مداخلة ضرورية لفهم محاولة «القبض على الاسلام»
حسين الرواشدة
جو 24 : ثمة محاولة لا تخطئها عين المراقب “للقبض” على الاسلام متلبسا فيما حصل في عالمنا العربي من تحولات وثورات، والسؤال هنا: كيف دخل الدين الى “حوزة الثورة”، ومن اي مخزن فقهي او روحي جاءت كل هذه “الممارسات” الثورية التي توافق الدين احيانا وتتناقض معه في احيان اخرى، وهل يجوز ان نصنف هؤلاء الذين يعملون تحت اسماء “فضائل اسلامية” كإسلاميين ام ان ثمة “تعمد” للتغطية على “العنوان” الوطني الذي ينتسبون اليه.. او على العنوان “الاجتماعي” الذي يشكل الدين احد سماته وعلاماته.
المبالغة في تقديم “الاسلاميين”-سواء في المجال السياسي او العسكري- وكأنهم “الفاعل” الاهم في ساحات الصراع على “الدولة” والثورة تخدم بالضرورة فكرة “القبض” على روح الاسلام كدين، هذا -بالطبع- لا ينفي الحضور الديني وصعود نجم الاسلام السياسي “والمسلح” معا، باعتبار ان اغلبية مجتمعاتنا متدينة، وباعتبار ان الدين هو الباعث المحرك للناس ضد الظلم والاستبداد، وانما المقصود من هذه المبالغة هو اولا ابراز حالة “النهم” التي يختزلها الاسلاميون داخلهم للسلطة والحكم رغم تواضع تجربتهم فيها، ومن ثم السعي لافشالهم وتحميلهم مسؤولية هذا الفشل، وثانيا اقحام الدين في صراع داخلي وسياسي بحيث يصطدم “الاسلاميون” القادمون بالمجتمع، فيصبح “الدين” طاردا بعدما كان جاذبا، ويتحول “الاسلام” الى رديف للفاشية وينفتح المجال امام خصومه في الداخل والخارج لاخراجه من دائرة “التنافس” والتداول من خلال صناعة مقاربات مغشوشة لما حدث في الغرب والشرق من ثورات لم تنجح الا بعد تحييد الدين، ومحاولة استنساخ هذه النماذج في بلادنا.
ثمة “بروفتان” يمكن النظر اليهما لتأكيد هذه الافتراضية، احداهما جرت في مصر، اذ استطاع “الانقلابيون” وحلفاؤهم ان يقنعوا قطاعات من المجتمع المصري بان “الاسلام السياسي” الذي وصل بالصناديق فشل في تجربة الحكم، وتحول الى “فاشية” مستبدة، وان امام المصريين فرصة للتخلص منهم من بوابة “مكافحة” الارهاب، واذا ما تذكرنا بان هذه اللغة لم تستخدم ابان ثورة يناير وما بعدها حيث تفرج الجميع على “نجم” الاسلاميين وهو يتصاعد، وبعضهم بالغ في تصوير هذا الصعود، وربما لاحتفاءه به، فان استخدامها سياسيا واعلاميا داخل مصر وخارجها، يعني ان ثمة خطة مرتبة سلفا “لجرّ” الاسلام السياسي الى مقصلة “الحكم” تمهيدا للقبض على “روح” الاسلام التي تحركه، اما “البروفة” الثانية فقد جرت وما تزال في سوريا، حيث تشير التقارير الغربية الى ان اغلبية الحركات والجماعات المقاتلة محسوبة على “الخط” الاسلامي، وبالتالي فان “الدين” هو المحرك الاول لقطار الثورة، ويتم –بالطبع- تغافل “العنوان الوطني” مثلما يتم تجاهل “المناخات” التي افرزت الظاهرة الدينية، سواء عبر العقود الماضية او خلال الظروف التي افرزتها “الانعطافية” التاريخية الراهنة التي يمر بها عالمنا العربي، وللتذكير فان عدد المساجد والتكايا ودور العبادة التي انشئت في سوريا ابان عهدي الاسد تبلغ عشرة اضعاف ما تم بناؤه في ثلاثة قرون ماضية، كما ان فهم انكشاف هذا المخزون “الديني” وخاصة في جانبه المسلح يعبّر عن “مكبوت” ثقافي وقف الاستبداد السياسي والاجتماعي طويلا للتغطية عليه ومنعه من الظهور، وكل هذا يجعلنا اكثر حذرا حين نتناول موضوع العلاقة بين “الدين والثورة” او العلاقة بين صعود الاسلام السياسي والاسلام المسلح في مرحلة التحولات التي يشهدها عالمنا العربي.
بقي لدي ملاحظتان، اولاهما ان محاولة “القبض” على الاسلام لا الاسلام السياسي فقط يجب ان تكون واضحة لدى “الفاعلين” في الحقل الاسلامي لا لكي “يتكيفوا” مع الواقع الذي نهضوا لتغييره، وانما لكي ينتبهوا الى “الافخاخ” التي تنصب امامهم لتسهيل اقصائهم وحرقهم، اما الملاحظة الاخرى فهي ان اقحام “الدين” على قاعدة “فهومات” متعارضة ومتناقضة، وغير صحيحة احيانا، يجعل “الدين” هدفا مباشرا “للثورات” المضادة، ويدفع المجتمعات الى تغيير نظرتهم للدين، سواء في المجال السياسي او الحياتي، وهنا يتوجب الحذر مرّة اخرى من الوقوع في مصيدة المبالغة في تصوير الحضور الديني على حساب الحضور الوطني (مع انهما في الاصل وجهان لعملة واحدة) وعلى حساب الهوية الجامعة للمجتمعات التي تتشكل في الغالب من اندماج الديني بالوطني والقومي.
