2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

محاولة لاختطاف «غيمة» شاردة!

حسين الرواشدة
جو 24 : لا تحتاج لمزيدٍ من التدقيق حتى ترى بعينيك ملامح خطة “الانقضاض” على “موجة الوعي” الشعبي التي وسمت بالربيع العربي، يكفي ان تحدّق في “المرآة” المصرية لكي تطالعك الصورة... بوضوح دون رتوش.
انت معي او ضدي، هكذا بكل بساطة يتم تصنيف “الفرقاء” السياسيين ويمتد التصنيف الى المجتمع نفسه، فاما ان تكون مع السلطة القائمة واما ان تحسب ضدها، وبالتالي لا يوجد اي منطقة رمادية، ولا يقبل اي وسطاء او حكماء ولا يتسع صدر الحكم لأي معارض او مخالف.
اذا كنت في دائرة “الضد” فأنت متهم “بالارهاب” اذا كنت اسلاميا “وبالخيانة” اذا كنت ليبراليا” وانت مطلوب على الفور للاعتقال والمحاكمة، وحتى لو كان موقفك “ملتبسا” فأنت مدرج في ملف “المتلبسين” حتى تجد من يبرؤك من تهمة “الالتباس” او تشابه الاسماء.
انتهى ايضا عصر “الحلول السياسية” فالكلمة الاولى والاخيرة للأمني الذي يمكن ان يتصرف وفق قانون الطوارىء –او حتى بدونه- كما يشاء.. فاما ان ترضخ “للواقع” الجديد وتنسى قصة الثورة والتغيير والاصلاح واما ان تجد نفسك في طابور المطلوبين امنيا.
اذا دققنا في هذه الصور الثلاث التي ذكرتها سلفا، سنكتشف بأننا امام ثلاثة ملامح، احدها التصنيف والثاني الاعتقالات والمحاكمات بتهم او بدون تهم، والثالث الحل الامني، لكن لكي تكتمل الصورة تحتاج الخطة الى مناخات مناسبة تدفع الناس الى التسليم، او تجعل لديهم “قابلية” ما لابتلاع الواقع، ومنها “شيطنة” الآخر ما دام يقف في الضد، والاغراء بكراهيته واعتباره خارج الملة الوطنية، ومنها “قولبة” وسائل الاعلام لكي تنسجم مع ممارسات السلطة نحو تأميم المجتمع، سواء بتجميد افعالها والاحتفاء بانجازاتها، او التغطية على اخطائها والمبالغة في تجاوزات خصومها، او من خلال “اضعاف” الاعلام لكي يبقى تحت السيطرة وصور الاضعاف لا تقتصر على الجانب المادي فقط وانما تتجاوزه الى زعزعة ثقة المجتمع بها، وتجريدها من مهنيتها وقمع المخالف منها بأي وسيلة.
باختصار، يبدو ان مرحلة “الاطباق” على الربيع العربي بدأت فعلا، وهي لا تتعلق فقط ببلد دون آخر، وانما يجري استنساخها وجدولتها تبعا للظروف الذاتية والموضوعية لكل مجتمع، كما انها تجد “اسنادا” دوليا واقليميا بعضه معلن وبعضه مسكوت عليه، ومن اللافت ان المسألة لا تتعلق باقصاء “الاسلاميين” وحدهم رغم انهم “المطلوب” رقم واحد، ولكنها تتجاوز ذلك الى محاولة “استئصال” فكرة الربيع العربي من وعي المجتمعات. واظهارها كجزء من مرحلة “الظلامية” والرجعية، او كمؤامرة لاثارة الفوضى وتقويض عمران “الدولة” واستنزاف طاقة المجتمعات وزرع الفتنة داخلها.
لدى الخطة -بالطبع- ما يلزم من امكانيات وعوامل وقابليات لكي تمضي على طريق “النجاح” لكن من المؤكد انها مهما حققت ستصدم بحركة التاريخ وسننه في التغيير والاستبدال، هذا اذا كان لدينا قناعة “وهي كذلك” بان ما جرى في عالمنا العربي ليس غيمة عابرة او حركة طارئة او “فورة” مؤقتة قابلة للذوبان وانما “دورة” تاريخية طويلة، ولا يمكن مواجهتها الا باستيعابها ودفع استحقاقاتها بالكامل.
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير