أطروحة الاندماج المعكوس!
خيري منصور
جو 24 : كانت أطروحة اندماج اليهود في المجتمعات التي ولدوا وعاشوا فيها مثالية لسجال طويل منذ الثورة الفرنسية، التي اتاحت هذا الاندماج من خلال الاقانيم الثلاثة لشعارها وهي العدل والمساواة والحرية، لكن الصهيونية ذاتها قاومت الاندماج بعنف، وهناك عمليات ارهابية مورست ضد اليهود بهدف التشويش الايديولوجي والسياسي والحيلولة دون الاندماج، وثمة تجارب عديدة أعقبت الثورة الفرنسية حرصت الصهيونية خلالها على جعل الاندماج من المحرمات، لانه يهدد الهوية اليهودية بالذوبان والتلاشي.
وقد تكون تجربة حزب البوند في روسيا من ابرز تلك النماذج، ولم يسلم اليهود انفسهم من الاغتيال كما حدث لابراهام ليون!
الآن ينعكس المشهد ويطرح كتاب يهود موضوع اندماج الفلسطينيين الذي يطلق عليهم افتراء وانتهاكا اسم عرب اسرائيل في الدولة العبرية.
في مقالة ليوغر هندل نشرت قبل أيام في صحيفة ايديعوت طرح مباشر لهذه المسألة رغم انه جاء في سياق حديثه عن عضو الكنيست العربية حنين الزعبي.
يقول ان الفلسطينيين يتطلعون الى الاندماج، بل يسعون اليه، لكن ديناميات الدولة العبرية سلبية وطاردة وهي التي تحول دون اندماجهم، وظاهر هذا التحليل يدين اسرائيل عنصريا وسياسيا، لكنه في الوقت ذاته يتعامل باستخفاف مع فلسطينيي عام 1948 وكأنهم يقفون في طابور طويل أمام مكتب رئيس الوزراء ويتوسلون بل يتسولون هوية ومواطنة وانتساباً.
هؤلاء العرب المفترى عليهم لاكثر من ستة عقود قاتلوا عرايا من كل شيء لاجل التشبث بهويتهم، فكانت على الدوام جمرة تحرق الاصابع واحيانا تلسع اللسان والقلب، لكنهم ثابروا ولم تفلح الصهيونية في ابادتهم معنويا وثقافيا، فالابادة البيضاء من هذا الطراز أنكى من اية ابادة حمراء لانها تنزع عن الانسان روحه وذاكرته وبالتالي هويته وتبقيه على قيد الحياة كمجرد كائن فقط.
ان أطروحتي الاندماج سواء تعلقتا باليهود في العالم أو بالفلسطينيين في وطنهم تخضعان لاستراتيجية احتلالية واستيطانية وليس لمنطق التاريخ، فمن باب أولى ان يندمج اليهودي الالماني في المجتمع الالماني وكذلك الفرنسي والامريكي وغيرهم.
لكن مفهوم ادماج الفلسطينيين تبعاً لهذه الاستراتيجية يعني تحويلهم الى هامش ديمغرافي أخلاقي، ومعظم ما يقال الآن في اسرائيل حول الاندماج المضاد أو المعكوس هدفه اخيرا خدمة مشروع تهويد الدولة وهذا المشروع لكي يكتمل عليه ان يعامل الفلسطينيين بأحد اسلوبين او كليهما..
الاسلوب الاول كلاسيكي يتلخص في الترانسفير سواء حدث بالجملة أو بالتقسيط والاسلوب الثاني ابادة الهوية وتمدد الاستيطان من الارض الى العقل والذاكرة والتاريخ!
(الدستور)
وقد تكون تجربة حزب البوند في روسيا من ابرز تلك النماذج، ولم يسلم اليهود انفسهم من الاغتيال كما حدث لابراهام ليون!
الآن ينعكس المشهد ويطرح كتاب يهود موضوع اندماج الفلسطينيين الذي يطلق عليهم افتراء وانتهاكا اسم عرب اسرائيل في الدولة العبرية.
في مقالة ليوغر هندل نشرت قبل أيام في صحيفة ايديعوت طرح مباشر لهذه المسألة رغم انه جاء في سياق حديثه عن عضو الكنيست العربية حنين الزعبي.
يقول ان الفلسطينيين يتطلعون الى الاندماج، بل يسعون اليه، لكن ديناميات الدولة العبرية سلبية وطاردة وهي التي تحول دون اندماجهم، وظاهر هذا التحليل يدين اسرائيل عنصريا وسياسيا، لكنه في الوقت ذاته يتعامل باستخفاف مع فلسطينيي عام 1948 وكأنهم يقفون في طابور طويل أمام مكتب رئيس الوزراء ويتوسلون بل يتسولون هوية ومواطنة وانتساباً.
هؤلاء العرب المفترى عليهم لاكثر من ستة عقود قاتلوا عرايا من كل شيء لاجل التشبث بهويتهم، فكانت على الدوام جمرة تحرق الاصابع واحيانا تلسع اللسان والقلب، لكنهم ثابروا ولم تفلح الصهيونية في ابادتهم معنويا وثقافيا، فالابادة البيضاء من هذا الطراز أنكى من اية ابادة حمراء لانها تنزع عن الانسان روحه وذاكرته وبالتالي هويته وتبقيه على قيد الحياة كمجرد كائن فقط.
ان أطروحتي الاندماج سواء تعلقتا باليهود في العالم أو بالفلسطينيين في وطنهم تخضعان لاستراتيجية احتلالية واستيطانية وليس لمنطق التاريخ، فمن باب أولى ان يندمج اليهودي الالماني في المجتمع الالماني وكذلك الفرنسي والامريكي وغيرهم.
لكن مفهوم ادماج الفلسطينيين تبعاً لهذه الاستراتيجية يعني تحويلهم الى هامش ديمغرافي أخلاقي، ومعظم ما يقال الآن في اسرائيل حول الاندماج المضاد أو المعكوس هدفه اخيرا خدمة مشروع تهويد الدولة وهذا المشروع لكي يكتمل عليه ان يعامل الفلسطينيين بأحد اسلوبين او كليهما..
الاسلوب الاول كلاسيكي يتلخص في الترانسفير سواء حدث بالجملة أو بالتقسيط والاسلوب الثاني ابادة الهوية وتمدد الاستيطان من الارض الى العقل والذاكرة والتاريخ!
(الدستور)