(الدستور)
المبالغة في تقديم “الاسلاميين”-سواء في المجال السياسي او العسكري- وكأنهم “الفاعل” الاهم في ساحات الصراع على “الدولة” والثورة تخدم بالضرورة فكرة “القبض” على روح الاسلام كدين، هذا -بالطبع- لا ينفي الحضور الديني وصعود نجم الاسلام السياسي “والمسلح” معا، باعتبار ان اغلبية مجتمعاتنا متدينة، وباعتبار ان الدين هو الباعث المحرك للناس ضد الظلم والاستبداد، وانما المقصود من هذه المبالغة هو اولا ابراز حالة “النهم” التي يختزلها الاسلاميون داخلهم للسلطة والحكم رغم تواضع تجربتهم فيها، ومن ثم السعي لافشالهم وتحميلهم مسؤولية هذا الفشل، وثانيا اقحام الدين في صراع داخلي وسياسي بحيث يصطدم “الاسلاميون” القادمون بالمجتمع، فيصبح “الدين” طاردا بعدما كان جاذبا، ويتحول “الاسلام” الى رديف للفاشية وينفتح المجال امام خصومه في الداخل والخارج لاخراجه من دائرة “التنافس” والتداول من خلال صناعة مقاربات مغشوشة لما حدث في الغرب والشرق من ثورات لم تنجح الا بعد تحييد الدين، ومحاولة استنساخ هذه النماذج في بلادنا.
ثمة “بروفتان” يمكن النظر اليهما لتأكيد هذه الافتراضية، احداهما جرت في مصر، اذ استطاع “الانقلابيون” وحلفاؤهم ان يقنعوا قطاعات من المجتمع المصري بان “الاسلام السياسي” الذي وصل بالصناديق فشل في تجربة الحكم، وتحول الى “فاشية” مستبدة، وان امام المصريين فرصة للتخلص منهم من بوابة “مكافحة” الارهاب، واذا ما تذكرنا بان هذه اللغة لم تستخدم ابان ثورة يناير وما بعدها حيث تفرج الجميع على “نجم” الاسلاميين وهو يتصاعد، وبعضهم بالغ في تصوير هذا الصعود، وربما لاحتفاءه به، فان استخدامها سياسيا واعلاميا داخل مصر وخارجها، يعني ان ثمة خطة مرتبة سلفا “لجرّ” الاسلام السياسي الى مقصلة “الحكم” تمهيدا للقبض على “روح” الاسلام التي تحركه، اما “البروفة” الثانية فقد جرت وما تزال في سوريا، حيث تشير التقارير الغربية الى ان اغلبية الحركات والجماعات المقاتلة محسوبة على “الخط” الاسلامي، وبالتالي فان “الدين” هو المحرك الاول لقطار الثورة، ويتم –بالطبع- تغافل “العنوان الوطني” مثلما يتم تجاهل “المناخات” التي افرزت الظاهرة الدينية، سواء عبر العقود الماضية او خلال الظروف التي افرزتها “الانعطافية” التاريخية الراهنة التي يمر بها عالمنا العربي، وللتذكير فان عدد المساجد والتكايا ودور العبادة التي انشئت في سوريا ابان عهدي الاسد تبلغ عشرة اضعاف ما تم بناؤه في ثلاثة قرون ماضية، كما ان فهم انكشاف هذا المخزون “الديني” وخاصة في جانبه المسلح يعبّر عن “مكبوت” ثقافي وقف الاستبداد السياسي والاجتماعي طويلا للتغطية عليه ومنعه من الظهور، وكل هذا يجعلنا اكثر حذرا حين نتناول موضوع العلاقة بين “الدين والثورة” او العلاقة بين صعود الاسلام السياسي والاسلام المسلح في مرحلة التحولات التي يشهدها عالمنا العربي.
بقي لدي ملاحظتان، اولاهما ان محاولة “القبض” على الاسلام لا الاسلام السياسي فقط يجب ان تكون واضحة لدى “الفاعلين” في الحقل الاسلامي لا لكي “يتكيفوا” مع الواقع الذي نهضوا لتغييره، وانما لكي ينتبهوا الى “الافخاخ” التي تنصب امامهم لتسهيل اقصائهم وحرقهم، اما الملاحظة الاخرى فهي ان اقحام “الدين” على قاعدة “فهومات” متعارضة ومتناقضة، وغير صحيحة احيانا، يجعل “الدين” هدفا مباشرا “للثورات” المضادة، ويدفع المجتمعات الى تغيير نظرتهم للدين، سواء في المجال السياسي او الحياتي، وهنا يتوجب الحذر مرّة اخرى من الوقوع في مصيدة المبالغة في تصوير الحضور الديني على حساب الحضور الوطني (مع انهما في الاصل وجهان لعملة واحدة) وعلى حساب الهوية الجامعة للمجتمعات التي تتشكل في الغالب من اندماج الديني بالوطني والقومي.
(الدستور)