ممارسة السياسة على رمال دائمة الحركة في المنطقة..
أ.د احمد القطامين
جو 24 :
تحولات كبيرة تشهدها منطقة الشرق الأوسط بعد ان تم طي قضية اغتيال خاشقجي التي القت بظلالها على العلاقات السياسية بين تركيا والسعودية وبعد ان تم استيعاب التداعيات السياسية لازمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا وشرع العالم بالتعامل مع الحرب كجزء من معطيات الحياة اليومية.
اهم هذه التحولات تتمثل في عملية وضع اللمسات الأخيرة على صعود ولي العهد السعودي الى سدة العرش الذهبي في السعودية والتي قد تتم قبل او اثناء او مباشرة بعد زيارة الرئيس الأمريكي بايدن الى المنطقة والتي سيزور فيها إسرائيل أولا ثم الطيران مباشرة من مطار بنغوريون الى مطار الرياض.
وقد شرع الأمير السعودي محمد بن سلمان بنفسه باجراء المناورات الختامية قبل الصعود الى عرش المملكة العربية السعودية من خلال الزيارة التي قام بها الى مصر والأردن وتركيا حاملا معه معادلة تسويات للتعامل مع الأمور العالقة في المنطقة والتي تعود جذورها الى انتفاضات الربيع العربي والتداعيات الكبرى التي اعقبتها وادت الى تدمير كبير لعلاقة السعودية مع حركة الاخوان المسلمين وتركيا.
فقد نشب صراع كبير بين الاخوان المسلمين بدعم تركي والحكم في السعودية بسبب علاقة الاخوان المسلمين بثورات الربيع العربي وعلاقة السعودية بالثورات المضادة التي اجهزت على تلك الثورات، وكان طبيعيا ان الطرفين اللذين كانا دائما على وئام، قد وجدا نفسيهما وجها لوجه في صراع وجودي انتهى بتدمير سلطة الاخوان في مصر وادى الى قطيعة تامة وصلت الى حد العداء المفتوح بين السعودية والاخوان مما أدى الى اضعاف الحركة بطريقة غير مسبوقة.
يعتقد المراقبون ان ولي العهد السعودي يرغب بحل هذه الإشكالية قبل صعوده الى العرش من خلال اقناع القيادة المصرية بإيجاد حل ما لعلاقة مصر بحركة الاخوان المسلمين وعلاقة مصر بتركيا فمن جهة لم يعد الاخوان يشكلون خطرا على مصر او على اي احد بسبب عملية الاضعاف واسعة النطاق التي تعرضوا لها خلال الحقبة الزمنية الأخيرة خاصة عندما فقدوا الدعم الهام جدا لهم من تركيا ومن جهة أخرى لم تعد تركيا تشكل خطرا على معادلة التطبيع وادماج إسرائيل في شؤون المنطقة .. اذن ما المانع ان يصعد الجميع الى نفس القارب ما دامت التعارضات الاستراتيجية التي حكمت الحقبة الماضية لم تعد قائمة؟
ان الوصول الى حلول ضمن هذه المعادلة سيقدم خدمة كبيرة لجميع الأطراف وخاصة ولي العهد السعودي الذي سيصبح ملكا لاكثر الدول العربية قوة وثراء وقدرة على التدخل الفعال في مسار الاحداث العربية في هذه المرحلة، إضافة الى اظهار الملك الجديد كرجل دولة قادر على نسج التحالفات وخلق التوازنات الاستراتيجية في منطقة تعج بالفوضى على كافة المسارات..هذه التوازنات التي تعذر القيام بها خلال العقود الماضية لغياب القيادة القادرة على صنعا وتوفير الشروط المناسبة لاستمراريتها والمحافظة على فاعليتها الاستراتيجية.
هذه التطورات اذا ما كتب لها النجاح في المرحلة الزمنية القصيرة القادمة فان حلولا تفاوضية بطريقة ما بين السعودية وايران ستصبح ممكنة جدا بما في ذلك المسائل ذات العلاقة بالمشروع النووي الإيراني وكل القضايا الأخرى المرتبطة بالعلاقة بين السعودية وايران.