خطة (التحالف) : 3 رؤوس مطلوبة !!
حسين الرواشدة
جو 24 : فيما كانت الشعوب العربية التي “انفجرت”احتجاجا على انظمتها المستبدة تنتشي في الميادين ابتهاجا بما انجزته، كان الطرف الاخر الذي تفاجأ بما حدث يستجمع قواه استعدادا للمواجهة، لم يكن الامر مستغربا بالطبع، فالتحولات التي بدأت في العالم العربي لا تتعلق فقط بسقوط انظمة انتهت صلاحيتها، ولا بولادة انظمة جديدة يمكن التفاهم معها او محاصرتها ودفعها الى التكيف مع ما تفرضه مصالح (الكبار) من استحقاقات، وانما تتعلق ايضا ببروز حالة وعي شعبي غير قابل للانكسار، صحيح ان هذا الوعي لم يتوجة لمكاسرة الاجنبي رغم ما يمثله من تهديد للسيادة الوطنية لكنه اضمر ذلك في مواجة الحكم الوطني الذي استقوى بالأجنبي وأصبح تابعًا له.
كان لا بد من محاصرة هذا الوعي والانقضاض عليه، وقد حصل ذلك وفق خطة متاكملة بدأت بالاستدراج وانتهت باطباق الخناق على الربيع العربي، ومن المفارقات ان خطة التحالف الدولي التي تبنت الحرب على العراق قبل اكثر من عقد بما اشتملت عليه من مبررات وتسويغات وما انتهت اليه من نتائج يجري الان تكرارها لمواجه حركة التحرر العربي، لاتكاد تختلف الصورة فالتحالف هو التحالف بكتائبة السياسية والاعلامية، وبمراكز التمويل والتوجية، وباصول اللعبة وفزاعتها المعروفة، ولنا ان نتصور ما حدث في العراق منذ سقوط النظام وحتى الان لندرك كيف يمكن للربيع العربي ان يتحول من نعمة الى نقمة ومن انتصار للشعوب الى هزيمة للدول ومن استبشار بقدوم الحرية والديمقراطية والكرامة الى استنفار لدفع (خطيئة) الخروج من بيت الطاعة العالمي واللعب مع الكبار بدون استئذان.
ما هي المنجزات التي حققتها الشعوب العربية في عصر تحولاتها ؟ اولا- اسقاط حاجز الخوف وفتح قناة للعبور نحو الحرية، والان تنصب الجهود لاغلاق هذه القناة واعادة الجميع الى بيت الطاعة، سواء من خلال اعادة قوانين الطوارئ او تأميم الاعلام واطلاق يدة لشيطنة المجتمع وتخويفه من بعضه بعضا او من خلال اعادة عقارب ساعة القمع لتعمل كما كانت في السابق ثانيا- استعادة المجتمع لوحدته وانسجامه وعافيته الوطنية، والان -ايضا- تعمل الخطة على تفتيت المجتمعات وتقسيمها وضرب قواها السياسية والاجتماعية تمهيدا لاخضاعها لمنطق الاستفرار القائم فقط على فرضية(القوة الحاكمة)، وثالثا- الخروج من دائرة الاحتكام للعنف الى دائرة السلمية ومن فرض الحظر و العمل تحت الارض الى المشاركة في العمل السياسي ومن التشكيك في الديمقراطية والاختلاف عليها الى التوافق حولها كخيار، والان تتحرك خطة التحالف لتقويض كل هذه المنجزات، من خلال احياء خيار العنف واعادة فكرة(القوى المحظورة) الى الواقع ودفع الذين انحازوا للديمقراطية كخيار الى الكفر بها.
