jo24_banner
jo24_banner

اين هو العقل المسلم؟

حسين الرواشدة
جو 24 : اذا كانت بعض المؤسسات المتعثرة اداريا او ماليا(دعك من الدول!) تجد في اعادة الهيكلة لكوادرها وبرامجها حلا لما تعانيه من ازمات ، فان العقل الاسلامي اليوم بحاجة الى مثل هذا الحل .

لا اريد ان استعرض مشاهد الازمة الخانقة التي يعاني منها عالمنا الاسلامي ، ونخبه بشكل خاص ، ولكن يكفي ان اشير الى ما يطفو على السطح من احداث وانشغالات تدعو فعلا الى الخجل ، خذ مثلا انشغالات المسلمين في الفضائيات بقضايا الجن والشعوذة وتفسير الاحلام ، ورفع احدى هذه الشاشات شعار: الطريق يمر الى الجنة من خلالها .. وخذ ايضا الفتاوى المتبادلة التي تصدر من اتباع المذاهب بتكفير بعضهم البعض ، وسرد مئات الحجج والادلة والشواهد على ارتباطهم باليهود او ارتكابهم للكبائر او ممارستهم لأشنع انواع الافساد والفساد .. وخذ –ايضا- الحروب الاهلية التي امتدت من خلال هذه الفتاوى واصبحت البديل الوحيد للتحرر او الاستقلال ، تماما كما اصبح الدّ اعداء المسلم اخوانه في الدين بدل “المعتدين”عليه من المحتلين وغيرهم..

اي عقل اسلامي سليم يمكن ان يقبل مثل هذه الصراعات والحروب ، واي ضمير يمكن ان يبرر ما يفعله البعض باسم الاسلام من انتهاكات واساءات ، واي سجالات سياسية او تدافعات نحو الاستئثار بالسلطة تسمح للأخ ان يسفك دم اخيه : الاخوة الاعداء في سوريا يذبحون بعضهم منذ ثلاث سنوات ، والاشقاء الاعداء في العراق لا يترددون في تصفية بعضهم على “الهوية” المذهبية ، وجماعات باسم “ الاسلام” المتناحر مذهبيا (اي اسلام هذا؟) تشعل نيران الفتنة في لبنان والخلايا النائمة المحسوبة على القاعدة وغيرها تستيقظ كل مرة على دماء المدنيين المسلمين في الشوارع والمدارس والفنادق.

لدينا مشكلة في فهم الواقع ، واخرى في فقه الموازنة بين النص والمصلحة ، وثالثة في انزال الاحكام ، ورابعة في معرفة مقاصد الشريعة ، والسبب هو ما نعانيه من عطالة فكرية ، وسوء في استخدام العقل ، والسؤال كيف يفكر المسلم اليوم ، ولماذا اصيب العقل المسلم بكل هذه الامراض والعلل ، واين هم العقلاء والعلماء الحقيقيون من هذه الممارسات القذرة التي تمارس تحت لافتة الاسلام ، ويوقع عليها باسم الله اشخاص لا علاقة لهم بالدين ، ولماذا لا نجد بيننا من يعترف حقيقة بأن العقل المسلم ضل طريقه ، وبأن اعادة تشكيله او هيكلته هو اهم ما نحتاجه في هذا العصر الذي يزداد فيه الطلب على الاسلام ، ويسوء للأسف معظم ما يقدم لتلبية هذا العرض ؟ ؟

نعرف –يقينا- ان الاسلام برىء من كل ما يرتكب باسمه من رذائل ، ونعرف مطلقا بأن الكثير من المسلمين يشعرون بالاشمئزاز من هذه الصورة التي تقدم لهم على الشاشات وألسنة انصاف الفقهاء والمتجرئين على الفتوى ، ولكن الى متى سيظل العقل الاسلامي |(دعك من الجسد الذي يتحرك في العادة بأوامر الرأس) غائبا او تائها او مشغولا بهذه القضايا الباهتة .. وكيف يمكن استعادته ليمارس دوره الحقيقي في التنوير والنهضة والتقدم الانساني –كما فعل ذات قرون مظلمة- وكما يمكن ان يفعل اليوم لو اطلق سراحه من سجونه .. كيف ومتى؟ هذا هو السؤال.ولكن من يجيب...


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير