العالـم العربـي .. إلـى أيـن؟
حسين الرواشدة
جو 24 : هذا السؤال كان مجالاً للنقاش في ندوة نظمتها رابطة كتاب التجديد بالتعاون مع المنتدى العالمي للوسطية، وعلى مدى نحو (5) ساعات تحاجج عشرة من أبرز الباحثين والاكاديميين والاعلاميين حول ما حدث: هل هو ثورة أم مجرد انفجارات اجتماعية، هل كانت سحابة صيف عابرة أم انها بمثابة “خريف” سقطت فيه الاوراق وانكشفت “الملفات” وبالتالي فان الربيع قادم، ثم ما دور “الفاعلون” في المشهد: المجتمع بحالته التي تراكمت عليها عقود من الاستبداد والفساد، العسكر الذين شكلوا “بيضة” القبان في توجيه التحولات وضبط “بوصلتها”، القوة السياسية الاسلامية والليبرالية والعلمانية التي وجدت نفسها امام “بناء” تم هدمه.. وينتظر من يتولى بناءه.
اختلف المشاركون في “تشخيص” الحالة، كما بينت آراؤهم في قراءة “المقاربات” التي جرت على هامشها، وتحديد “المسؤولين” عنها و مخارجها ايضا، لكن في اطار هذا “الاختلاف” كان ثمة مشتركات يمكن ان تطمئننا على عدة مسارات، احداها ان أمتنا - اليوم - تتعرض “لأزمات” خانقة، وان اي طرف مهما كان وزنه السياسي، لا يستطيع ان يدّعي بأنه يستطيع لوحده ان يتولى دور “المخلص” أو المنقذ، وبالتالي فان توافق “الكتلة التاريخية” في كل بلد على “خارطة” انتقالية هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الازمات وبناء “حالة” جديدة تتناسب مع مطالب الشعوب وتمنع “التدخل” الخارجي من حرفها عن مسارها.
من المشتركات ايضا، ان تجربة “الاسلاميين” في الحكم تمنحنا الفرصة لمعرفة الاخطاء التي ارتكبوها، لكنها لا تكفي لتقييم “الاسلام السياسي”، واذا كان مطلوبا من “الاسلاميين” ان يعيدوا النظر في ادبياتهم السياسية وممارساتهم العملية فان المطلوب - ايضا - من خصومهم السياسي ان يتعاملوا مع مرحلة التحولات السياسية بالمنطق ذاته، وان لا تدفعهم “الخصومة” السياسية الى الانقلاب على الديمقراطية كرهاً بالاسلاميين.
من المشتركات - ثالثا - ان مفهوم “الدولة” في عالمنا العربي ما زال عائما وغامضا، كما ان “المدينة” التي تلصق “بالدولة” لابعادها عن “الايديولوجيا” ما تزال “ناقصة”، وبالتالي فان من واجب المثقف العربي ان يتحرر من “انحيازاته” واحكامه المسبقة، باتجاه التأسيس لحالة “تنويرية” ترشد المجتمعات العربية التي تتعرض اليوم “للتضليل” والعبث وتشويه الصورة لكي تتكيف مع هذه التحولات المتسارعة وتهضمها، ولكي تستجيب ايضا “لخيارات” البناء مثلما استجابت لاضطرابات الهدم ونجحت فيها.
من المشتركات - رابعا - ان “اللعب” بأوراق “الثنائيات” داخل المجتمع الواحد، والصراعات الطائفية والمذهبية والدينية في العالم العربي، لا يخدم “التحولات” التي جرت بفعل “ارادة” الشعوب العربية، وهي - بالتالي - ليست اكثر من محاولة لاجهاض هذه التحولات، سواء من قبل المتضررين منها في الداخل او المتربصين بها في الخارج، والمطلوب ان تنهض القوى العربية الفاعلة لاطلاق مبادرات حقيقية “للمّ الشمل” وتطويق الصراعات واطفاء نيران “الفتن” والا فان عالمنا العربي سيواجه مرحلة جديدة من “رسم الخرائط” والحروب الاهلية.
آخر هذه المشتركات هي ضرورة فك الاشتباك بين القوى السياسية وحسم اشكاليات “الهوية” سواء في بعدها الديني او القومي او حتى “الحزبي”، فالصراع الذي جرى في عالمنا العربي - وهو بالمناسبة امر طبيعي - صراع على السياسة وفي داخلها ايضا، وبالتالي فان اقحام “الدين” فيه يضر بالدين والسياسة معاً، كما ان اقصاء اي طرف من هذا الصراع بشكل متعسف سيضر بالمجتمع والامة ايضا.
لم تحل الندوة - بالطبع - من اشتباكات في الرأي، فثمة من تصور بأن الثورات “صناعة” غربية ومؤامرة كونية، وان الهدف منها هو “الفوضى” الخلاقة، وتدمير “الجيوش” العربية، وثمة من رأى بأن “التحالفات” التي تجري في المنطقة على هامش هذه التحولات لا تقيم اعتبارا لمصلحة الشعوب وانما تصب في “تقسيم” النفوذ لقوى بعينها في المنطقة، وثمة من اعترض على “حكم الاسلاميين” واعتبر ما حدث في مصر ثورة جديدة ضد الاخوان وليست انقلابا، وثمة من دفع باتجاه ان ما يحدث محاولة “للانقضاض” على الاسلام لا على “الاسلاميين” وعلى “الديمقراطية” والثورات العربية لا على “حكم” فصيل ما حتى وان اخطأ.
