2024-08-28 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

اصلاح «بالتقسيط» ورفع الاسعار على «جرعات»

حسين الرواشدة
جو 24 : لا يخطر في بال الحكومة ان تذهب الى الناس في المحافظات والاطراف لكي تسألهم عن “رأيهم” في رفع الاسعار، الجواب –بالطبع- معروف لكن المفارقة ان رئيس الوزراء منذ اليوم الاول لتكليفه “وعد” النواب –او ربما حثهم- على ضرورة الخروج من “العاصمة” ونخبها الى الاطراف وسكانها، لمعرفة رأيهم في قانون الانتخاب: ربما غاب عن بعض المسؤولين في بلادنا ان ما يهم الناس هناك هو “لقمة العيش ومستلزماته” وليس “قانون الانتخاب”، وان ما يشغلهم هو غياب العدالة لا “اوهام” الديمقراطية التي يبدو انهم اكتفوا باستنشاق “عبيرها” القادم من صناديق الانتخابات المصرية.

النواب الذين يفترض انهم “يمثلون” ارادة الشعب ويدافعون عن حقوقه وهمومه قالوا كلمتهم في جلسة الثقة، وبذلك “فوضوا” الحكومة ان تذهب على الفور لتنفيذ قراراتها “الاقتصادية” ولم يكن التفويض بالطبع مفاجئا “فالسلطتان” على ما يبدو تعزفان على وتر واحد، ورؤيتهما لمزاج الشارع تكاد تكون متطابقة.

المهمة التي تنتظر الحكومة تتعلق –فقط- بتمرير قرارات “رفع الاسعار” وربما يكون هذا الاسبوع مناسبا لاطلاق “بالون” اختبار على شكل “جرعة” اولى لجسّ نبض الشارع ومعرفة ردوده، ولان احدا لا يستطيع ان يتنبأ بكيفية استقبال الناس لمثل هذه الاجراءات القاسية وبمدى قدرتهم على “هضمها” او “ابتلاعها” او المدى الذي سيذهبون اليه للتعبير عن غضبهم واحتجاجهم عليها، فان ما تراهن عليه الحكومة هو تجربة “التقسيط” او “الجرعات” كما ذكرنا سلفا، بمعنى ان تبدأ بحزمة صغيرة من “السلع” والمستهدفة بازالة الدعم وبسلع منتقاة اخرى “كمالية ان شئت” لرفع الاسعار ثم تنتقل لاحقا الى جرعات اخرى مدروسة، وهكذا وهي تجربة ثبت نجاحها في التعامل مع الشارع على صعيد “الاصلاح” حيث تم “تقسيطه” على دفعات.. وربما يستمر التقسيط لعامين قاديمن.

المقارنة –بالطبع- بين “استقبال” الشارع لتقسيط الاصلاح واستقباله لتقسيط “رفع الاسعار” مضللة ولا يجوز فيها القياس –حتى مع الفارق-، فالاصلاح –بوصفاته المختلفة- مطلب للناس عموما ولكن “الصراع عليه” مرتبط “بالنخب” المشغولة بحساباتها السياسية، ما يعني ان “احتمال” الناس لتأجيله ممكن، كما ان ردود فعل النخب على “تأخيره” يمكن ضبطها والسيطرة عليها، لكن هذا لا ينطبق تماما على “قرارات” رفع الاسعار التي تمس عصب الناس وتترك آثارها الفورية على حياتهم لدرجة يصعب فيها ان نتوقع كيف ستكون ردود افعالهم.

ثمة من يعتقد – ربما- ان ما جرى من “تمهيدات” وتهيئة من قبل الحكومة وبعض “المسؤولين” في المؤسسات الاخرى وخاصة على صعيد “التبرعات” التي قدمت او الرسائل التي بعثت في اكثر من اتجاه، سيساعد على اقناع الناس “بالمقررات” الصعبة لكن هذا مجرد “تخمين” لا يمكن الرهان عليه، لا سيما اذا بقيت “عجلة” الاصلاح السياسي معطلة، واذا استمر تقديم “جرعات” اخرى مرّة، والاخطر اذا استمر البعض في توجيه رسائل استفزاز واستهبال للناس.. وارجو ان لا يحدث ذلك.
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news