الاخوان وسؤال اردوغان؟
حسين الرواشدة
جو 24 :
كنت اتمنى حين يعبَّر اخواننا في الحركة الاسلامية عن اعجابهم باردوغان ونموذج حزب العدالة والتنمية في تركيا ان يطرحوا على انفسهم سؤالا واحدا: لماذا نجح الاسلاميون الاتراك في تقديم نموذج الاسلام السياسي الديمقراطي واجتازوا امتحان تداول السلطة فيما بينهم اولا. ومع خصومهم السياسيين ثانيا ، فيما فشلنا نحن في تقديم هذا النموذج سواء في الدائرة التنظيمية التي تتعلق بانتخاباتنا في مجلس الشورى او في امانة الحزب او حتى في علاقاتنا مع بعضنا ومع الاخرين؟،.
لا اريد ان اجيب بالنيابة عنهم ، ولكنني اعتقد ان عصر قراءة الادبيات والاحتكام الى الكتب وما تحفل به من تراث قد انتهى ، واننا امام عصر يفرض فيه الحدث بما يحمله من صور وحراكات وافعال نموذجه الذي يدفع الناس الى التعامل معه والحكم عليه ، بالقبول او بالرفض، ومن اسف ان هذا النموذج الديمقراطي الذي صدرته الجماعة اكثر من مرة على مدى السنوات الماضية(اخرها ازاحة المراقب العام السابق قبل ان يكمل مدته) لا يبعث على التفاؤل ولا الاطمئنان ، ويكفي ان نتخيل للحظة بان اخواننا الاسلاميين في موقع السلطة ، وهذه التي يفترض بان اي حزب سياسي يسعى اليها ،وبانهم مسؤولون عن ادارة شؤون الناس وتدبير حياتهم. فاي نموذج هذا الذي يمكن ان نتصور بانهم سيقدمونه افضل مما نراه اليوم يخرج من بين داخلهم على صعيد ترتيب بيتهم وعلاقاتهم مع بعضهم.. واي ديمقراطية .. هذه التي يمكن ان نتوقعها ممن عجز عن انتاجها ، واية قيم في السماحة والتدافع والتعاذر والحكمة في التناول وادارة الازمات وتغليب المصالح العامة على الشخصية يمكننا ايضا ان نطئمن اليها ونحن نرى ان من يبشروننا بها يسيرون في اتجاه معاكس لها تماما.
اذكّر هنا فقط بان دعاة مبادرة زمزم الذي ضاقوا بالاطر النتظيمية للجماعة سيشهرون يوم السبت القادم(5/10) مبادرتهم ،وهذه وحدها تكفي لكشف حالة الجماعة على صعيد ضعف قدرتها على جمع اعضائها وانتزاع ما بداخلهم من مبادرات وابداعات ،ويكفي ايضا لمعرفة المدى الديمقراطي الذي دفع هؤلاء الاعضاء للهروب الى فضاء اخر اكثر رحابة بعد ان حوصروا في الانتخابات وغيبوا عن ممارسة واجبهم في اطار الحركة لا خارجها .
اعرف ان المقارنة بين الاسلاميين الاتراك الذين اثاروا اعجابنا وبين الاسلاميين في بلدنا تبدو غير منصفة ، لاسباب كثيرة لا مجال لنقاشها هنا ولكن هذا لا يمنعنا من الاعتراف بان اولئك استطاعوا في اقل من عقدين من الزمن ان يثبتوا حضورهم ويحسموا قضاياهم ، ويبرزوا نموذجهم في السياسة والادارة وفي مواجهة الازمات ايضا فيما فشل الاسلاميون في بلدنا رغم تجربة عمرها ناهز الستين عاما في تجاوز ازماتهم الداخلية وحسم قضاياهم التنظيمية ، لكي لا تقول انهم فشلوا في انتاج مشروع سياسي واصلاحي يقنعنا بانهم عمليا قادرون ، اذا ما افترضنا وجود تداول للسلطة - على ممارسة دور افضل من دور الحكومات التي ينتقدون اداءها باستمرار ، او تقديم نموذج اصلاحي ديمقراطي ارقى او احسن من هذا الذي يقدمونه داخل بيتهم الان.
واذا ما تجاوزنا هذه المقارنة مع الاسلاميين الاتراك واخذنا الاخوان في المغرب - مثلا - او حزب النهضة في تونس(دعك الان من تجربة الاخوان في مصر) فان نجاحهم في تجاوز ازماتهم الداخلية ، وقدرتهم على اختراق حواجز العمل السياسي يضعنا امام حقيقة اخرى وهي ان لدى الاسلاميين في بلدنا مشكلة او ازمة حقيقية لا تتعلق فقط بالظروف والمناخات التي تحيط بهم ، ويبررون من خلالها ما انتهوا اليه من صراعات وانما تتعلق بعجزهم وفشلهم “اقول ذلك مع الاسف” عن تطوير خطابهم واثبات حضورهم واقناع الناس ببرامجهم وايضا الخروج من دائرة المناكفات التي انشغلوا بها ومنطق الحسابات الذي احتكموا اليه وهو للاسف مرة اخرى منطق بائس لا يليق بحزب ولا جماعة فكيف اذا كانت المرجعية اسلامية والتجربة ناهزت على الستين عاما والقانون “انما المؤمنون اخوة” والهدف الصلاح والاصلاح ، والشعار “واعدوا لهم”؟،.
الاحتفاء “بالنموذج” الاسلامي التركي مشروع ، والتعبير عن الاعجاب به فضيلة ايضا ، لكن ماذا عن “نموذجنا” نحن؟ لماذا انتكس؟ ولماذا فقد المعجبين به والمتعاطفين معه؟ اليس هذه اسئلة مشروعة والاجابة عليها فريضة ايضا؟،.
