صورة مجتمعنا التي لا نعرفها؟
حسين الرواشدة
جو 24 : لدينا في الاردن نحو “700” الف شخص يعانون من الاعاقة، بمعنى ان نحو “12%” من الاردنيين مسجلون في قوائم ذوي الاحتياجات الخاصة.
للوهلة الاولى ادهشني هذا “الرقم” الذي اعلنته السيدة امل النحاس، امين عام المجلس الاعلى لشؤون المعوقين، لكن حين عدت الى التقارير والاحصائيات وجدت ان النسبة قدرت في عام 2004 - حسب التعداد العام للسكان في الاردن - بنحو “1.2” بالمئة، فيما قدرها البنك الدولي ما بين 4-6 بالمئة، اما منظمة الصحة العالمية فذكرت ان النسبة نحو “10” بالمئة.
في موازاة ذلك، لدينا في الاردن - حسب دراسة اعدها المجلس الاعلى للعلوم والتكنولوجيا عام 2010 نحو “مليون” شخص يعانون من الاضطرابات النفسية، وهم يشكلون ما نسبته “17%” من مجموع السكان.
الى جانب ذلك، ارتفعت نسبة “البطالة” الى نحو “15%” من مجموع عدد السكان القادرين على العمل، بما يعني ان لدينا نحو “300” الف شخص عاطل عن العمل، فيما بلغت نسبة المعاقين الذين وجدوا “عملا” نحو “12%” من عددهم الاجمالي اذا اضفنا لذلك ما جاء في تقرير اصدرته مديرية الامن العام عن ارتكاب نحو “32” الف جريمة في العام الماضي، بمعدل جريمة كل “17” دقيقة “وهي الاعداد التي سجلت رسميا”، واضفنا ايضا “ارقاما” اخرى حول العنف الذي تشهده جامعاتنا ومدارسنا وشوارعنا، وحول معدلات الفقر الحقيقية وحول نسبة مشاركة المرأة في العمل “لا تصل الى 12%”، وحول “عمالة” الاطفال في الشوارع.. وكل ما يتغلغل داخل مجتمعنا من “مشكلات” اجتماعية.. فاننا سنكتشف عندئذ اننا امام “مجتمع” لا نعرفه كما يجب، ولا نقرأ “احواله” وما يحدث فيه بعيون مفتوحة، وبالتالي فاننا نتعامل معه بمنطق واحد وهو “كل شيء على ما يرام” وعليه لا داعي لكي نرهق انفسنا في الاجابة على اسئلة كثيرة اهمها: ماذا حدث لمجتمعنا؟ ولماذا حدث؟ وكيف يمكن ان نعالجه ونتجاوز ما يمكن ان يفرزه من محن وازمات؟.
اعرف ان كل واحدة مما ذكرته من ارقام وحقائق يحتاج الى تفصيل، خذ مثلا قضية المعاقين واوضاعهم التي اكتشفنا بفضل “تقرير صحفي” انها ليست على ما يرام، وخذ -ايضا- قضية “المرضى النفسيين” الذين لا يتردد منهم على العيادات سوى “20” الفا من نحو مليون، كما لا يوجد لدينا في الاردن سوى “300” طبيب نفسي.
خذ ايضا قضية “مرضى السرطان” وتصاعد اعدادهم بصورة غريبة، ستجد اننا امام قضايا خطيرة، مسكوت عنها، ولا يكاد النقاش العام يتوجه اليها مع انها تشكل “صورة” حقيقية لمجتمعنا الذي ارهقته السياسة وافزعته الازمات الاقتصادية كما واختزلت “النخب” مشكلاته في عناوين “تقليدية” تبعا لحساباتها الذاتية.
استأذن - هنا - في اضافة قضية اخرى مهمة وهي تتعلق بتصاعد اعداد الشباب الصغار “المتمردين” على الدين، والمنحرفين نحو معتقدات “اخرى” غير “دينية”، كعبدة الشيطان ودعاة “الزندقة”، ومع انني كنت اظن ان “الحالة” لا تستأهل الاشارة اليها “لخفة” وزنها، لكن ما سمعته عن “امتدادها” وسط قطاعات في مدارسنا وجامعاتنا دفعني الى اثباتها والتنبيه اليها، لا من منطلق الدعوة الى اعادة “الوصاية” على عقول هؤلاء الشباب، وانما من منطلق دعوة مؤسساتنا الدينية والتربوية والاجتماعية الى القيام بواجباتها الثقافية لتوعية وارشاد هؤلاء وفتح “ابواب” الحوار معهم لا الاكتفاء “بجلدهم” وادانتهم فقط.
لا اريد ان ازيد “همّ” الاردنيين، فلديهم على السطح ما يكفي من هموم، لكنني اتمنى ان ننتبه لما يحدث في مجتمعنا تحت السطح، وما حدث من تحولات في قيمه وبناه الاجتماعية، وما يستهدفه من محاولات “لضرب” نسيجه الاجتماعي، وهي كلها غير بريئة وليست صدفة ابداً، ويكفي ان ننظر لصورة مجتمعنا في “مرآة” انفسنا لنرى ما اصابه من تعب وارهاق .. وما يشعر به من حيرة وحزن وخوف وضياع.
