2024-05-07 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الهجرة .. إقرأ المعوذات وعلى البلد السلام !!

حاتم الأزرعي
جو 24 :

يتصدر العواجل الاعلامية في اخبار تكاد تكون يومية، وفيات رجال ونساء واطفال ، غرقا في عرض البحار ، لمهاجرين من بلدانهم هربا من الفقر والجوع والقمع ،بحثا عن لقمة العيش والحرية .
في السياق لقي اخيرا ٧٥ سوريا ولبنانيا وفلسطينيا حتفهم قبالة السواحل السورية خلال رحلة هجرة "غير شرعية " كما تصفها السلطات المعنية ، عقب كل حادثة غرق قوارب تقل مهاجرين هربا من جحيم بلدانهم .

غرق القارب قبالة السواحل السورية ، بالتأكيد ليس الاول من نوعه ، وحتما لن يكون الاخير ، ذلك ان اسباب الهجرة ودوافعها ، حاضرة بقوة ، وواضحة بجلاء ، فالظروف الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة في بلدان العالم النامية، حتى لا نقول المتخلفة ، واضحة وضوح الشمس ، ولم تعد تخفى على احد .
ولعله من الصعوبة بمكان ، حصر اعداد ضحايا " قوارب الموت " ، لكن المؤكد من تصريحات وتقارير دولية رسمية ان عشرات الالاف من الرجال النساء والأطفال يلقون حتفهم سنويا في عرض البحار ، خلال رحلات الهرب من موت بطيء الى موت سريع مريع .

وبين الموتين تجار وسماسرة وعصابات وشبكات تنشط في صناعة التهجير بشكل منظم ، وأكاد أجزم انها تحظى برعاية رسمية تقبض بالشراكة والتواطؤ ثمن الأحلام الميته .
نعم ، سماسرة وتجار وشبكة عصابات محلية ودولية ، يهيئون الظروف ويخلقون الأجواء ، ويصنعون الاحداث ، ويتخذون القرارات ، التي من شأنها دفع الناس للبحث عن سبل الخلاص ، فيتلقفهم لصوص التهجير ، ويزينون لهم ، جمال الرحلات البحرية ، وروعة الامواج التي تحمل أحلامهم الى شواطئ الحرية في بلدان الغرب حامية حقوق الإنسان وحافظتها للمهجرين من بلدان العنف والقتل وسفك الدماء وتسلط أنظمة حكم الفرد .

وتهزني مشاهد الموت في عرض البحار ، وصراع الرجال والنساء وهن يحتضن اطفالهن ، املا في نجاة من موت 
يرونه اقرب اليهم من حبل الوريد ، في ظل انعدام وسائل النجاة وأدواتها، وتعيدني هذه المشاهد بالتداعي الحر الى الداخل في بلدي ، وتصريحات مسؤوليه ذات الصلة بالهجرة إن تصريحا او تلميحا .

وبين تصريحات رئيسين للوزراء ، تتصاعد حمى الهجرة بين الشباب في الاردن، إذ يُظهر احد استطلاعات الرأي الى ان ٤٥ بالمئة من هذه الفئة ( ١٨ ‐ ٣٥ )"يفكرون جديا بالهجرة الى الخارج " ، غير آبهين بالدعوة التي أطلقها رئيس الوزراء السابق الدكتور عمر الرزاز حين خاطب شابّا " لعدم التفكير بالهجرة من البلاد " .

وكما تحولت دعوة الرزاز الصريحة الى نكته أثارت سخرية الناس وسخطهم، كذلك الحال قوبلت تلميحات رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونه بالدعوة لعدم التفكير بالهجرة لان " اجمل الايام في الاردن هي التي لم تأت بعد " .

وبين الدعوة لعدم التفكير في الهجرة تصريحا وتلميحا غرقنا في سلسلة من الكوارث والمآسي والأحداث التي هزت كيان الناس وخلقت الف مبرر للهجرة ، وباتت هذه الأخيرة طموحا وحلما يدغدغ مشاعر الشباب للفرار من جحيم الواقع واملا في النجاة من براثن الموت البطيء .
في بلد يركب شبابه أمواج الرغبة في هجرة لها صناع رسميون يتربعون على كراسي السلطة .
في بلد يفكر ٤٥ بالمئة من شبابه بالهجرة ، وهم بالتأكيد طاقته الكامنة للنهضة ، الا تخجل الحكومة من فشلها في إدارة شؤون الدولة وعجزها عن تحقيق ما يعزز نزعة البقاء والثبات على الأرض والمشاركة في البناء والتنمية !؟

وفي التداعيات الحرة التي تثيرها في نفوسنا "هجرة الموت " ، يتبدى بوضوح انه لا فرق بين الموت غرقا في لجة البحر ، أو الموت غرقا في بحر من الأكاذيب والوعود الزائفة والتضليل الممنهج والخدع التي تنفذها الحكومة على طريقة السينما الامريكية ، مع فارق السذاجة في السيناريو والإخراج. 
وباختصار شديد حين تصبح الهجرة املا وطموحا للشباب إقرأ المعوذات وعلى البلد السلام .

 
تابعو الأردن 24 على google news