الإخوان بعد «3» أعوام.. محاولة للفهم
حسين الرواشدة
جو 24 : فجأة اختفت “اخبار” تنسيقية الحراكات الشعبية، وفجأة ايضا تحولت جبهة الاصلاح الوطني الى “هياكل” مهجورة، اما الإخوان المسلمون الذين كانوا يشكلون “العمود الفقري” لهذه التشكيلات وغيرها فقد “انفردوا” لوحدهم للاجابة عن أسئلة الجمهور حول تسريبات “فتح” الحوار بينهم وبين الدولة.
ترى، هل ما كنا نتابعه على مدى السنوات الثلاث الماضية كان مجرد “تمثيلية” انبرى بعض “ابطالها” لاقناعنا بأن القصة حقيقية، وبأن “التغيير” المطلوب سيمر على ناقلة “شعبية” يحركها الاخوان المسلمون فقط؟ ام ان “الجماعة” اكتشفت بعد هذه التجربة ان “الناقلة” معطلة وانها –وحدها- المؤهلة لتحريك عجلات القطار دون الاستعانة بأي صديق؟
ادرك تماما انه لا يمكن للجماعة مهما كان وزنها السياسي ان تستأثر “بالمشهد” حتى وان صدّقت لعبة “الثنائية” المزعومة، فقد كشفت الانتخابات البرلمانية الاخيرة ان ثمة “اسلاميين” جاهزون للمنافسة وسدّ الفراغ، وان “الاسلام السياسي” الذي يشارك الاخوان فيه تيارات اخرى ليس “مربط” الفرس في محاولات جذبهم “للمشاركة” وانما ثمة عوامل اخرى تجعلهم مطلوبين لملء فراغات اخرى معروفة في بلدنا، وبالتالي فان “صحوة” الاخوان التي تزامنت مع “ابتعادهم” عن المظلات “الحراكية” التي تعرضت هي الاخرى للجمود والتراجع، تبدو مفهومة، لا على صعيد السياقات الداخلية التي انكشفت فيها “اوراق” كثيرة، وانما –ايضا- على صعيد السياقات الاقليمية التي انكشف فيها “ظهر” الاخوان سياسيا، واصبحوا معها بحاجة الى “فرصة” لاسترداد الانفاس او على الاقل لاعادة “ترتيب” اوراقهم، بعد ان ادركوا تماما بأن حصاد ثلاث سنوات في الشارع كان “صفرا” وبأن مكاسب طاولة الحوار –ربما- تكون افضل من البقاء على الرصيف.
لا شك –ابدا- في ان “الجماعة” خاضت تجربتها في المطالبة “بالاصلاح” بكل عقلانية وسلمية وبأنهم “اجتهدوا” ومدوا ايديهم للقوى الشعبية والسياسية من اجل “التوافق” على مشروع “التغيير” الذي كان طموحا لأغلبية الاردنيين، لكن المسألة في حسابات منطق السياسة لها وجهة اخرى، فالاخوان ليسوا “حراكا” شعبيا عفويا، ولا “ائتلافا” من مجموعة شباب “المتحمسين” وانما “حركة سياسية” لها وزنها في الشارع، ولها حساباتها السياسية القائمة على اساس “المشاركة” او “الشراكة” في السلطة والحكومة والبرلمان، وبالتالي فان “حركتها” في هذا الاتجاه محسوبة بدقة، ولا يمكن ان يغامر “بوجودها” او “حضورها”، وكأي “قوة” سياسية” فانها تتعامل مع الواقع بخياراته واضطراراته، وتتكيف –او هكذا يفترض- مع التحولات صعودا او نزولا.
يمكن ان تتهم الحركة بأنها تخلّت عن “شركائها” او بأنها تريد ان تستحوذ على “حصاد” الحوار مع الدولة لمصلحتها، ويمكن ان يقال إن الحركة “استنفدت” حاجتها من الشركاء الذين “وظفتهم” فيما مضى لاسنادها في مواجهة القوى الاخرى، او بأنها كشفت “وزنهم” السياسي فاستغنت عنهم، ويمكن ان نذهب بعيدا ونتهم “الجماعة” بأنها لا تقبل “الشركاء” اصلا، وبأن تجاربها مع “المتحالفين” غالبا ما افضت الى الانشقاق وربما “المقايضة” على حسابهم.
لكن ذلك لا يمنع ابدا من الاعتراف بأن “الحركة” ما زالت تمثل “القوّة” السياسي المنظمة والقادرة على “ضبط” ايقاع المزاج العام لقطاع واسع في المجتمع، وبان حضورها في المشهد السياسي مطلوب مهما كانت تحفظات خصومها في الداخل والخارج، واذا اضفنا لذلك ما امتنازت به من سمات الاعتدال والتعقل والتحالف التاريخي مع الدولة، فان كل ما يدرج من “تحفظات” على ادائها او –حتى اخطائها- يبدو مفهوما في سياقات السياسة التي لا يجوز لأحد ان يحتكر الصواب فيها.
المطلوب –فقط- من الجماعة ان تصارح المتعاطفين معها بما تفكر به وبما قد تفعله، وان تحافظ على صورتها ومواقفها، وقبل ذلك ان تفاجئنا بمراجعات داخلية تعكس ما انتهت اليه من “خلاصات” بعد هذه التجربة التي مرت بها، وان تقدم لنا “مشروعا” وطنيا بديلا يطمئننا على سلامة مسارها، ويبدد مخاوفنا وشكوكنا مما يثار حولها من غبار واتهامات.
