هؤلاء قد لا يتكررون!!
خيري منصور
جو 24 : قد لا تتكرر شأن ظواهر عديدة تلك الشخصيات السياسية المثقفة التي اقترب أصحابها من صانعي القرار وأحياناً ساهموا فيه، والقاسم المشترك بينهم ثقافتهم واقترابهم من الادباء والفنانين، اسامة الباز أحد هؤلاء، فالرجل رغم المناصب التي شغلها في مصر لعدة عقود كان بسيطاً الى الحدّ الذي جعله يمشي بمفرده في شوارع القاهرة، وأحياناً يركب عربة المترو.
وللمصادفة فقد كان جاري في حي المعادي بالقاهرة، وأراه أحياناً يركب سيارة بيضاء صغيرة ويجلس بجانب السائق، وقبل ان أتعرف اليه عن قرب سمعت الكثير عنه من اصدقاء مشتركين منهم عدنان ابوعودة ومحمود درويش، اضافة الى عدد من اصدقائي الفنانين في القاهرة، فهو كان شغوفاً بالثقافة، وأحياناً يفضل أن يوصف بالمثقف لا برجل السياسة، لهذا قلّ عدد اعدائه وازداد عدد اصدقائه ولم يكن يغيب عن معظم المناسبات الثقافية في القاهرة.
ان أول ما يلفت النظر اليه صوت ر قيق وحاد وعينان مفتوحتان على سعتهما بدافع الفضول الذي قال انه صاحبه منذ صباه، وذات يوم دار حوار بينه وبين شقيقه العالم المعروف فاروق الباز في ندوة عقدت في دبي، وما ان اقتربنا من السياسة حتى قال د. فاروق بصوته ذي الايقاع البازي أيضاً، لا تخطىء في الرقم، فأنا فاروق وهو أسامة ولا شأن لي بالسياسة، كان ذلك قبل احداث الخامس والعشرين من يناير!
إن شخصيات من طراز أسامة الباز وعدنان أبوعودة وهيكل وغسان تويني يندر أن تتكرر في القادم من حياتنا السياسية، لأن ما تغير ليس الواقع السياسي فقط، بل الحياة بمجمل تفاصيلها والثقافة بكل ما انتهت إليه من تهميش وتنكيل!
هؤلاء اقتربوا كثيراً من صانعي القرار ومنهم من دفع ثمن صدقه، فالباز مثلاً دفع ثمن تصريح له في صحيفة اوروبية عن التوريث السياسي في مصر، رغم ان الرئيس الاسبق مبارك احتفظ له بالكثير من الود حتى بعد تقاعده وتفرغه للقراءة، ولم يكتب اسامة الباز مذكراته وربما كتبها لكنه لم يشأ نشرها اثناء حياته، فالرجل خزانة أسرار، ولديه الكثير عن المفاوضات مع اسرائيل خصوصاً في كامب ديفيد وما أعقبها وفي المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية.
والقاسم المشترك بين تلك الشخصيات التي أوشكت أن اضيف اليها د. بطرس غالي لولا شدة تحفظه، وانعزاله وعدم ميله الى المغامرة، هو كونهم مثقفين أولاً، لهذا لم تكن مصادفة ان علاقتي بهم بدأت ثقافية ولن تكون غير ذلك، بدءاً من الصديق عدنان ابوعودة وهيكل حتى الراحلين أسامة الباز وغسان تويني.
ان ما سوف نفتقده ذات يوم ليس فقط ما يسمى الفن الجميل والحياة الدافئة والعلاقات الانسانية الحميمة والصدق، بل شخصيات زاوجت بين السياسة كفكر والثقافة كنمط تفكير!
(الدستور)
وللمصادفة فقد كان جاري في حي المعادي بالقاهرة، وأراه أحياناً يركب سيارة بيضاء صغيرة ويجلس بجانب السائق، وقبل ان أتعرف اليه عن قرب سمعت الكثير عنه من اصدقاء مشتركين منهم عدنان ابوعودة ومحمود درويش، اضافة الى عدد من اصدقائي الفنانين في القاهرة، فهو كان شغوفاً بالثقافة، وأحياناً يفضل أن يوصف بالمثقف لا برجل السياسة، لهذا قلّ عدد اعدائه وازداد عدد اصدقائه ولم يكن يغيب عن معظم المناسبات الثقافية في القاهرة.
ان أول ما يلفت النظر اليه صوت ر قيق وحاد وعينان مفتوحتان على سعتهما بدافع الفضول الذي قال انه صاحبه منذ صباه، وذات يوم دار حوار بينه وبين شقيقه العالم المعروف فاروق الباز في ندوة عقدت في دبي، وما ان اقتربنا من السياسة حتى قال د. فاروق بصوته ذي الايقاع البازي أيضاً، لا تخطىء في الرقم، فأنا فاروق وهو أسامة ولا شأن لي بالسياسة، كان ذلك قبل احداث الخامس والعشرين من يناير!
إن شخصيات من طراز أسامة الباز وعدنان أبوعودة وهيكل وغسان تويني يندر أن تتكرر في القادم من حياتنا السياسية، لأن ما تغير ليس الواقع السياسي فقط، بل الحياة بمجمل تفاصيلها والثقافة بكل ما انتهت إليه من تهميش وتنكيل!
هؤلاء اقتربوا كثيراً من صانعي القرار ومنهم من دفع ثمن صدقه، فالباز مثلاً دفع ثمن تصريح له في صحيفة اوروبية عن التوريث السياسي في مصر، رغم ان الرئيس الاسبق مبارك احتفظ له بالكثير من الود حتى بعد تقاعده وتفرغه للقراءة، ولم يكتب اسامة الباز مذكراته وربما كتبها لكنه لم يشأ نشرها اثناء حياته، فالرجل خزانة أسرار، ولديه الكثير عن المفاوضات مع اسرائيل خصوصاً في كامب ديفيد وما أعقبها وفي المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية.
والقاسم المشترك بين تلك الشخصيات التي أوشكت أن اضيف اليها د. بطرس غالي لولا شدة تحفظه، وانعزاله وعدم ميله الى المغامرة، هو كونهم مثقفين أولاً، لهذا لم تكن مصادفة ان علاقتي بهم بدأت ثقافية ولن تكون غير ذلك، بدءاً من الصديق عدنان ابوعودة وهيكل حتى الراحلين أسامة الباز وغسان تويني.
ان ما سوف نفتقده ذات يوم ليس فقط ما يسمى الفن الجميل والحياة الدافئة والعلاقات الانسانية الحميمة والصدق، بل شخصيات زاوجت بين السياسة كفكر والثقافة كنمط تفكير!
(الدستور)