jo24_banner
jo24_banner

أعراس مأتمية!!

خيري منصور
جو 24 : لكل فرح عربي أعراضه بل أتراحه الجانبية بدءاً من اشعال الهواء بالرصاص في موسم الثانوية السامة التي لم تعد عامة، وليس انتهاء بالبرلمانات والاعراس، فالبشر الذين يستعيذون بالله من الشيطان عندما يضحكون، أو يقولون لبعضهم بما يشبه الاعتذار الله يستر.. لا بد ان لهم سايكولوجيا من طراز عجيب ساهم تاريخ الاضطهاد والسطو والتهميش في تشكيلها وبمعنى آخر فان ما ترسب في اللاشعور من هذا التاريخ قد تحول الى ماسوشية تجعل ضحيتها يبحث عن مصدر الألم إن لم يجده، ومن ثم يتلذذ بالعذاب، وكأن الفارق في لغتنا بين العذاب والعذوبة مجرد خطأ في التدوين أو الطباعة!
حتى المناسبات الوطنية لم تعد في منأى عن اعراض جانبية مأتمية، لكن بطريقة اخرى هي بالطبع ليست مبتكرة لكن الجديد فيها هو تحويلها الى مشاهد مألوفة.
بالأمس، احتفل المصريون بالذكرى الاربعين لحرب اكتوبر، التي حاولت تضميد جراح حزيران واعادة الاعتبار لعسكرية عانت من جرح بليغ في صميم القلب، لكن العرض الجانبي للاحتفال كان اكثر من ستين قتيلا ومئات الجرحى.
والعرض الجانبي في المشهد المصري يختلف عن الاعراض الجانبية في الاعراس، لأن المظاهرات التي تزامنت مع الاحتفال كانت تهتف بسقوط العسكر، وليت من نظموها ابتعدوا عن السادس من اكتوبر الى أي يوم آخر لأنه باختصار يوم الجيش، والجيش في اي بلد ليس حزباً أو قبيلة، انه يتشكل من المجتمع كله وبكل شرائحه، لهذا فهو قادم من كل البيوت بلا استثناء.
ونحن في هذا المقام لا نناقش التظاهر او أسبابه في مصر أو غيرها، فذلك شجن معقد وطويل، وخلاصته رغم اختلاف العناوين والمظلات انه يعكس صراعاً مزمناً على احتكار السلطة في عالم لم يألف بعد ما يسمى تداول السلطة.
لماذا اصبح قدر العربي ان يودع ايامه كلها بالدموع، فأعياده مأتم، وهناك دائما خصلات شعر وليس شعرة واحدة في حسائه!
ومن اختاروا فجر عيد اضحى ليشنقوا مع التكبير رئيس دولة سجينا كان أمامهم اختيار يوم آخر هذا اذا كان لهم بالفعل مثل هذا الحق.
حتى المباريات الرياضية غالبا ما يُضخ الدم انتصاراتها وهزائمها على السواء، ففي مصر وحدها قتل اكثر من سبعين انساناً في ملعب لم يتصور من ذهبوا اليه انه محرقة.
والارجح ان لهذه الظاهرة السوداء أسبابا اخرى اضافة الى رواسب التاريخ الغاشم والماسوشية، منها عدم القدرة على احتمال الفرح، لهذا نسمع عن أناس يقال انهم ماتوا في مناسبات معينة بالفرحة وليس بالسكتة..
ان الفرح غير مسموح به، رغم انه ما من بيانات صدرت في هذا الشأن، لهذا ما ان يتجاسر أحدنا على اقتراف جريمة الفرح حتى يعاقب على الفور، وان لم يجد من يعاتبه عاتب نفسه على طريقة ما حك جلدك مثل ظُفرك!!
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير