المواطن منتحرا بين تحالف الحكومات ورأس المال
زهير العزة
جو 24 :
ليس في العاصمة عمان أو المدن الرئيسية او حتى القرى المحيطة بها وحدها ،بل في كل بقاع الفقروالعوز والاستغلال المنتشرة في كل بقاع الوطن ، هناك من يقدم على الانتحار، وهذا ما أكدته الاحصائيات واكده الخبراء ومنهم خبيرعلم الاجتماع الدكتورحسين الخزاعي الذي قال أن "الانتحار" في تزايد وهي رسالة يوجهها محاولي الانتحار بسلوكهم هذا للمجتمع بشكل عام ،والأسرة بشكل خاص بأنهم يرفضون العيش ويعانون من مشاكل يجب حلها، وهذه رسالة قاسية وصادمة، داعياً إلى دراستهم دراسة اجتماعية وطبية وحل مشاكلهم بدلاً من إرسالهم إلى السجون"، مع العلم ان دائرة الاحصاءات العامة كانت قد أصدرت بياناً اكد إرتفاع أعداد حالات الانتحار في الأردن العام 2021 إلى 186 بنسبة 10 % مقارنة مع عام 2020، حيث سجلت 169 حالة، "طبعا هذه الارقام للحالات التي تقوم بفعل الانتحار وتنجح، وليس مجرد المحاولات التي لا يتم الكشف عنها في الاعلام أو لا تصل الى الجهات المختصة".
واذا كانت العوامل النفسية والاجتماعية والاسرية هي من أسباب اتخاذ قرار الانتحار، فأن الحكومات المتعاقبة تتحمل المسؤولية حيث وضعت الشعب تحت "الكرباج" من خلال اغراقه بقرارات أدت الى افقاره ، وافقدته الثقة في الدولة بمجملها، فضاع بين الحكومات والمسؤولين الذين "يَدورونَ " في حلقة مفرغة في بحثهم عن مصالحهم ومصالح "المحاسيب "، وبقيت مصالح الشعب مؤجلة الى اشعار أخر من دون أن يفهم الاردني من يفصل الحق عن الباطل في إدارة البلاد والعباد.
إن الاقدام على الإنتحارليس حلاً للمشاكل.. ولكن عندما تتكلم الارقام تسقط التوصيفات ويصبح المطلوب البحث عن الحلول والعلاج ... وبالتالي فإن المؤسسات الحكومية مطالبة بإيجاد الحلول للمشاكل التي تعاني منها الاسرة الاردنية وخاصة ما يتعلق بملفات الفقروالبطالة وغياب العدالة المجتمعية، وهي من الاسباب الرئيسية للانتحار كما تشيرالدراسات، وأيضا يجب دراسة هذه الظاهرة التي تعبرعن تغييرات يشهدها المجتمع وقد تؤدي الى إنحرافات سلوكية خطيرة في حال تصاعدت وتيرتها ولم يتم وضع الحلول للاسباب التي تؤدي لها .
إن ارتفاع معدلات حالات الانتحار يعكس وضعاً مأزوماً اجتماعيا ومعيشيا للمنتحرين الذين كانوا يتمتعون بالأهلية والصحة النفسية السليمة كما تؤكد ايضا المعلومات الاعلامية.. لكنهم اختاروا وضعَ حدٍّ للمأساة التي يعيشون ، والتي تقول كل الدراسات انها ناتجه عن ما ابتدعه قادة القرارات الانتحارية ممن يقودون مؤسسات الدولة ،الذين جعلوا من حياة المواطن عينات تجارب لقرارات هدمت وتهدم المجتمع. فالحكومات المتعاقبة بمؤسسساتها هيّأت الارضية للانتحار، وأعطت المواطن الحَبْل والرصاصَ والمواد القاتلة لتطبيق هذا الخِيار، من خلال عدم قيام المسؤول بالاستماع لصراخ واوجاع الناس، وهم يقولون لا تتركونا وتتركوا البلاد نهبا لاصحاب المصالح من نافذين وفجار، ممن تقاسموا ويتقاسمون ثروات الوطن على طبق من المصالح المشتركة، وفتكوا بالدولة والوطن واطاحوا بحاضر الشعب ومستقبله وصادروا كل شيء من لقمة العيش وحتى أخر نفس في هذه الحياة.....
ما نشهده اليوم في مجتمعنا من جشع رأسمالي يقوده بعض الفجار، في ظل غياب المؤسسات الحكومية عن كبح جماح هذا الجشع او التصدي له، ترك المواطن عاريا أمام الاستغلال على كل الجبهات , وأدى الى كل ما يعيشه الوطن من أزمات متفجرة من حين الى أخر،إضافة الى أن هذه المؤسسات التي انحازت الى قوى المال الجشعه والمستغلة قد حولت حياة الانسان الى جحيم من خلال منعه من التعبيرعن معاناته، إن كان على صعيد الاحتجاج او الاعتراض أوحتى في إختيار من يمثلونه بحرية على صعيد النقابات العمالية أو المهنية او الحزبية، فكانت نتيجة سياسة تكميم الافواه والتدخل بتفاصيل حياة الانسان اليومية ،أن وصل الانسان الاردني الى مرحلة ما قبل طلوع الروح من آلم وأوجاع، فيما نشطت القوى المتنفذة في المجتمع ومعها أصحاب المصالح من القوى الرأسمالية الطفيلية الجشعة الى مراكمت الارباح على حساب العمال وصغارالموظفين والمنتجين بمختلف اصنافهم والفقراء والعاطلين عن العمل.
والواقع يشير الى ان المواطن الاردني يشعرأن ملفاته المعاشية اليومية ومسقبله مغيبان عن اهتمام مؤسسات الدولة ،بل يشعر أن هذه الملفات تعيش مرحلة إجازة طويلة ومن "غير راتب"، ولذلك لابد لمؤسسات الدولة من البحث عن ترياق ينقذ الوطن والمواطن من أزماته المتصاعد تأثيرها على حياته ، بدلا من ان يبقى قادة المؤسسات الحكومية ينظرون للمواطن وهو يسيرعلى درب الانتحار .. وبدلا ان يبحث البعض ممن يتحكمون برقاب العباد عن زيادة عمرهم في السلطة ، فالشعب يئن من تحالف أصحاب القرارات الحكومية المختلفة ورأس المال الطفيلي الجشع ... فلا إستقرار دون استقرار وطمأنينة المواطن في مجتمعه ...! وبالتالي ليس المطلوب من هذه المؤسسات ان تنتظر ثبوت رؤيةِ هلال اللجنة الاصلاحية لايجاد الحلول ، لانه وبحسب آلية عمل اللجنة التي نسمع عنها من الاعلام ، فان كل ما في الدولة سينتظر .. ولا أحد يعرف الى متى ...!