دولة الرفاهية الاجتماعية
فهد الفانك
جو 24 : بعد الأزمة المالية الحادة التي عانى منها الأردن عام 1988/ 1989 ساد الاعتقاد بأنه لا مجال بعد الآن لاستمرار دول الرفاهية الاجتماعية ، فكل شيء له ثمن ، وليس لدى الحكومة أموال فائضة تسمح بتقديم المحروقات والماء والكهرباء والخبز والأعلاف بأقل من الكلفة الفعلية.
في حينه خضع الاردن لبرنامج إصلاح تقشفي قاس هدفه تخفيض العجز في معظم موازين الاقتصاد الأردني ، وتحقيق قدر من النجاح ، وتخرج الأردن من البرنامج ، ثم عادت حليمة لعادتها القديمة. وعاد العجز للتضخم ، والمديونية للارتفاع ، وانخفضت درجة الاعتماد على الذات وزاد انكشاف الاقتصاد الأردني للمؤثرات الخارجية.
بعد 25 سنة من تلك الأزمة ، ما زال الأردن دولة رفاهية ، ولكن بدون موارد كافية ، وقد كشف وزير المالية السابق سليمان الحافظ أن الدعم الحكومي لسنة 2012 بلغ 804 ملايين دينار في مجال المحروقات ، 1155 مليون دينار في مجال الكهرباء ، 285 مليون دينار في مجال الماء ، كما دفعت الحكومة لصندوق المعونة الوطنية وصناديق ووسائل الدعم الاجتماعي الأخرى حوالي 918 مليون دينار ، مما يرتفع بمجموع الدعم الزائد عن واجبات الحكومة إلى مستوى 3162 مليون دينار ، تقارب نصف الموازنة العامة.
لم يدخل في هذه الحسبة ما تتحمله الحكومة من تكاليف في مجال التعليم المجاني ودعم الجامعات في حدود 822 مليون دينار ، و600 مليون دينار في مجال تقديم الخدمات الصحية بدون مقابل أو بأجور رمزية.
لا أدري لماذا لم يحسب السيد الحافظ قيمة الدعم المقدم للخبز والأعلاف وبعض المواد الغذائية التي تقدر بأكثر من 500 مليون دينار.
من يقرأ هذه الأرقام يعتقد أن موازنـة الدولة لا تقل عن 20 مليار دينار ، بشكل يسمح بهذا السخاء ، ولكن موازنة الدولة لسنة 2012 تقل عن 5ر7 مليار دينار ، يذهب ربعها تقريباً لمصلحة 5ر1 مليون غير أردني موجودون في المملكة كسياح أو لاجئين أو عمالة وافدة أو دبلوماسيين إلى آخره.
كنا نريد أن نشكر الحكومة على هذا السخاء ، وعلى تدليلها للمستهلكين بصرف النظر عن جنسياتهم ، لولا أنها لا تنفق من مواردها الخاصة بل تقترض وتراكم مديونية ثقيلة تجاوزت الخطوط الحمراء ودخلت مرحلة الخطر.
سياسة المبالغة بالدعم أفسدت البنية الاقتصادية ، وخلقت مجموعة من الانحرافات والاختلالات ، وتسببت بقدر من الهدر الذي لا تتحمله اقتصاديات بلد شحيح الموارد ويعتمد على المنح الخارجية والقروض المحلية والأجنبية.
(الرأي)
في حينه خضع الاردن لبرنامج إصلاح تقشفي قاس هدفه تخفيض العجز في معظم موازين الاقتصاد الأردني ، وتحقيق قدر من النجاح ، وتخرج الأردن من البرنامج ، ثم عادت حليمة لعادتها القديمة. وعاد العجز للتضخم ، والمديونية للارتفاع ، وانخفضت درجة الاعتماد على الذات وزاد انكشاف الاقتصاد الأردني للمؤثرات الخارجية.
بعد 25 سنة من تلك الأزمة ، ما زال الأردن دولة رفاهية ، ولكن بدون موارد كافية ، وقد كشف وزير المالية السابق سليمان الحافظ أن الدعم الحكومي لسنة 2012 بلغ 804 ملايين دينار في مجال المحروقات ، 1155 مليون دينار في مجال الكهرباء ، 285 مليون دينار في مجال الماء ، كما دفعت الحكومة لصندوق المعونة الوطنية وصناديق ووسائل الدعم الاجتماعي الأخرى حوالي 918 مليون دينار ، مما يرتفع بمجموع الدعم الزائد عن واجبات الحكومة إلى مستوى 3162 مليون دينار ، تقارب نصف الموازنة العامة.
لم يدخل في هذه الحسبة ما تتحمله الحكومة من تكاليف في مجال التعليم المجاني ودعم الجامعات في حدود 822 مليون دينار ، و600 مليون دينار في مجال تقديم الخدمات الصحية بدون مقابل أو بأجور رمزية.
لا أدري لماذا لم يحسب السيد الحافظ قيمة الدعم المقدم للخبز والأعلاف وبعض المواد الغذائية التي تقدر بأكثر من 500 مليون دينار.
من يقرأ هذه الأرقام يعتقد أن موازنـة الدولة لا تقل عن 20 مليار دينار ، بشكل يسمح بهذا السخاء ، ولكن موازنة الدولة لسنة 2012 تقل عن 5ر7 مليار دينار ، يذهب ربعها تقريباً لمصلحة 5ر1 مليون غير أردني موجودون في المملكة كسياح أو لاجئين أو عمالة وافدة أو دبلوماسيين إلى آخره.
كنا نريد أن نشكر الحكومة على هذا السخاء ، وعلى تدليلها للمستهلكين بصرف النظر عن جنسياتهم ، لولا أنها لا تنفق من مواردها الخاصة بل تقترض وتراكم مديونية ثقيلة تجاوزت الخطوط الحمراء ودخلت مرحلة الخطر.
سياسة المبالغة بالدعم أفسدت البنية الاقتصادية ، وخلقت مجموعة من الانحرافات والاختلالات ، وتسببت بقدر من الهدر الذي لا تتحمله اقتصاديات بلد شحيح الموارد ويعتمد على المنح الخارجية والقروض المحلية والأجنبية.
(الرأي)