في الندوة - باختصار - كانت تضاريس “خارطة المواقف” والافكار تتطابق تماما مع ما يدور في عالمنا العربي اليوم من نقاشات حول ما جرى في السنوات الثلاث الماضية، لكن هذه التضاريس - على ما فيها من فوارق - تمنحنا فرصة “امل” بجدوى الحوار والتفاهم، وضرورة البحث عن “المشتركات” والخروج من “الصندوق”، فهذا هو الطريق الوحيد لقراءة ما حدث واستيعابه والخروج من مرحلة “المخاضات” الى مرحلة “الولادات” بمنطق الهضم والاستيعاب والتوافق، لا بمنطق الاستحواذ والاقتتال والحذف والمكاسرة.
(الدستور)
اختلف المشاركون في “تشخيص” الحالة، كما بينت آراؤهم في قراءة “المقاربات” التي جرت على هامشها، وتحديد “المسؤولين” عنها و مخارجها ايضا، لكن في اطار هذا “الاختلاف” كان ثمة مشتركات يمكن ان تطمئننا على عدة مسارات، احداها ان أمتنا - اليوم - تتعرض “لأزمات” خانقة، وان اي طرف مهما كان وزنه السياسي، لا يستطيع ان يدّعي بأنه يستطيع لوحده ان يتولى دور “المخلص” أو المنقذ، وبالتالي فان توافق “الكتلة التاريخية” في كل بلد على “خارطة” انتقالية هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الازمات وبناء “حالة” جديدة تتناسب مع مطالب الشعوب وتمنع “التدخل” الخارجي من حرفها عن مسارها.
من المشتركات ايضا، ان تجربة “الاسلاميين” في الحكم تمنحنا الفرصة لمعرفة الاخطاء التي ارتكبوها، لكنها لا تكفي لتقييم “الاسلام السياسي”، واذا كان مطلوبا من “الاسلاميين” ان يعيدوا النظر في ادبياتهم السياسية وممارساتهم العملية فان المطلوب - ايضا - من خصومهم السياسي ان يتعاملوا مع مرحلة التحولات السياسية بالمنطق ذاته، وان لا تدفعهم “الخصومة” السياسية الى الانقلاب على الديمقراطية كرهاً بالاسلاميين.
من المشتركات - ثالثا - ان مفهوم “الدولة” في عالمنا العربي ما زال عائما وغامضا، كما ان “المدينة” التي تلصق “بالدولة” لابعادها عن “الايديولوجيا” ما تزال “ناقصة”، وبالتالي فان من واجب المثقف العربي ان يتحرر من “انحيازاته” واحكامه المسبقة، باتجاه التأسيس لحالة “تنويرية” ترشد المجتمعات العربية التي تتعرض اليوم “للتضليل” والعبث وتشويه الصورة لكي تتكيف مع هذه التحولات المتسارعة وتهضمها، ولكي تستجيب ايضا “لخيارات” البناء مثلما استجابت لاضطرابات الهدم ونجحت فيها.
من المشتركات - رابعا - ان “اللعب” بأوراق “الثنائيات” داخل المجتمع الواحد، والصراعات الطائفية والمذهبية والدينية في العالم العربي، لا يخدم “التحولات” التي جرت بفعل “ارادة” الشعوب العربية، وهي - بالتالي - ليست اكثر من محاولة لاجهاض هذه التحولات، سواء من قبل المتضررين منها في الداخل او المتربصين بها في الخارج، والمطلوب ان تنهض القوى العربية الفاعلة لاطلاق مبادرات حقيقية “للمّ الشمل” وتطويق الصراعات واطفاء نيران “الفتن” والا فان عالمنا العربي سيواجه مرحلة جديدة من “رسم الخرائط” والحروب الاهلية.
آخر هذه المشتركات هي ضرورة فك الاشتباك بين القوى السياسية وحسم اشكاليات “الهوية” سواء في بعدها الديني او القومي او حتى “الحزبي”، فالصراع الذي جرى في عالمنا العربي - وهو بالمناسبة امر طبيعي - صراع على السياسة وفي داخلها ايضا، وبالتالي فان اقحام “الدين” فيه يضر بالدين والسياسة معاً، كما ان اقصاء اي طرف من هذا الصراع بشكل متعسف سيضر بالمجتمع والامة ايضا.
لم تحل الندوة - بالطبع - من اشتباكات في الرأي، فثمة من تصور بأن الثورات “صناعة” غربية ومؤامرة كونية، وان الهدف منها هو “الفوضى” الخلاقة، وتدمير “الجيوش” العربية، وثمة من رأى بأن “التحالفات” التي تجري في المنطقة على هامش هذه التحولات لا تقيم اعتبارا لمصلحة الشعوب وانما تصب في “تقسيم” النفوذ لقوى بعينها في المنطقة، وثمة من اعترض على “حكم الاسلاميين” واعتبر ما حدث في مصر ثورة جديدة ضد الاخوان وليست انقلابا، وثمة من دفع باتجاه ان ما يحدث محاولة “للانقضاض” على الاسلام لا على “الاسلاميين” وعلى “الديمقراطية” والثورات العربية لا على “حكم” فصيل ما حتى وان اخطأ.
في الندوة - باختصار - كانت تضاريس “خارطة المواقف” والافكار تتطابق تماما مع ما يدور في عالمنا العربي اليوم من نقاشات حول ما جرى في السنوات الثلاث الماضية، لكن هذه التضاريس - على ما فيها من فوارق - تمنحنا فرصة “امل” بجدوى الحوار والتفاهم، وضرورة البحث عن “المشتركات” والخروج من “الصندوق”، فهذا هو الطريق الوحيد لقراءة ما حدث واستيعابه والخروج من مرحلة “المخاضات” الى مرحلة “الولادات” بمنطق الهضم والاستيعاب والتوافق، لا بمنطق الاستحواذ والاقتتال والحذف والمكاسرة.
(الدستور)