ثمة ثلاثة رؤؤس مطلوبة لخطة التحالف هذه، الرأس الاول، هو الشعب العربي الذي استيقظ على امل التغيير، والرأس الثاني، هو الديمقراطية التي يمكن ان تكون جسرا نحو التقدم والنهوض لأمّة دفعت ضريبة الاستبداد على امتداد قرون طويلة، والرأس الثالث، هو روح الاسلام -لا الاسلام السياسي فقط- فهذه الروح يمكن ان تعيد للشعوب العربية -التي يشكل الدين باعثها الحضاري الاوّل- طاقة متفجرة لا يمكن تصورها، وهذا ما لايقبله (التحالف ) الذي يعتقد ان خروج الانسان العربي من كسله وعجزه واعتماده عليه في كل شيء سيفقده دوره الحضاري وسينزع منه تفرده في المركز الاحتكاري، لا في السياسة ومقرراتها فقط وانما في الاقتصاد والفكر وغيرهما ايضا.
ما اتحدث عنه ليس مؤامرة، ابدا، فكل ما نتابعه في عواصمنا العربية ابتداء من الفوضى الى الصفقات الكبرى وتقسيم مناطق النفوذ على القوى الاقليمية والاخرى التي تدور على الهامش، وصولا الى ما يدفع من تمويلات ضخمة ومن صراعات سياسية يتولى ادارتها إعلام بارع في التضليل ومن محاولات لاخضاع المجتمعات بسوط(الجوع) والافقار وبذرائع انهيار الاقتصاد، وما يجري -ايضا- على تخوم التحولات من محاولات لشيطنة الاخر الوطني ونصب فزاعات العنف والتخويف من القادم ولاستعانة بشركات التلميع والتسويق لتبرير انقاض الانسان العربي من اخطائه الثورية..كلها تندرج في اطار الخطة المعدة سلفا لاجاض حالة (التمرد)التي اجتاحت عالمنا العربي، وكنت اشرت سابقا الى ما ذكره منظرو الثورات الذين درسوا “حالة الثورات”في العالم ووجدوا ان عوامل اجهاضها تتحقق من خلال تدهور الوضع الاقتصادي وشل حركة الانتاج واغلاق الطرق ثم ضرب السياحة واشاعة عدم الاستقرار من خلال نشر الفوضى وتشجيع الاضطرابات والاعتصامات واقناع اغلبية الناس بان الامن مفقود، ونشر “البلطجية” لتخويف الناس، واستثمار المنابر الاعلامية لتشويه الوضع العام وادانة النظام الحاكم وتشجيع العصيان المدني واثارة النعرات الطائفية وتوفير الغطاء السياسي للعنف وتعميق الاستقطاب السياسي ومنع الوصول الى اية توافقات وكسر هيبة السلطة ورفع منسوب الاجتراء عليها، والوقيعة بين مؤسسات الدولة وتحسين صورة النظام السابق لاذكاء مشاعر الحنين اليه “ وهذا ما حدث فعلا . لكن السؤال: هل تنجح هذه الخطة او انها ستنكسر على صخرة ارادة الشعوب التي ذاقت(حلاوة) الانعتاق من الظلم والقهر والاستبداد؟
حين تدقق في عوامل اجهاض الثورات التي ذكرتها سلفا ستكتشف بانها كانت موجودة ومتطابقة -وانْ اختلفت في بعض التفاصيل- في كل دول العالم التي انجزت ثوراتها، و في الدول الاخرى التي اجتازت الجولة الاولى من ثوراتها بنجاح او الاخرى التي ما تزال تبحث عن “طريق ثالث” للاصلاح والانتقال الى الديمقراطية، وستكتشف -ايضا- بان “الخطة” التي وضعت لتحقيق ذلك “عابرة” للحدود ومن صناعة طرف (او اطراف) درست تماما “الشخصية” العربية وفهمت سياقاتها وتقلباتها وستكتشف ثالثا، بان الهدف منها لا يتعلق بازاحة فصيل سياسي –حتى وانْ كان اسلاميا- وانما هدم الثورات العربية وازاحة “النموذج” الديمقراطي الذي اصبح ممنوعا تماما عن الشعوب العربية، فكيف اذا كان هذا النموذج يملك “المرجعية” الاسلامية التي تشكل “فوبيا” للغرب وللمرتبطين بمصالحه، وعلى تخوم (اسرائيل)التي يفزعها اي شريك لها في الديمقراطية، وفي وسط عالم يشكل سوقا مستهلكا لمكدسات الحضارة العالمية، ويغفو فوق ثروات طبيعية يعتمد عليها الكبار في اقامة تقدمهم وتحضرهم واستفرادهم بقيادة العالم .
