حوار مع الشيخ علي جمعة!
حسين الرواشدة
جو 24 : قبل نحو شهر ونصف التقيت الشيخ علي جمعة، مفتي مصر السابق، في عمان، وفاجأني على مدى ساعتين، بقصص مدهشة عما فعله الاخوان في مصر، والرئيس مرسي تحديداً، من تجاوزات (وصفها بانها جرائم تتنافى مع الدين ومع الوطنية)، ذكر لي -مثلا- قصة الاتفاق الذي ابرمه الرئيس (السابق) مع الامريكان لترحيل نحو ثلاثة آلاف من مقاتلي القاعدة في افعانستان وتوطينهم في سيناء، وذكر ايضا- قصة بيع قناة السويس، وقصص اخرى عن (التاجر) خيرت الشاطر وعن فتاوى القتل الذي اصدرها المرشد العام للاخوان بعد الانقلاب، وبعد كل قصة كان الشيخ يقسم بالله ان لديه من الوثائق ما يؤكد ذلك، وان قيادات عليا في الدولة زودته بها.
قلت آنذاك في نفسي، ربما يكون الشيخ مطلعا على امور لا اعرفها، فآثرت ان استمع اليه دون مقاطعة، لكنني -بالطبع- لم اخف معارضتي للانقلاب على الصورة التي تم بها، ومخاوفي من دخول مصر في صراع داخلي، وعدم يقيني بان اي فصيل سياسي وطني او رئيس لم يمض على مدة حكمه اكثر من عام، يمكن ان يفكر في الوقوع بمثل هذه (المطبات) او ان يقترف مثل هذه الجرائم ضد وطنه، ومع ذلك ظل الشيخ جمعة متحمساً في الهجوم على الاخوان معتبرا انهم خطر يخدد مصر، وخوارج على الشرعية الجديدة وسراق للثورة.
ترددت في الكتابة عن (اللقاء)، واتصلت باصدقاء في مصر يعرفون الشيخ ولا علاقة لهم بالاخوان، فنصحوني بعدم الاشارة الى ما قاله المفتي، مشككين في رواياته، باعتباره احد الخصوم المعروفين للاخوان، وباعتبار القصص التي ذكرتها آنفا جزءا من حملة (اعلامية) تبناها الاعلام المصري لتمرير الانقلاب وشيطنة الاخوان.
لا اخفي انني كنت احتفظ للشيح جمعة باحترام منذ ان التقيته في الدروس الهاشمية بعمان قبل اكثر من سبع سنوات، وهو -بالتأكيد- رجل ذكي وصاحب نكتة وذو عقل علمي منفتح ويأسرك حديثه كما تجذبك لباقته، ورغم تحفظاتي على موقفه من الاخوان بمثل هذه الصورة الا انني رأيت ان من حق الرجل ان يكون له (موقف سياسي) حتى وان كان محسوبا على (حقل) الدين الجامع والمرشد والمنصف لكل الاطراف، واعتبرت ان ما سمعته منه مجرد حوار خاص لتوضيح الصورة وليس لغايات (الجهر بالسوء) او نشر ما لا يصلح للنشر.
أمس، صدمني عنوان نشرته معظم وكالات الانباء يقول (مفتي مصر السابق يبرر قبل المتظاهرين) اعتقدت ان في العنوان مبالغة ما، او ان كلاما منسوبا الى الشيخ قد نقل بعيدا عن الدقة والصحة، او حملوه ما لا يحتمل، فعدت الى قراءة الخبر مرة اخرى ووجدت ان ناشطين سربوا مقاطع مسجلة (بالفيديو) من كلمة ألقاها المفتي بحضور وزير الدفاع الجنرال السيسي ووزير الداخلية يقول فيها بالحرف مخاطبا قيادات عسكرية وامنية (اضرب بالمليان، واياك ان تضحي باقرانك وجنودك من اجل هؤلاء الخوارج، فطوبى لمن قتلهم وقتلوه، فمن قتلهم كان اولى بالله منهم، بل اننا يجب ان نظهر مدينتنا ومصرنا من هؤلاء الاوباش) وافاض الرجل في التحريض على القتل مستندا الى رؤية تواترت بتأييد من قبل رسول الله واولياء الله لهم ضد (الخوارج) ومذكرا بان الرسول عليه السلام احرق مسجدا لانه (لا يريد هذا المكر وهذا الاثم في الظاهر والفساد في الباطن، ولذلك سمي الخوارج بكلاب النار مع صلاتهم وصيامهم وقرآنهم) على حد وصفه.