(الدستور)
ترى، هل ما كنا نتابعه على مدى السنوات الثلاث الماضية كان مجرد “تمثيلية” انبرى بعض “ابطالها” لاقناعنا بأن القصة حقيقية، وبأن “التغيير” المطلوب سيمر على ناقلة “شعبية” يحركها الاخوان المسلمون فقط؟ ام ان “الجماعة” اكتشفت بعد هذه التجربة ان “الناقلة” معطلة وانها –وحدها- المؤهلة لتحريك عجلات القطار دون الاستعانة بأي صديق؟
ادرك تماما انه لا يمكن للجماعة مهما كان وزنها السياسي ان تستأثر “بالمشهد” حتى وان صدّقت لعبة “الثنائية” المزعومة، فقد كشفت الانتخابات البرلمانية الاخيرة ان ثمة “اسلاميين” جاهزون للمنافسة وسدّ الفراغ، وان “الاسلام السياسي” الذي يشارك الاخوان فيه تيارات اخرى ليس “مربط” الفرس في محاولات جذبهم “للمشاركة” وانما ثمة عوامل اخرى تجعلهم مطلوبين لملء فراغات اخرى معروفة في بلدنا، وبالتالي فان “صحوة” الاخوان التي تزامنت مع “ابتعادهم” عن المظلات “الحراكية” التي تعرضت هي الاخرى للجمود والتراجع، تبدو مفهومة، لا على صعيد السياقات الداخلية التي انكشفت فيها “اوراق” كثيرة، وانما –ايضا- على صعيد السياقات الاقليمية التي انكشف فيها “ظهر” الاخوان سياسيا، واصبحوا معها بحاجة الى “فرصة” لاسترداد الانفاس او على الاقل لاعادة “ترتيب” اوراقهم، بعد ان ادركوا تماما بأن حصاد ثلاث سنوات في الشارع كان “صفرا” وبأن مكاسب طاولة الحوار –ربما- تكون افضل من البقاء على الرصيف.
لا شك –ابدا- في ان “الجماعة” خاضت تجربتها في المطالبة “بالاصلاح” بكل عقلانية وسلمية وبأنهم “اجتهدوا” ومدوا ايديهم للقوى الشعبية والسياسية من اجل “التوافق” على مشروع “التغيير” الذي كان طموحا لأغلبية الاردنيين، لكن المسألة في حسابات منطق السياسة لها وجهة اخرى، فالاخوان ليسوا “حراكا” شعبيا عفويا، ولا “ائتلافا” من مجموعة شباب “المتحمسين” وانما “حركة سياسية” لها وزنها في الشارع، ولها حساباتها السياسية القائمة على اساس “المشاركة” او “الشراكة” في السلطة والحكومة والبرلمان، وبالتالي فان “حركتها” في هذا الاتجاه محسوبة بدقة، ولا يمكن ان يغامر “بوجودها” او “حضورها”، وكأي “قوة” سياسية” فانها تتعامل مع الواقع بخياراته واضطراراته، وتتكيف –او هكذا يفترض- مع التحولات صعودا او نزولا.
يمكن ان تتهم الحركة بأنها تخلّت عن “شركائها” او بأنها تريد ان تستحوذ على “حصاد” الحوار مع الدولة لمصلحتها، ويمكن ان يقال إن الحركة “استنفدت” حاجتها من الشركاء الذين “وظفتهم” فيما مضى لاسنادها في مواجهة القوى الاخرى، او بأنها كشفت “وزنهم” السياسي فاستغنت عنهم، ويمكن ان نذهب بعيدا ونتهم “الجماعة” بأنها لا تقبل “الشركاء” اصلا، وبأن تجاربها مع “المتحالفين” غالبا ما افضت الى الانشقاق وربما “المقايضة” على حسابهم.
لكن ذلك لا يمنع ابدا من الاعتراف بأن “الحركة” ما زالت تمثل “القوّة” السياسي المنظمة والقادرة على “ضبط” ايقاع المزاج العام لقطاع واسع في المجتمع، وبان حضورها في المشهد السياسي مطلوب مهما كانت تحفظات خصومها في الداخل والخارج، واذا اضفنا لذلك ما امتنازت به من سمات الاعتدال والتعقل والتحالف التاريخي مع الدولة، فان كل ما يدرج من “تحفظات” على ادائها او –حتى اخطائها- يبدو مفهوما في سياقات السياسة التي لا يجوز لأحد ان يحتكر الصواب فيها.
المطلوب –فقط- من الجماعة ان تصارح المتعاطفين معها بما تفكر به وبما قد تفعله، وان تحافظ على صورتها ومواقفها، وقبل ذلك ان تفاجئنا بمراجعات داخلية تعكس ما انتهت اليه من “خلاصات” بعد هذه التجربة التي مرت بها، وان تقدم لنا “مشروعا” وطنيا بديلا يطمئننا على سلامة مسارها، ويبدد مخاوفنا وشكوكنا مما يثار حولها من غبار واتهامات.
(الدستور)