أي مستقبل للاردن يريده صناع القرار ؟
زهير العزة
جو 24 :
الاستطلاعات التي تصدر من حين الى اخرعن مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الاردنية هي رسائل غير مشفرة الى صناع القرار في البلد ، وبالرغم من أن بعض هذه الاستطلاعات قد جاءت لتكرر بعضها البعض خاصة فيما يتعلق بنظرة الاردني الى أحواله المعيشية ومدى إستجابة مؤسسات الدولة لعلاج المشكلات التي تواجه المواطن والتي دخلت في باب للتندرأوالنكته الساخرة عند المواطن عند كل حديث عن الاصلاحات وينطبق عليها المثل الشعبي "على الوعد يا كمون".
والاستطلاع الاخير للمركز بين أن غالبية من الاردنيين 87 % لا يعرفون عن قانون الاحزاب ، وفقط 13% قالوا أنهم سمعوا او عرفوا عنه، كما أن الغالبية العظمى من الاردنيين 94 % لا يتابعون اي نشاطات أو فعاليات للأحزاب السياسية الأردنية، و2 % الأردنيين يفكرون في الانضمام الى حزب ما ، فيما كان غالبية من الأردنيين 86 % قد عبروا عن اضطرارهم الى تخفيض نفقات العائلة خلال الاثني عشر شهراً الماضية من أجل مواجهة الأعباء المعيشية وارتفاع الأسعار، فيما قال81 % من المستطلعين انهم اضطروا لتأجيل شراء سلع أو خدمات غالية الثمن واساسية ، و58 % قاموا بالاستدانة من اجل شراء بعض الحاجيات، و45 % من الأردنيين لجأوا الى أحد أفراد اسرتهم او إلى عمل إضافي بهدف تأمين دخل أعلى للأسرة، في الوقت نفسه اوضح الاستطلاع ان ما نسبته 66% من الاردنيين يرون الامور في البلاد تسير بالاتجاه السلبي، مؤشرين على ان ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وتردي الأوضاع الاقتصادية، وإرتفاع نسبة البطالة والتخبط الحكومي في اتخاذ القرارات من الأسباب التي دعت المواطنين الى الاعتقاد بأن الأمور تسير في الاتجاه السلبي، اضافة الى مشاكل تردي مستويات الخدمات الحكومية المقدمة للمواطن في قطاعات مثل الصحة، التعليم، الطرق، البنية التحتية والتي تشكل عبئا أخرعلى كاهل المواطن .
اليوم يجب ان يكون هذا الاستطلاع مقلقا للدولة برمتها والتي على ما يبدو ان بعض مفاصلها قد "وضعوا أحزمة الامان ولم يتحضروا للأسوأ"، لذلك فالدولة بالبحث عن حلول جادة وليست بعيدة المدى بل إجراءات طوارىء سريعة تنقذ البلاد والعباد مما يعانون ، ولعل صور التفلت الاجتماعي وما يرافق ذلك من حوادث ادت وتؤدي الى التطاول على هيبة الدولة او ارتكاب الجرائم بين افراد الاسرة بعضهم بالبعض الاخر, او ارتفاع نسب الجرائم الاخرى يكون دافع لمؤسسات الدولة ان تتحرك لمعالجة الخلل الاقتصادي في الحد الادنى ، حيث ثبت ان المعالجات الامنية لا يمكن ان تردع احد في ظل هذه الظروف القاسية والتي تؤشر الى ان الاردن اصبح دولة مهتزة اقتصاديا واجتماعيا.
الحكومة اليوم مطالبة فتح كوة في جدار الأزمة، واعتقد ان الرئيس بشر الخصاونة مطالب بأن يجري تعديلا على الحكومة يزيح عن بعض وزرائها ستارالترهل والضعف في ابتداع الحلول ، كما ان مجلس النواب الفاقد الثقة من وجهة نظر المواطن مطالب ان يتعاون من اجل الضغط على الوزراء لانجازالخطط او ابتداع خطط تنفذ اليوم ليس غدا،ففجوات ثقة الاردنيين بدولتهم تتأكل واسبابها كثيرة وكبيرة.
ومن واقع ما ظهر في الاستطلاع، ومن واقع ما نعيشه نحن كمواطنين ومراقبين، نطرح الاسئلة التالية على من يتحكمون بمفاصل الدولة: من يرمم هذه الثقة وكيف ومتى؟. ومن هو صاحب الجرأة على المبادرة الاستثنائية لإصلاح الحال والاحوال؟ وأن تمتع بالقدرة ...فهل سيترك حرا بالمعالجة في ظل التدخلات التي تحصل بعمل الحكومة سواء جاءت من الديوان أو من جهات اخرى ؟ وفي النهاية يبقى السؤال الاهم والمطروح على أهل القرار في الاردن في الشكل قبل المضمون، أي مستقبل للاردن تريدونه كصناع القرار ؟، فالاجابة الملحة التي يحتاجها المواطن هي في مرمى من يتحكمون بمفاصل الدولة وبمعيشة المواطن من "ساسه الى رأسه "...