خطاب الامين العام لحزب الله خطاب حظي باهتمام استثنائي عربيا ودوليا.
حاتم رشيد
جو 24 :
خطاب انتظره ملايين العرب املين ان يزف لهم حسن نصرالله الخبر الذي انشدت اليه قلوبهم وهو انضمام الحزب الى المقاومة الفلسطينية في غزة.
لم يعد بذلك بصراحة وعلى الفور.وهذا ولد موجة من الاحباط مفهومة ومبررة كون غزة تتعرض لمذبحة جماعية وحرب ابادة دون ان تتلقى العون من احد.اذ بينما تتلقى اسرائيل الدعم المفتوح من الدول الغربية الاقوى والاغنى في العالم لا تتلقى غزة ابسط اشكال الدعم الانساني.ناهيك عن الدعم العسكري.
واذاكانت مشاعر الاحباط مفهومة فليس من الموضوعية التسليم التلقائي بصحتها .والسبب المباشر هو ان حزب الله مشارك في الحرب منذ يومها الثاني دون ان تصل الى مستوى الحرب الشاملة.قدم الحزب عشرات الشهداء .واعطى الضوء الاخضر للتظيمات الفلسطينية لشن الهجمات على المواقع الاسرائيلية.واعتبر حسن نصر الله ان الجبهة اللبنانية جمدت ثلث الجيش الاسرائيلي بعيدا عن غزة.
في خطابه حدد هدفين هما.
وقف العدوان على غزة.وانتصار حماس ومعنى ذلك ان الحزب لن يسمح بهزيمة حماس .اي ان خطه الاحمر هو وصول الحرب الى حد تتعرض فيه حماس لخطر الهزيمة.وعلى الارض ما زالت حماس تقاتل بكفاءة وهذا يعني ان ارتقاء الهجمات الحالية الى مستوى الحرب الشاملة لم يحن بعد.
وقد قال صراحة ان الحزب لن يكتفي بما يجري الان على الحدود.اي اننا بانتظار مستوى اعلى من المشاركة القتالية للحزب.
وقد ربط ذلك باحتمال واقعي حسب تعبيره
وهو تدحرج الوضع الحالي على الحدود الى حرب شاملة.وان كل الاحتمالات مفتوحة.وكل الخيارات مطروحة نذهب اليهافي اي وقت. اي ان الانتقال الى الحرب الشاملة يظل واردا في اي لحظة وقد قرن هذا التطور بشرطين اولهما مرهون بايقاع الحرب في غزة.اي ان الحزب سيطور مشاركته بالتناسب مع تطور الوضع الميداني في غزة.وثانيهما التهديد الاسرائيلي للبنان ووصوله لمستوى يستوجب رفع المستوى القتالي للحزب.ومن جهتي اقدر ان هذا الاحتمال ضئيل اذ ليس لاسرائيل مصلحة بفتح جبهة الشمال مع الحزب.ويبقى تطور الحرب في غزة هو الاحتمال الاقوى الدافع لتصعيد الحزب مشاركته القتالية. ولقد اشار الامين العام لحزب الله الى انتباه الحزب لضربة استباقية اسرائيلية قد تستهدفه .والواقع ان هذا الاحتمال ضعيف في هذا التوقيت لاعتبارات اسرائيلية وامريكية.
الخطاب يتعمد الغموض وقد اشار حسن نصرالله اكثر من مرة لغموض مقصود يبقي اسرائيل في حالة تأهب وارتباك.
من المهم ايضا التذكير بتأكيده على استقلالية قيادات المقاومة في قراراتها عن ايران.وان المرحلة لا تسمح باكثر من تحقيق انتصارات تراكمية على العدو الاسرائيلي.وهذا صحيح على ضوء موازين القوى المحلية والدولية.
استنناجي ان تطوير الحزب لمشاركته القتالية رهنا بتطورات الحرب في غزة والتي بدورها لم تعد اسرائيلية خالصة.فهي تدار بقيادة امريكية.وامريكا اليوم تدمج بين مسارين .مسار الحرب ومسار ما بعد الحرب.وبالتالي لم يعد الهدف الاسرائيلي المعلن بالقضاء على حماس واحتلال غزة امرا مفروغا منه فلامريكا سقف ادنى وحسابات اوسع.التوجه الامريكي لاستيعاب المنطقة كمنطقة نفوذ استراتيجي قد يجبر اسرائيل على تكييف وتحجيم اهدافها بما يتساوق مع الاهداف الامريكية.
حزب الله في وضعية حركة تواكب وضعية حركة اشمل تمتد من غزة الى واشنطن التي تنخرط في لعبة مساومات مع اسرائيل والانظمة العربية.
هناك تعويم لاهداف الحرب ومسارها ناجم عن الانخراط الامريكي الكلي في هذه الحرب.مما يجعل كل التطورات التي تعني الاطراف الاخرى المشتبكة في الحرب عسكريا وسياسيا خاضعة لهذا المعطى كناظم استراتيجي.ما لم يرد عليه بثقل استراتيجي مقابل.وحتى الان يبدو هذا الاحتمال ضئيلا.