2024-08-28 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حين تهبّ علينا نسائم الديمقراطية من النيل؟!

حسين الرواشدة
جو 24 : حتى الآن لا يعرف المصريون من هو رئيسهم القادم؛ هذه المرّة الاولى –بالطبع- التي يتاح للناس ان يختاروا حاكمهم، وان تكون اوراق الاقتراع في الصناديق –لا اوامر التوريث والتعيين وسطوة الاجهزة- هي صاحبة الكلمة الاخيرة، وعلى الجميع –عندئذ- ان يقبل النتيجة، كما ان على الرئيس الذي انتزع شرعيته من اصوات الاغلبية وارادتهم ان يتحمل هذه المسؤولية الثقيلة، فهو –لأول مرة ايضا- جاء لخدمة الناس لا لممارسة السلطة وفرض الطاعة عليهم.

هي الديمقراطية اذن، هذه التي سمعنا عنها كثيرا ولم نجربها –الا قليلا- في عالمنا العربي، وهي آخر وصفة توصلت اليها الانسانية لتداول السلطة وادارة الحكم، فما الذي يمنع من ان نجربها في بلادنا؟ تصوّر ان مشروع الاصلاح الذي ما زالت الابواب امامه مسدودة تحرك –فجأة- الى الامام، واتاح لنا ان نمارس هذه “الديمقراطية” كما مارسها غيرنا: مجلس نيابي يتوافق الناس على قانون انتخابه، وحكومة يصمم لها قانون انتخاب يتقدم لرئاستها “10” او اكثر من الشخصيات الموثوق بها، وفجأة نصحو على رئيس وزراء منتخب شعبيا، لا يهم اذا كان من الحرس القديم او الجديد “!” من الاسلاميين او اليساريين، المهم ان يحوز على اغلبية اصوات الناس وان يكون متيقنا بان الذين اختاروه يمكن ان يحاسبوه وان يقصوه ايضا.

من قال ان المشهد “الديمقراطي” في مصر لا يغري الاخرين من امثالنا على التفكير باصلاح حقيقي ينقلنا من حالة الجمود الى الحركة، ومن “بؤس” الخيارات الى امل “الحريات” ومن تناسل الازمات الى آفاق الحلول والمعالجات؟ من قال ان المواطن العربي الذي ما زال “الاصلاح” ملبتسا عليه والتغيير ممنوعا عليه ايضا، لا يستطيع ان يستلهم هذه النماذج الديمقراطية العابرة للحدود؟ انه يستحق ذلك، بالطبع، لكن ثمة من يتصور بان الوقت لم يحن بعد لكي يقول الناس كلمتهم، وثمة من يصرّ على ان الاحوال على ما يرام، وبان المجتمع لم ينضج بعد لاستقبال “الديمقراطية”؟

مقال المشهد “السوري” الذي يحاول البعض ان “يخوّفونا” منه، وان يعلّق عليه اسئلة الاصلاح لتظل بلا اجابات حتى تدق ساعة الحسم، ثمة مشهد “مصري” وقبله “تونسي ومغربي” يمكن ان يلهمنا للدخول في التجربة، والخروج من “الازمة” وهو فرصة لا يجوز ان نضيعها اذا كنا نريد حقا ان نحمي البلد، ونصون شرعيته، ونأخذ بأيدي الناس نحو الامل لا المزيد من الخوف والاحباط والمجهول.

بالمناسبة، ادهشني التقرير الذي اصدرته السفارة المصرية في عمان مؤخرا عن تصاعد حالات “الخلع” لدى عائلات العمال الوافدين، وارتفاع اعداد العمال المصريين العائدين الى بلادهم، وحين سألت عن السبب: قيل ان المصري استعاد “كرامته” التي اهدرها فيما سبق النظام السياسي حين تعامل مع الناس بمنطق الاستهانة.. وقيل ايضا ان المصري يقبل ان تسيء اليه لكنه لا يقبل ابدا ان تسيء الى بلده مصر.

الآن، باستطاعة اخواننا المصريين ان يعبّدوا طريقهم الى “الكرامة” بالديمقراطية، وان يختاروا بملء ارادتهم “رئيسهم” وان يودّعوا الى غير رجعة عصر “التزييف” واللعب والكذب.. وباستطاعتنا –نحن الذين ما زلنا نحلم بالاصلاح والتغيير- ان نشتم رائحة “الديمقراطية” والانتخابات النزيهة ولو من بعيد.. فلربما يأت اليوم الذي تكون فيه الانتخابات الحرّة والنزيهة دليلنا الى “العبدلي” او “الدوار الرابع”.

قولوا آمين.
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news