خـبـر سـار مـن المانيـا!!
حسين الرواشدة
جو 24 : لانه لا يوجد لديّ اية أخبار «سارة» يمكن ان اكتب عنها في واقعنا الراهن، ولأن من حق القارئ ان يخرج من حالة الاكتئاب التي اصبح الكثيرون يعانون منها، فان خبر فوز فتاة اردنية بجائزة دولية يستحق التنويه.. والاشادة ايضا.
أسل ابراهيم طالبة تخرجت في الجامعة الهاشمية، قسم الهندسة الكهربائية، وتقدمت لمسابقة «المواهب الخضراء» التي نظمتها وزارة التعليم والبحث العلمي الالمانية، ومن بين نحو عشرات الابحاث التي قدمت من نحو 116 دولة في العالم فازت أسل بالجائزة عن بحث حول «استخدام العدسات بدلا من المرايا في محطات توليد الطاقة الشمسية».
من المفارقات ان الخبر وصل الينا من خلال مندوب «الجزيرة نت» في المانيا، وأرجّح ان الطالبة تقدمت للمسابقة بنفسها في غياب اية جهة رسمية تتبناها، علما بانها الفتاة العربية الوحيدة التي حظيت بالفوز.
على هامش الاحتفال قال وكيل وزارة البحث العلمي الالماني، إن «المواهب الخضراء» تمثل منتدى دوليا لاكتشاف علماء المستقبل من ذوي الامكانيات العالية في التقنيات المتعلقة بحماية البيئة والتنمية المستدامة، واضاف بانه يسمح للفائزين العودة مرة ثانية الى المانيا من خلال منحة ممولة من الحكومة الالمانية لتمكينهم من تطوير مشاريعهم في جامعات ومراكز بحثية يختارونها.
لا تتوافر لديّ معلومات عن «تفاصيل» المشروع الذي قدمته أسل، لكن موضوعه يتعلق «بالطاقة» التي تشكل اليوم عنوانا «لأزمتها» الاقتصادية، ومع ذلك فان اهمية «الحدث» يمكن رؤيتها من زاويتين على الاقل: احداهما ان لدينا طاقات ابداعية من الشباب لا تجد من يحتظنها ويرعاها، ورغم اننا «نتغنى» بالشباب وابداعاتهم الا ان مؤسساتنا العلمية والتعليمية التي غرقت في مناهج التلقين والبيروقراطية، لم تفتح امام هؤلاء الشباب ابوابها؛ ما يضطرهم للهروب الى الخارج، واعتقد ان ما قاله المسؤول الالماني حول «منح» اسل وغيرها من الفائزين فرصة لاكمال ابحاثهم هناك تعبّر بدقة عن اسباب هجرة «الأدمغة» الشابة بسبب «فقر» بلداننا للعوامل الجاذبة لهم، سواء في التعليم والبحث او في العمل.
من زاوية اخرى فان فوز الطالبة الجامعية اسل في هذه الجائزة العالمية يمثل «وجها» آخر للصورة السائدة في اذهاننا حول شبابنا في الجامعات، وقد اختزلت هذه الصورة في «العنف» واللامبالاة وفي ندرة الكفاءات وشيوع الاستثناءات، ومع ان جزءا منها صحيح ومفهوم الا ان ثمة «تغطية» متعمدة على الجزء الآخر المشرق واذا استثنينا بعض محاولات «التلميع» الاحتفالي والتسويق الاعلامي التي تجري احيانا في سياقات الاهتمام بالمبدعين الشباب فان مسألة «دعم» البحث العلمي ورواده المبدعين في جامعاتنا ومؤسساتنا تبدو غائبة، ويكفي ان نشير الى ان ما يخصص لدعم البحث العلمي لا يتجاوز «1%» من الموازنة كما ان عدد ما يصدر سنويا من ابحاث علمية جادة لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة.
من هذه الزاوية تحديدا يمكن اعتبار ازمة «الابداع» لدى شبابنا تحديدا ازمة جامعات ومؤسسات وليست ازمة مجتمع، ومع انه لا يتوافر لدينا ارقام محددة حول عدد «الادمغة» العلمية الاردنية المهاجرة «وهم كما اتصور «بالآلاف» ولا عن عدد «البحوث» التي قدمت في جامعاتنا من قبل الطلبة وحصلت على «براءات اختراع» الا انه من المؤكد ان لدينا طاقات ابداعية «مهدورة» واخرى مغيبة وثالثة ما تزال تبحث عمن يتبناها ويدعمها، واذا لم تجد ذلك فليس امامها سوى طريقين: إما الهجرة للخارج أو الانضمام الى طابور الموظفين أو العاطلين عن العمل.
يبقى ان الرسالة التي يبعثها فوز أسل، وغيرها ممن لم نسمع عنهم، وهي باختصار ضرورة اعادة الاعتبار للشباب عامة، والمبدعين خاصة فمكان هؤلاء لا يمكن ان يكون على «المدرجات» كمتفرجين أو تحت عصا الطاعة، مهما كان نوعها ومبرراتها، وإنما في «الملعب» كفاعلين ومنتجين يحظون دائما بالتقدير والاحترام، وبما يلزم من حرية وعدالة وكرامة.