(الدستور)
كان لا بد من محاصرة هذا الوعي والانقضاض عليه، وقد حصل ذلك وفق خطة متاكملة بدأت بالاستدراج وانتهت باطباق الخناق على الربيع العربي، ومن المفارقات ان خطة التحالف الدولي التي تبنت الحرب على العراق قبل اكثر من عقد بما اشتملت عليه من مبررات وتسويغات وما انتهت اليه من نتائج يجري الان تكرارها لمواجه حركة التحرر العربي، لاتكاد تختلف الصورة فالتحالف هو التحالف بكتائبة السياسية والاعلامية، وبمراكز التمويل والتوجية، وباصول اللعبة وفزاعتها المعروفة، ولنا ان نتصور ما حدث في العراق منذ سقوط النظام وحتى الان لندرك كيف يمكن للربيع العربي ان يتحول من نعمة الى نقمة ومن انتصار للشعوب الى هزيمة للدول ومن استبشار بقدوم الحرية والديمقراطية والكرامة الى استنفار لدفع (خطيئة) الخروج من بيت الطاعة العالمي واللعب مع الكبار بدون استئذان.
ما هي المنجزات التي حققتها الشعوب العربية في عصر تحولاتها ؟ اولا- اسقاط حاجز الخوف وفتح قناة للعبور نحو الحرية، والان تنصب الجهود لاغلاق هذه القناة واعادة الجميع الى بيت الطاعة، سواء من خلال اعادة قوانين الطوارئ او تأميم الاعلام واطلاق يدة لشيطنة المجتمع وتخويفه من بعضه بعضا او من خلال اعادة عقارب ساعة القمع لتعمل كما كانت في السابق ثانيا- استعادة المجتمع لوحدته وانسجامه وعافيته الوطنية، والان -ايضا- تعمل الخطة على تفتيت المجتمعات وتقسيمها وضرب قواها السياسية والاجتماعية تمهيدا لاخضاعها لمنطق الاستفرار القائم فقط على فرضية(القوة الحاكمة)، وثالثا- الخروج من دائرة الاحتكام للعنف الى دائرة السلمية ومن فرض الحظر و العمل تحت الارض الى المشاركة في العمل السياسي ومن التشكيك في الديمقراطية والاختلاف عليها الى التوافق حولها كخيار، والان تتحرك خطة التحالف لتقويض كل هذه المنجزات، من خلال احياء خيار العنف واعادة فكرة(القوى المحظورة) الى الواقع ودفع الذين انحازوا للديمقراطية كخيار الى الكفر بها.
ثمة ثلاثة رؤؤس مطلوبة لخطة التحالف هذه، الرأس الاول، هو الشعب العربي الذي استيقظ على امل التغيير، والرأس الثاني، هو الديمقراطية التي يمكن ان تكون جسرا نحو التقدم والنهوض لأمّة دفعت ضريبة الاستبداد على امتداد قرون طويلة، والرأس الثالث، هو روح الاسلام -لا الاسلام السياسي فقط- فهذه الروح يمكن ان تعيد للشعوب العربية -التي يشكل الدين باعثها الحضاري الاوّل- طاقة متفجرة لا يمكن تصورها، وهذا ما لايقبله (التحالف ) الذي يعتقد ان خروج الانسان العربي من كسله وعجزه واعتماده عليه في كل شيء سيفقده دوره الحضاري وسينزع منه تفرده في المركز الاحتكاري، لا في السياسة ومقرراتها فقط وانما في الاقتصاد والفكر وغيرهما ايضا.