(الدستور)
كنت اتمنى حين يعبَّر اخواننا في الحركة الاسلامية عن اعجابهم باردوغان ونموذج حزب العدالة والتنمية في تركيا ان يطرحوا على انفسهم سؤالا واحدا: لماذا نجح الاسلاميون الاتراك في تقديم نموذج الاسلام السياسي الديمقراطي واجتازوا امتحان تداول السلطة فيما بينهم اولا. ومع خصومهم السياسيين ثانيا ، فيما فشلنا نحن في تقديم هذا النموذج سواء في الدائرة التنظيمية التي تتعلق بانتخاباتنا في مجلس الشورى او في امانة الحزب او حتى في علاقاتنا مع بعضنا ومع الاخرين؟،.
لا اريد ان اجيب بالنيابة عنهم ، ولكنني اعتقد ان عصر قراءة الادبيات والاحتكام الى الكتب وما تحفل به من تراث قد انتهى ، واننا امام عصر يفرض فيه الحدث بما يحمله من صور وحراكات وافعال نموذجه الذي يدفع الناس الى التعامل معه والحكم عليه ، بالقبول او بالرفض، ومن اسف ان هذا النموذج الديمقراطي الذي صدرته الجماعة اكثر من مرة على مدى السنوات الماضية(اخرها ازاحة المراقب العام السابق قبل ان يكمل مدته) لا يبعث على التفاؤل ولا الاطمئنان ، ويكفي ان نتخيل للحظة بان اخواننا الاسلاميين في موقع السلطة ، وهذه التي يفترض بان اي حزب سياسي يسعى اليها ،وبانهم مسؤولون عن ادارة شؤون الناس وتدبير حياتهم. فاي نموذج هذا الذي يمكن ان نتصور بانهم سيقدمونه افضل مما نراه اليوم يخرج من بين داخلهم على صعيد ترتيب بيتهم وعلاقاتهم مع بعضهم.. واي ديمقراطية .. هذه التي يمكن ان نتوقعها ممن عجز عن انتاجها ، واية قيم في السماحة والتدافع والتعاذر والحكمة في التناول وادارة الازمات وتغليب المصالح العامة على الشخصية يمكننا ايضا ان نطئمن اليها ونحن نرى ان من يبشروننا بها يسيرون في اتجاه معاكس لها تماما.
اذكّر هنا فقط بان دعاة مبادرة زمزم الذي ضاقوا بالاطر النتظيمية للجماعة سيشهرون يوم السبت القادم(5/10) مبادرتهم ،وهذه وحدها تكفي لكشف حالة الجماعة على صعيد ضعف قدرتها على جمع اعضائها وانتزاع ما بداخلهم من مبادرات وابداعات ،ويكفي ايضا لمعرفة المدى الديمقراطي الذي دفع هؤلاء الاعضاء للهروب الى فضاء اخر اكثر رحابة بعد ان حوصروا في الانتخابات وغيبوا عن ممارسة واجبهم في اطار الحركة لا خارجها .
اعرف ان المقارنة بين الاسلاميين الاتراك الذين اثاروا اعجابنا وبين الاسلاميين في بلدنا تبدو غير منصفة ، لاسباب كثيرة لا مجال لنقاشها هنا ولكن هذا لا يمنعنا من الاعتراف بان اولئك استطاعوا في اقل من عقدين من الزمن ان يثبتوا حضورهم ويحسموا قضاياهم ، ويبرزوا نموذجهم في السياسة والادارة وفي مواجهة الازمات ايضا فيما فشل الاسلاميون في بلدنا رغم تجربة عمرها ناهز الستين عاما في تجاوز ازماتهم الداخلية وحسم قضاياهم التنظيمية ، لكي لا تقول انهم فشلوا في انتاج مشروع سياسي واصلاحي يقنعنا بانهم عمليا قادرون ، اذا ما افترضنا وجود تداول للسلطة - على ممارسة دور افضل من دور الحكومات التي ينتقدون اداءها باستمرار ، او تقديم نموذج اصلاحي ديمقراطي ارقى او احسن من هذا الذي يقدمونه داخل بيتهم الان.
واذا ما تجاوزنا هذه المقارنة مع الاسلاميين الاتراك واخذنا الاخوان في المغرب - مثلا - او حزب النهضة في تونس(دعك الان من تجربة الاخوان في مصر) فان نجاحهم في تجاوز ازماتهم الداخلية ، وقدرتهم على اختراق حواجز العمل السياسي يضعنا امام حقيقة اخرى وهي ان لدى الاسلاميين في بلدنا مشكلة او ازمة حقيقية لا تتعلق فقط بالظروف والمناخات التي تحيط بهم ، ويبررون من خلالها ما انتهوا اليه من صراعات وانما تتعلق بعجزهم وفشلهم “اقول ذلك مع الاسف” عن تطوير خطابهم واثبات حضورهم واقناع الناس ببرامجهم وايضا الخروج من دائرة المناكفات التي انشغلوا بها ومنطق الحسابات الذي احتكموا اليه وهو للاسف مرة اخرى منطق بائس لا يليق بحزب ولا جماعة فكيف اذا كانت المرجعية اسلامية والتجربة ناهزت على الستين عاما والقانون “انما المؤمنون اخوة” والهدف الصلاح والاصلاح ، والشعار “واعدوا لهم”؟،.
الاحتفاء “بالنموذج” الاسلامي التركي مشروع ، والتعبير عن الاعجاب به فضيلة ايضا ، لكن ماذا عن “نموذجنا” نحن؟ لماذا انتكس؟ ولماذا فقد المعجبين به والمتعاطفين معه؟ اليس هذه اسئلة مشروعة والاجابة عليها فريضة ايضا؟،.
(الدستور)