واقع مر
خلود العجارمه
جو 24 :
وقت الظهيرة الشمس في كبد السماء توسطت في حينها سمعت صوتها من بعيد وهي مني تقترب خطوة تلو الخطوة وعراقيل الطريق تهيب من أمامها
كانت نظراتها تسبقني بخطوة وانا ما زلت أمضي نحوها حتى تلاشت مني كل مشاعر التعب فما عدت أشعر في موجة الحر تلك والتي شادت بنا عندما كنا نمضي على طريق الشوك انا وهي معا
ولكنني سرعان ما أجزت في غصة منها لما رأيتها غارقة في جبينها من شدة التعب في حين لم ترحمها صرخات ابنتها وهي متشبثة في طرف عبائتها حتى خرق سمعي ذلك الحديث الذي أجهش بالبكاء بينهما مما جعلني أسعى لحاجتها لعل أنقض الأم من موقفها الحرج فثقلت بي نفسي بعدما ادخلت يدي الى حقيبتي لعل أجد الدواء الذي أطيب فيه جراح الموقف فشعرت في صعوبة الكلام حينها عندما تذكرت بأني لا أملك ذلك الوعد لكي أداوي به دموع الأم وابنتها وهي تكرر نفس الجملة لأمها وعلى مسمع ومرأى من أعين المارة ٬ أعطني ديناري !؟
فشعرت حينها في صعوبة الكلام بعدما ثقلت بي نفسي وانا اجمع ما تبقى لي من قوة في محاولتي الأخيرة في رسم ابتسامة على وجه الأم وهي تحدثني عن رحلة يومها الشاق في مستشفى البشير وأنا أعي جيدا ما مرت به من معاناة فقد كان كلامها يدور في رأسي مثل شريط الحياة المتكرر في تفاصيله المملة والذي ضاقت عروق دمي منه وما تبقى مني سوى صمتي القاتل وانا انظر الى ظفائر ها التي عجت في غبار ارصفة عمان حتى بهت لونها الذهبي وعيون شاردة من الحزن وتحت قدميها حرارة الاسفلت ولكنها لم تكن الا طفلة ركضت وراء خيط طائرتها الورقية الذي افلت من يدها وهي ما تزل من طيف احلامها خائفة
و ما زلت أنا هنا أتجرع ذلك الدواءالمر و أسرق ابتسامتي من مهد طفولتي التي تعثرت فيها على أشواك الألم والأمل معا .
خلود العفيشات