متزامنا مع التعديلات التي اقرها المجلس على نظامه الداخلي، و خاصة فيما يتعلق بالمادة التي تمنع المواطنين من حضور جلسات الثقة، ووجه المفارقة هنا ان المادة ليست فقط مخالفة للدستور والممارسات الديمقراطية وانما ايضا مخالفة “لترتيبات” اعادة الثقة ناهيك عن حق الناس في الاطلاع على مداولات ممثليهم وفي حصولهم على المعلومة الصحيحة.
يمكن –بالطبع- ان اسجل هنا عشرات الملاحظات على اداء “النواب” لكن الاهم من ذلك هو التنبيه الى مسألتين: اولاهما انني ضد تجريح المجلس والتشكيك فيه مهما اتفقنا على نقاط الضعف فيه او تحفظنا على “السياقات” التشريعية التي افرزته والسياسة التي تحاصره الآن، وهذه السياقات اذا ما اضفنا اليها “حالة المجتمع” تجعلنا –او هكذا يفترض- اقرب ما نكون الى فهم “اداء” المجلس وتقدير اخطائه “لا اقصد قبولها بالطبع”، اما المسألة الثانية فهي انني ادرك تماما ان ثمة “طاقات” نيابية داخل المجلس لديها من المؤهلات ما يمكنها من “المبادرة” لتحسين صورة المجلس والنهوض بأدائه، واعتقد هنا ان بمقدورهم ان يستثمروا هذه “الفرصة” التي تفرضها التحولات التي تجري داخل مجتمعنا وفي محيطه “للانتقال” نحو مرحلة يفرض فيها المجلس “هيبته” على نفسه اولا، ويستعيدها من اغلبية الجمهور.. لكن بالافعال والانجازات لا بمجرد الاقوال والتصريحات.
(الدستور)