مراسلات الدغمي والطراونه تحت القبّة
ناهض حتر
جو 24 : صدمتني الرسالتان المتبادلتان بين عبد الكريم الدغمي وفايز الطراونه. الرسالتان اللتان إصطادتهما كاميرا الزميل محمد الرفايعة الذكية للعرب اليوم, أمس, على ورقة دوّارة بينهما, لم يتم تبادلهما في مقهى ولا في حفلة أو سهرة , بل تحت قبة البرلمان, بين رئيسه.. ورئيس الوزراء الذي جاء المجلس النيابي, لنيل ثقته. والمناسبة لم تكن وقفة تنكيت ودية, بل تعليقا ساخرا وعدائيا على مداخلة النائب جميل النمري التي ألقاها باسم التجمّع النيابي الديموقراطي! نحن, إذاً, إزاء إنتهاك صريح للقواعد المهنية والبروتوكولية والسياسية والتقاليد الأردنية, يمارسه رجلان يحتلان الرئاستين الأولى والثانية في النظام الأردني.
ومع أن هذا الإنتهاك, بحدّ ذاته, خطير من حيث كشفه لمدى جديّة ومستوى وثقافة الممارسة السياسية لأعضاء نادي الحكم, فإن مضمون الرسالتين هو الأخطر من حيث أنه كشف مدى العداء الذي يكنّه هؤلاء لليساريين الأردنيين. يسخر الدغمي من أفضل المداخلات النيابية وأفضل نواب المجلس, النمري, مسميا إياه (جميل أفندي), ومن حكومة يشكلها أحد اليساريين خالد كلالدة أوموسى المعايطه, بينما يردّ الطراونه: " فعلا أفندي", ويسخر بدوره, لكنه يضيف جادا " التطاول وصل إلى سدّة الحكم" ويهدّد " فأي منقلب ينقلبون"!
هاه! إذا كان لدى الطراونه كل هذا الحنق على هؤلاء اليساريين المعتدلين المندمجين في العملية السياسية الرسمية, فما هو موقفه, إذاً, من اليساريين الراديكاليين? وأين هو التطاول على سدّة الحكم في مداخلة النمري التي لا تزيد عن كونها ملاحظات نقدية ليبرالية ختمها بالتأكيد على الولاء للملك?
إستنتاجي, هنا, يتلخص في نقطتين, أولهما أن النهج السياسي الوحيد المقبول من قبل رئيس الوزراء هو نهج الإمتثالية السياسية وتدبيج خطب المديح, وثانيهما أن نادي الحكم يكره اليسار كله, بتلاوينه كلها. وهو ما ينبغي أن يقود اليساريين الأردنيين, بمعزل عن خلافاتهم الداخلية, إلى مراجعة مواقفهم السياسية جذريا, ووضع حد للحوار مع نادي الحكم.
في عزّ أزمة المواجهة مع المشروع الإخواني القَطري, لم يكن عبد الكريم الدغمي ولا فايز الطراونه ولا سواهما من نادي الحكم بقادرين على أن يفعلوا شيئا, بينما تصدّى اليسار لحماية البلد, وظهر, عندها, حجم تأثيره ومدى قوته المعنوية.
اليسار قوة رئيسية في بلدنا ليس لأنه يحظى بالنفوذ, بل بالصدقية, وليس لأنه يحظى بدعم إقليمي ودولي, بل لأن قياداته تتسم بالنزاهة ونظافة اليد, وليس لأنه يفيد من الدولة, أموالا ونفوذا, بل لأنه يريد تعزيز الدولة الوطنية ودورها الإقتصادي والاجتماعي, وليس لأنه متموّل, بل لأنه وطني وشعبي, ديدنه الإستقلالية وولاؤه للأردن وعداؤه لإسرائيل, وليس لأنه يحتل المناصب, بل لأنه مثقف وجسور.
