وضوح الرؤى
الدكتور محمد كامل القرعان
جو 24 :
هناك الكثير من الادوار التي يمكن ان تلعبها الاحزاب الاردنية في المرحلة المقبلة من خلال الاستفادة من التعديلات الدستورية على قانوني الاحزاب والانتخاب؛ واهم هذه الادوار ترسيخ مفهوم الدولة الديمقراطية الكاملة غير المنقوصة؛ وهذا يعني ان يكون لدى المملكة برلمان منتخب وفقا للقانون الذي يقدم الفرز السياسي البرامجي على الجهوي والمناطقي والعائلي والمصالحي؛ ويجب ان يكون لدينا أحزاب ترخص وتمارس عملها تحت عين الشمس ولديها اتحادات طلابية ونقابات فاعلة ومؤسسات مجتمع مدني وتأييد شعبي واسع ، حتى نصل مرحلة تشكيل الحكومات البرلمانية الحزبية، وفي المقابل المطلوب توسيع مظلة الصلاحيات الممنوحة للاحزاب التي تستطيع الوصول الى البرلمان باكثرية وتشكيل الحكومة من التنسيب بتعينات رؤساء المجالس والهيئات المستقلة وهذه الحالة مهمة جدا للخروج من حالة اللبس أمام صلاحيات الأحزاب السياسية وجعلها قادرة على إدارة تلك المرحلة بشكل جيد ومما يجعلها غانمة بالأثر الميداني.
لا يمكن وصف أية دولة بانها ديمقراطية مالم تنص على تلك الصلاحيات في دستورها، وهذا يرتب على الأحزاب الأردنية ذات التوجهات اليسارية والإسلامية ان تكون بالدرجة توجهات وطنية وان تكون مقنعة للرأي العام لا سيما قطاع الشباب ورفع ثقة الشعب بالأحزاب التي لم تتجاوز 9 بالمئة. هذه النسبة تؤشر على أمر خطير في عقلية المواطن الذي يرى أن الأحزاب تنشأ لمصالح شخصية او انها تخرج من عباءة الدوائر الرسمية ، وإنها يمكن من خلال هذه البيئة أن تصل للسلطة في حين أن غير ذلك وهم غير واقعي. ولذا ينبغي بالتوعية والتثقيف واقناع المواطن إن ما جاء من تعديلات على تلك القوانين تشكل الكلمة العليا في نتائج الانتخابات البرلمانية بالاضافة الى وضوح الرؤيا لإنشاء حياة حزبية متطورة تسهم في تقديم برامج وخطط للنهوض بالمقومات الاردنية البشرية والموارد والامكانيات والطاقات لدى مملكتنا وفي العمل الحزبي وسيلة للوصول للسلطة ؛ فالتحولات السياسية نحو الديمقراطية كاملة الدسم لا تكون إلا من خلال الوقوف ضد كل قوى الشد العكسي التي تقف في وجه الديمقراطية والحرية والنماء وتداول السلطة لتمثل بريق امل لكل طامح للعمل السياسي. والأهم من كل ذلك الوصول الى قناعة سياسية أنه لا مجال لتقدم الحياة السياسية إلا من خلال طريق الأحزاب ولا بديل عن ذلك لملء الفراغ.
وختاما فإن عملية التأخر أو لتأخير او التاجيل في إنضاج الحياة السياسية وعدم فتح جميع الابواب امامها لتحيا وتعيش وتنمو وتكبر يعني الحكم على الحياة السياسية بالموت، مورثة أعراضا خطيرة من الاحباط السياسي لدى المجتمع والنخب وانهيار ثقته وتعريضه للضعف في كل المجالات والخاسر الاكبر علاج مرض الاقتصاد المتأزم.