كان يمكن -بالطبع- لواحد مثلي ذاق مرارة الفتاوى غير الصحيحة وضاق ذرعا (بالداخلين) على الدين الحنيف وبالداعين لتكفير عباد الله ان يتجاوز هذا (الكلام) وان (يمر به مرور الكلام) لكن ما افزعني حقا هو ان مصاحبة (مفتي) الديار المصرية سابقا، ورجل معتبر في العلم والفهم والدراية وتقدير الامور، ومحسوب على خط الاعتدال، ولا يمكن لاحد ان يتصور بانه يمكن ان يقع في هذا المحظور او ان يتحمل -وهو الصوفي- اثم المشاركة والمسامحة في قتل الناس، مهما كانت المبررات، ومهما كانت اخطاؤهم ايضا واستفزني اكثر ما ختم به كلمته حين قال (هذه هي سماحة الاسلام، وهذه هي قوة الاسلام وحلاوة السلام ثم اضاف: والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
ليس لدي اي تعليقات، لكنني سألت نفسي: ماذا حدث لعلمائنا في هذا الزمن، وهل حقا هذه هي سماحة الاسلام (وحلاوته) واذا كان هذا ما يفعله علماؤنا الكبار فكيف نلوم الاخرين من الجهال وانصاف العلماء لا ادري بالطبع، ولكنني اسأل الله تعالى ان اراد بنا فتنة ان يقبضنا غير فاتنين ولا مفتونين
قولوا: آمين
(الدستور)
قلت آنذاك في نفسي، ربما يكون الشيخ مطلعا على امور لا اعرفها، فآثرت ان استمع اليه دون مقاطعة، لكنني -بالطبع- لم اخف معارضتي للانقلاب على الصورة التي تم بها، ومخاوفي من دخول مصر في صراع داخلي، وعدم يقيني بان اي فصيل سياسي وطني او رئيس لم يمض على مدة حكمه اكثر من عام، يمكن ان يفكر في الوقوع بمثل هذه (المطبات) او ان يقترف مثل هذه الجرائم ضد وطنه، ومع ذلك ظل الشيخ جمعة متحمساً في الهجوم على الاخوان معتبرا انهم خطر يخدد مصر، وخوارج على الشرعية الجديدة وسراق للثورة.
ترددت في الكتابة عن (اللقاء)، واتصلت باصدقاء في مصر يعرفون الشيخ ولا علاقة لهم بالاخوان، فنصحوني بعدم الاشارة الى ما قاله المفتي، مشككين في رواياته، باعتباره احد الخصوم المعروفين للاخوان، وباعتبار القصص التي ذكرتها آنفا جزءا من حملة (اعلامية) تبناها الاعلام المصري لتمرير الانقلاب وشيطنة الاخوان.
لا اخفي انني كنت احتفظ للشيح جمعة باحترام منذ ان التقيته في الدروس الهاشمية بعمان قبل اكثر من سبع سنوات، وهو -بالتأكيد- رجل ذكي وصاحب نكتة وذو عقل علمي منفتح ويأسرك حديثه كما تجذبك لباقته، ورغم تحفظاتي على موقفه من الاخوان بمثل هذه الصورة الا انني رأيت ان من حق الرجل ان يكون له (موقف سياسي) حتى وان كان محسوبا على (حقل) الدين الجامع والمرشد والمنصف لكل الاطراف، واعتبرت ان ما سمعته منه مجرد حوار خاص لتوضيح الصورة وليس لغايات (الجهر بالسوء) او نشر ما لا يصلح للنشر.
أمس، صدمني عنوان نشرته معظم وكالات الانباء يقول (مفتي مصر السابق يبرر قبل المتظاهرين) اعتقدت ان في العنوان مبالغة ما، او ان كلاما منسوبا الى الشيخ قد نقل بعيدا عن الدقة والصحة، او حملوه ما لا يحتمل، فعدت الى قراءة الخبر مرة اخرى ووجدت ان ناشطين سربوا مقاطع مسجلة (بالفيديو) من كلمة ألقاها المفتي بحضور وزير الدفاع الجنرال السيسي ووزير الداخلية يقول فيها بالحرف مخاطبا قيادات عسكرية وامنية (اضرب بالمليان، واياك ان تضحي باقرانك وجنودك من اجل هؤلاء الخوارج، فطوبى لمن قتلهم وقتلوه، فمن قتلهم كان اولى بالله منهم، بل اننا يجب ان نظهر مدينتنا ومصرنا من هؤلاء الاوباش) وافاض الرجل في التحريض على القتل مستندا الى رؤية تواترت بتأييد من قبل رسول الله واولياء الله لهم ضد (الخوارج) ومذكرا بان الرسول عليه السلام احرق مسجدا لانه (لا يريد هذا المكر وهذا الاثم في الظاهر والفساد في الباطن، ولذلك سمي الخوارج بكلاب النار مع صلاتهم وصيامهم وقرآنهم) على حد وصفه.
كان يمكن -بالطبع- لواحد مثلي ذاق مرارة الفتاوى غير الصحيحة وضاق ذرعا (بالداخلين) على الدين الحنيف وبالداعين لتكفير عباد الله ان يتجاوز هذا (الكلام) وان (يمر به مرور الكلام) لكن ما افزعني حقا هو ان مصاحبة (مفتي) الديار المصرية سابقا، ورجل معتبر في العلم والفهم والدراية وتقدير الامور، ومحسوب على خط الاعتدال، ولا يمكن لاحد ان يتصور بانه يمكن ان يقع في هذا المحظور او ان يتحمل -وهو الصوفي- اثم المشاركة والمسامحة في قتل الناس، مهما كانت المبررات، ومهما كانت اخطاؤهم ايضا واستفزني اكثر ما ختم به كلمته حين قال (هذه هي سماحة الاسلام، وهذه هي قوة الاسلام وحلاوة السلام ثم اضاف: والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
ليس لدي اي تعليقات، لكنني سألت نفسي: ماذا حدث لعلمائنا في هذا الزمن، وهل حقا هذه هي سماحة الاسلام (وحلاوته) واذا كان هذا ما يفعله علماؤنا الكبار فكيف نلوم الاخرين من الجهال وانصاف العلماء لا ادري بالطبع، ولكنني اسأل الله تعالى ان اراد بنا فتنة ان يقبضنا غير فاتنين ولا مفتونين
قولوا: آمين
(الدستور)