تخلي دول العالم العربي والاسلامي عن عناصر القوة لديهم.. وطواعية!
أ.د احمد القطامين
جو 24 :
عاملان اثنان يتحكمان في مسارات الازمة الخطيرة التي تتفاعل في المنطقة هذه الايام. الاول يتلخص في زيادة حدة القتل والجرائم المروعة التي يرتكبها جيش الكيان في غزة الذي سجل حالة متقدمة من الفشل في تحقيق اي من اهداف عمليته البرية، وكتعويض عن ذلك الفشل شرع في عمليات قتل واسعة النطاق وغير مسبوقة في تاريخ البشرية للمدنيين العزل وتدمير البنية التحتية التي تدعم الحياة في القطاع.
اما العامل الثاني فيتلخص في ان القمة العربية الاسلامية فشلت فشلا غير مسبوق في احداث اي تغيير في مسارات احداث القتل والتدمير في غزة مما ادى الى خروج العالمين العربي والاسلامي الرسميين من المعادلة خروجا تاما ومريبا، وهذا قاد الى اطلاق يد جيش الكيان لفعل كل الموبقات ضد سكان القطاع من المدنيين.
لقد ادى هذان العاملان الى دفع المشهد الجيو- استراتيجي في المنطقة و العالم الى المزيد من التعقيد. حدث هذا بينما تشهد المجتمعات الغربية تحولات استراتيجية ضخمة لصالح القضية الفلسطينية من اهم مؤشراتها التفاعلات الشعبية الكبيرة مع الحدث والتظاهرات المليونية المنددة بمجازر جيش الكيان ضد المدنيين العزل في قطاع غزة، والموجهة ايضا الى النخب السياسية الحاكمة في تلك الدول.
لقد شكل فشل مؤتمر القمة العربية الاسلامية الى هدر كل عوامل القوة الموجودة اصلا لدى هذه الدول وتكتلاتها الاقليمية، وتلك التي افرزتها الاحداث والتي كان من الممكن استغلالها لخلق قوة عربية اسلامية هائلة التأثير على المسرح الدولي والاقليمي. لكن الفرصة مع الاسف تم احباطها وتبع انفضاض المؤتمر حالة من الصمت القاتل عربيا واسلاميا، مما دفع الكيان الى ادراك ان فرصا جديدة قدمت مجانا له وسارع الى اغتنام تلك الفرص في تنفيذ مخططاته في غزة وفي المنطقة، لذلك شرع فورا في تفعيل ادوات القتل العسكرية وترويع اهالي غزة الذين شعروا ان لا احد يقف الى جانبهم حتى ابناء جلدتهم من العرب والمسلمين.
ادى كل ذلك الى مراكمة المزيد من عناصر القوة لدى الكيان الصهيوني ومنحه ورقة ضغط جديدة بالغة الاهمية، حيث شرع على الفور في استخدامها ضد الضغوطات الدولية التي تراكت ضده نتيجة للمظاهرات والاحتجاجات التي سادت مختلف انحاء العالم ضد المجازر الصهيونية التي ترتكبها قوات جيش الكيان.
لا احد يعلم بالتأكيد مألأت الاحداث الجيو-استراتيجية التي ستأتي بها الايام القادمة في غزة وفي المنطقة، لكن المؤكد ان فرصا تاريخية عظيمة قد اهدرت، وان الامل الوحيد المتبقي هو صمود اهل غزة ومقاوميها في وجه طوفان من خذلان ذوي القربى ومن عدوان الاعداء، ولعل مواقف الشعوب الثائرة عربيا واسلاميا وعالميا تعوض بعض الاخفاقات، ودائما "ما النصر الا من عند الله"..
qatamin8@hotmail.com