الدستور
للوهلة الاولى ادهشني هذا “الرقم” الذي اعلنته السيدة امل النحاس، امين عام المجلس الاعلى لشؤون المعوقين، لكن حين عدت الى التقارير والاحصائيات وجدت ان النسبة قدرت في عام 2004 - حسب التعداد العام للسكان في الاردن - بنحو “1.2” بالمئة، فيما قدرها البنك الدولي ما بين 4-6 بالمئة، اما منظمة الصحة العالمية فذكرت ان النسبة نحو “10” بالمئة.
في موازاة ذلك، لدينا في الاردن - حسب دراسة اعدها المجلس الاعلى للعلوم والتكنولوجيا عام 2010 نحو “مليون” شخص يعانون من الاضطرابات النفسية، وهم يشكلون ما نسبته “17%” من مجموع السكان.
الى جانب ذلك، ارتفعت نسبة “البطالة” الى نحو “15%” من مجموع عدد السكان القادرين على العمل، بما يعني ان لدينا نحو “300” الف شخص عاطل عن العمل، فيما بلغت نسبة المعاقين الذين وجدوا “عملا” نحو “12%” من عددهم الاجمالي اذا اضفنا لذلك ما جاء في تقرير اصدرته مديرية الامن العام عن ارتكاب نحو “32” الف جريمة في العام الماضي، بمعدل جريمة كل “17” دقيقة “وهي الاعداد التي سجلت رسميا”، واضفنا ايضا “ارقاما” اخرى حول العنف الذي تشهده جامعاتنا ومدارسنا وشوارعنا، وحول معدلات الفقر الحقيقية وحول نسبة مشاركة المرأة في العمل “لا تصل الى 12%”، وحول “عمالة” الاطفال في الشوارع.. وكل ما يتغلغل داخل مجتمعنا من “مشكلات” اجتماعية.. فاننا سنكتشف عندئذ اننا امام “مجتمع” لا نعرفه كما يجب، ولا نقرأ “احواله” وما يحدث فيه بعيون مفتوحة، وبالتالي فاننا نتعامل معه بمنطق واحد وهو “كل شيء على ما يرام” وعليه لا داعي لكي نرهق انفسنا في الاجابة على اسئلة كثيرة اهمها: ماذا حدث لمجتمعنا؟ ولماذا حدث؟ وكيف يمكن ان نعالجه ونتجاوز ما يمكن ان يفرزه من محن وازمات؟.
اعرف ان كل واحدة مما ذكرته من ارقام وحقائق يحتاج الى تفصيل، خذ مثلا قضية المعاقين واوضاعهم التي اكتشفنا بفضل “تقرير صحفي” انها ليست على ما يرام، وخذ -ايضا- قضية “المرضى النفسيين” الذين لا يتردد منهم على العيادات سوى “20” الفا من نحو مليون، كما لا يوجد لدينا في الاردن سوى “300” طبيب نفسي.
خذ ايضا قضية “مرضى السرطان” وتصاعد اعدادهم بصورة غريبة، ستجد اننا امام قضايا خطيرة، مسكوت عنها، ولا يكاد النقاش العام يتوجه اليها مع انها تشكل “صورة” حقيقية لمجتمعنا الذي ارهقته السياسة وافزعته الازمات الاقتصادية كما واختزلت “النخب” مشكلاته في عناوين “تقليدية” تبعا لحساباتها الذاتية.
استأذن - هنا - في اضافة قضية اخرى مهمة وهي تتعلق بتصاعد اعداد الشباب الصغار “المتمردين” على الدين، والمنحرفين نحو معتقدات “اخرى” غير “دينية”، كعبدة الشيطان ودعاة “الزندقة”، ومع انني كنت اظن ان “الحالة” لا تستأهل الاشارة اليها “لخفة” وزنها، لكن ما سمعته عن “امتدادها” وسط قطاعات في مدارسنا وجامعاتنا دفعني الى اثباتها والتنبيه اليها، لا من منطلق الدعوة الى اعادة “الوصاية” على عقول هؤلاء الشباب، وانما من منطلق دعوة مؤسساتنا الدينية والتربوية والاجتماعية الى القيام بواجباتها الثقافية لتوعية وارشاد هؤلاء وفتح “ابواب” الحوار معهم لا الاكتفاء “بجلدهم” وادانتهم فقط.
لا اريد ان ازيد “همّ” الاردنيين، فلديهم على السطح ما يكفي من هموم، لكنني اتمنى ان ننتبه لما يحدث في مجتمعنا تحت السطح، وما حدث من تحولات في قيمه وبناه الاجتماعية، وما يستهدفه من محاولات “لضرب” نسيجه الاجتماعي، وهي كلها غير بريئة وليست صدفة ابداً، ويكفي ان ننظر لصورة مجتمعنا في “مرآة” انفسنا لنرى ما اصابه من تعب وارهاق .. وما يشعر به من حيرة وحزن وخوف وضياع.
الدستور