ثم نأتي, أخيرا, إلى الفكرة التي طرحها الدغمي عن تشكيل حكومة يسارية. نعم. أصبتَ يا معالي الرئيس ...فهذه هي الحكومة التي يحتاجها الأردن, الآن, للخروج من أزماته, لتفكيك مؤسسة الفساد واسترداد المنهوبات وتفعيل الإدارة ووقف النهب والهدر وإطلاق التنمية وإعادة بناء القطاع العام الإقتصادي وإقامة الديموقراطية الاجتماعية وتوفير فرص العمل وتحسين جودة التعليم والصحة الخ وتصميم سياسة دفاعية تؤمّن البلاد ضد العدو الإسرائيلي.
فعلا .. جاء الوقت لكي يأخذ اليسار فرصة الحكم, ربما لأنها الفرصة الوحيدة للبلد.
العرب اليوم
ومع أن هذا الإنتهاك, بحدّ ذاته, خطير من حيث كشفه لمدى جديّة ومستوى وثقافة الممارسة السياسية لأعضاء نادي الحكم, فإن مضمون الرسالتين هو الأخطر من حيث أنه كشف مدى العداء الذي يكنّه هؤلاء لليساريين الأردنيين. يسخر الدغمي من أفضل المداخلات النيابية وأفضل نواب المجلس, النمري, مسميا إياه (جميل أفندي), ومن حكومة يشكلها أحد اليساريين خالد كلالدة أوموسى المعايطه, بينما يردّ الطراونه: " فعلا أفندي", ويسخر بدوره, لكنه يضيف جادا " التطاول وصل إلى سدّة الحكم" ويهدّد " فأي منقلب ينقلبون"!
هاه! إذا كان لدى الطراونه كل هذا الحنق على هؤلاء اليساريين المعتدلين المندمجين في العملية السياسية الرسمية, فما هو موقفه, إذاً, من اليساريين الراديكاليين? وأين هو التطاول على سدّة الحكم في مداخلة النمري التي لا تزيد عن كونها ملاحظات نقدية ليبرالية ختمها بالتأكيد على الولاء للملك?
إستنتاجي, هنا, يتلخص في نقطتين, أولهما أن النهج السياسي الوحيد المقبول من قبل رئيس الوزراء هو نهج الإمتثالية السياسية وتدبيج خطب المديح, وثانيهما أن نادي الحكم يكره اليسار كله, بتلاوينه كلها. وهو ما ينبغي أن يقود اليساريين الأردنيين, بمعزل عن خلافاتهم الداخلية, إلى مراجعة مواقفهم السياسية جذريا, ووضع حد للحوار مع نادي الحكم.
في عزّ أزمة المواجهة مع المشروع الإخواني القَطري, لم يكن عبد الكريم الدغمي ولا فايز الطراونه ولا سواهما من نادي الحكم بقادرين على أن يفعلوا شيئا, بينما تصدّى اليسار لحماية البلد, وظهر, عندها, حجم تأثيره ومدى قوته المعنوية.
اليسار قوة رئيسية في بلدنا ليس لأنه يحظى بالنفوذ, بل بالصدقية, وليس لأنه يحظى بدعم إقليمي ودولي, بل لأن قياداته تتسم بالنزاهة ونظافة اليد, وليس لأنه يفيد من الدولة, أموالا ونفوذا, بل لأنه يريد تعزيز الدولة الوطنية ودورها الإقتصادي والاجتماعي, وليس لأنه متموّل, بل لأنه وطني وشعبي, ديدنه الإستقلالية وولاؤه للأردن وعداؤه لإسرائيل, وليس لأنه يحتل المناصب, بل لأنه مثقف وجسور.
ثم نأتي, أخيرا, إلى الفكرة التي طرحها الدغمي عن تشكيل حكومة يسارية. نعم. أصبتَ يا معالي الرئيس ...فهذه هي الحكومة التي يحتاجها الأردن, الآن, للخروج من أزماته, لتفكيك مؤسسة الفساد واسترداد المنهوبات وتفعيل الإدارة ووقف النهب والهدر وإطلاق التنمية وإعادة بناء القطاع العام الإقتصادي وإقامة الديموقراطية الاجتماعية وتوفير فرص العمل وتحسين جودة التعليم والصحة الخ وتصميم سياسة دفاعية تؤمّن البلاد ضد العدو الإسرائيلي.
فعلا .. جاء الوقت لكي يأخذ اليسار فرصة الحكم, ربما لأنها الفرصة الوحيدة للبلد.
العرب اليوم