ما اتحدث عنه ليس مؤامرة، ابدا، فكل ما نتابعه في عواصمنا العربية ابتداء من الفوضى الى الصفقات الكبرى وتقسيم مناطق النفوذ على القوى الاقليمية والاخرى التي تدور على الهامش، وصولا الى ما يدفع من تمويلات ضخمة ومن صراعات سياسية يتولى ادارتها إعلام بارع في التضليل ومن محاولات لاخضاع المجتمعات بسوط(الجوع) والافقار وبذرائع انهيار الاقتصاد، وما يجري -ايضا- على تخوم التحولات من محاولات لشيطنة الاخر الوطني ونصب فزاعات العنف والتخويف من القادم ولاستعانة بشركات التلميع والتسويق لتبرير انقاض الانسان العربي من اخطائه الثورية..كلها تندرج في اطار الخطة المعدة سلفا لاجاض حالة (التمرد)التي اجتاحت عالمنا العربي، وكنت اشرت سابقا الى ما ذكره منظرو الثورات الذين درسوا “حالة الثورات”في العالم ووجدوا ان عوامل اجهاضها تتحقق من خلال تدهور الوضع الاقتصادي وشل حركة الانتاج واغلاق الطرق ثم ضرب السياحة واشاعة عدم الاستقرار من خلال نشر الفوضى وتشجيع الاضطرابات والاعتصامات واقناع اغلبية الناس بان الامن مفقود، ونشر “البلطجية” لتخويف الناس، واستثمار المنابر الاعلامية لتشويه الوضع العام وادانة النظام الحاكم وتشجيع العصيان المدني واثارة النعرات الطائفية وتوفير الغطاء السياسي للعنف وتعميق الاستقطاب السياسي ومنع الوصول الى اية توافقات وكسر هيبة السلطة ورفع منسوب الاجتراء عليها، والوقيعة بين مؤسسات الدولة وتحسين صورة النظام السابق لاذكاء مشاعر الحنين اليه “ وهذا ما حدث فعلا . لكن السؤال: هل تنجح هذه الخطة او انها ستنكسر على صخرة ارادة الشعوب التي ذاقت(حلاوة) الانعتاق من الظلم والقهر والاستبداد؟
حين تدقق في عوامل اجهاض الثورات التي ذكرتها سلفا ستكتشف بانها كانت موجودة ومتطابقة -وانْ اختلفت في بعض التفاصيل- في كل دول العالم التي انجزت ثوراتها، و في الدول الاخرى التي اجتازت الجولة الاولى من ثوراتها بنجاح او الاخرى التي ما تزال تبحث عن “طريق ثالث” للاصلاح والانتقال الى الديمقراطية، وستكتشف -ايضا- بان “الخطة” التي وضعت لتحقيق ذلك “عابرة” للحدود ومن صناعة طرف (او اطراف) درست تماما “الشخصية” العربية وفهمت سياقاتها وتقلباتها وستكتشف ثالثا، بان الهدف منها لا يتعلق بازاحة فصيل سياسي –حتى وانْ كان اسلاميا- وانما هدم الثورات العربية وازاحة “النموذج” الديمقراطي الذي اصبح ممنوعا تماما عن الشعوب العربية، فكيف اذا كان هذا النموذج يملك “المرجعية” الاسلامية التي تشكل “فوبيا” للغرب وللمرتبطين بمصالحه، وعلى تخوم (اسرائيل)التي يفزعها اي شريك لها في الديمقراطية، وفي وسط عالم يشكل سوقا مستهلكا لمكدسات الحضارة العالمية، ويغفو فوق ثروات طبيعية يعتمد عليها الكبار في اقامة تقدمهم وتحضرهم واستفرادهم بقيادة العالم .
(الدستور)