الصراع بين قدرتين: قدرة المقاومة على الصمود وقدرة جيش الاحتلال على التحمل ..
أ.د احمد القطامين
جو 24 :
تنص العقيدة الحربية لجيش الاحتلال على ان الحد الاقصى لقدرة مؤسساته المجتمعية على الاستمرار في الحرب مع خصوم غير متناظرة تصل بحدها الاقصى الى عشرة اسابيع، وقد مضى منها لغاية الان في العملية العسكرية الحالية حوالي ثمانية اسابيع، مما يعني ان ما تبقى لا يزيد عن اسبوعين قبل ان تبدأ مؤسسات الدولة والمجتمع باتباع منحنى متزايد من التآكل والتراجع على الاصعدة العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والتي تتطلب وقفا للعمليات العسكرية والعود الى حالة السلم لمنعها من الانهيار.
ان اخطر ما يواجه افراد مجتمع الكيان الصهيوني هو عدم قدرته على تحمل ظروف الحياة الصعبة الناتجة عن الحرب لأن المجتمع مكون من مهاجرين لهم اوطان اصلية غادروها للهجرة الى فلسطين المحتلة حيث جذبتهم الاغراءات المعيشية التي يقدمها الكيان لهم من توفر العمل ومتطلبات الحياة المرفهة والحماية الدائمة الفعالة من جيش يعد واحدا من اكثر جيوش العالم قوة وانفلاتا من المعايير الدولية التي تضبط سلوك الجيوش زمن الحرب.
ان الكيان يعتبر جيشه ودولته فوق القانون حيث توفر له الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا والغرب عموما ، ليس فقط احدث انواع السلاح واكثرها فتكا وتدميرا، بل توفر له ايضا حماية عسكرية مباشرة وحماية سياسية وقانونية غير مسبوقة في العلاقات الدولية في عصرنا الراهن حيث تجوب اساطيله العسكرية البحر والمضائق في المنطقة لمنع اي هجوم قد يتعرض له الكيان مثلما تم في الحرب الحالية حيث تجوب المدمرات وحاملات الطائرات ومختلف الاسلحة البحرية عالية التقنية المياة الاقليمية لدول المنطقة المشاطئة للبحر الابيض المتوسط والبحر الاحمر لاصطياد وتدمير اية محاولة لضرب فلسطسن المحتلة كما يجري حاليا مع اليمن عند مضيق باب المندب في البحر الاحمر وقبالة شواطئ لبنان لمنع حزب الله من الدخول في حرب واسعة مع الكيان المحتل لتخفيف الضغط على غزة.
لقد مارس جيش الاحتلال فضائع غير مسبوقة في التاريخ ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية في غزة خلال الايام الثلاثة الماضية في محاولة منه لتدمير القطاع وقتل اكبر عدد ممكن من سكانه قبل الاقتراب من حد الاسابيع العشرة المتاحة له قبل ان يبدأ مجتمعه بالتفكك ومواطنيه في الهجرة الى خارج فلسطين المحتلة ومؤسسات الدولة في التحلل والضعف، والاقتصاد في الدخول في حالة خطيرة من الركود وتآكل مستويات الانتاجية وتلاشي محفزات النمو .
لم يحدث ابدا في التاريخ المعاصر ان انتصرت امريكا على حركة مقاومة في كل مغامراتها العسكرية حول العالم من كوبا وفيثنام الى افغانستان والعراق ومناطق اخرى في امريكا اللاتينية، حيث واجهت في هذه الحروب مقاومة مسلحة ذات نفس طويل ادت في جميع الحالات الى الحاق هزيمة واضحة واستراتيجية لا لبس فيها بقوة امريكا التي اضطرت الى المغادرة تحت ضغط سلاح المقاومة وغالبا ما غادرت بصورة عاجلة وفوضوية ومذلة كما حدث في فيثنام في الثلث الثالث من القرن العشرين وافغانستان في الثلث الاول من القرن الواحد والعشرين.
ان قدرة المقاومة الفلسطينية في غزة على الصمود شرط اساسي للانتصار والحاق الهزيمة بجيش الكيان وداعميه، وهذه القدرة يجب ان لا تتأثر بحجم الدمار والقتل الذي تمارسه اسرائيل ضد المدنيين والبنية التحتية في غزة، فقدرة هذا الجيش على التحمل قاربت على الولوج الى مراحلها الختامية، وكما يقال انما النصر صبر ساعة..
qatamin8@hotmail.com