(الدستور)
أسل ابراهيم طالبة تخرجت في الجامعة الهاشمية، قسم الهندسة الكهربائية، وتقدمت لمسابقة «المواهب الخضراء» التي نظمتها وزارة التعليم والبحث العلمي الالمانية، ومن بين نحو عشرات الابحاث التي قدمت من نحو 116 دولة في العالم فازت أسل بالجائزة عن بحث حول «استخدام العدسات بدلا من المرايا في محطات توليد الطاقة الشمسية».
من المفارقات ان الخبر وصل الينا من خلال مندوب «الجزيرة نت» في المانيا، وأرجّح ان الطالبة تقدمت للمسابقة بنفسها في غياب اية جهة رسمية تتبناها، علما بانها الفتاة العربية الوحيدة التي حظيت بالفوز.
على هامش الاحتفال قال وكيل وزارة البحث العلمي الالماني، إن «المواهب الخضراء» تمثل منتدى دوليا لاكتشاف علماء المستقبل من ذوي الامكانيات العالية في التقنيات المتعلقة بحماية البيئة والتنمية المستدامة، واضاف بانه يسمح للفائزين العودة مرة ثانية الى المانيا من خلال منحة ممولة من الحكومة الالمانية لتمكينهم من تطوير مشاريعهم في جامعات ومراكز بحثية يختارونها.
لا تتوافر لديّ معلومات عن «تفاصيل» المشروع الذي قدمته أسل، لكن موضوعه يتعلق «بالطاقة» التي تشكل اليوم عنوانا «لأزمتها» الاقتصادية، ومع ذلك فان اهمية «الحدث» يمكن رؤيتها من زاويتين على الاقل: احداهما ان لدينا طاقات ابداعية من الشباب لا تجد من يحتظنها ويرعاها، ورغم اننا «نتغنى» بالشباب وابداعاتهم الا ان مؤسساتنا العلمية والتعليمية التي غرقت في مناهج التلقين والبيروقراطية، لم تفتح امام هؤلاء الشباب ابوابها؛ ما يضطرهم للهروب الى الخارج، واعتقد ان ما قاله المسؤول الالماني حول «منح» اسل وغيرها من الفائزين فرصة لاكمال ابحاثهم هناك تعبّر بدقة عن اسباب هجرة «الأدمغة» الشابة بسبب «فقر» بلداننا للعوامل الجاذبة لهم، سواء في التعليم والبحث او في العمل.
من زاوية اخرى فان فوز الطالبة الجامعية اسل في هذه الجائزة العالمية يمثل «وجها» آخر للصورة السائدة في اذهاننا حول شبابنا في الجامعات، وقد اختزلت هذه الصورة في «العنف» واللامبالاة وفي ندرة الكفاءات وشيوع الاستثناءات، ومع ان جزءا منها صحيح ومفهوم الا ان ثمة «تغطية» متعمدة على الجزء الآخر المشرق واذا استثنينا بعض محاولات «التلميع» الاحتفالي والتسويق الاعلامي التي تجري احيانا في سياقات الاهتمام بالمبدعين الشباب فان مسألة «دعم» البحث العلمي ورواده المبدعين في جامعاتنا ومؤسساتنا تبدو غائبة، ويكفي ان نشير الى ان ما يخصص لدعم البحث العلمي لا يتجاوز «1%» من الموازنة كما ان عدد ما يصدر سنويا من ابحاث علمية جادة لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة.
من هذه الزاوية تحديدا يمكن اعتبار ازمة «الابداع» لدى شبابنا تحديدا ازمة جامعات ومؤسسات وليست ازمة مجتمع، ومع انه لا يتوافر لدينا ارقام محددة حول عدد «الادمغة» العلمية الاردنية المهاجرة «وهم كما اتصور «بالآلاف» ولا عن عدد «البحوث» التي قدمت في جامعاتنا من قبل الطلبة وحصلت على «براءات اختراع» الا انه من المؤكد ان لدينا طاقات ابداعية «مهدورة» واخرى مغيبة وثالثة ما تزال تبحث عمن يتبناها ويدعمها، واذا لم تجد ذلك فليس امامها سوى طريقين: إما الهجرة للخارج أو الانضمام الى طابور الموظفين أو العاطلين عن العمل.
يبقى ان الرسالة التي يبعثها فوز أسل، وغيرها ممن لم نسمع عنهم، وهي باختصار ضرورة اعادة الاعتبار للشباب عامة، والمبدعين خاصة فمكان هؤلاء لا يمكن ان يكون على «المدرجات» كمتفرجين أو تحت عصا الطاعة، مهما كان نوعها ومبرراتها، وإنما في «الملعب» كفاعلين ومنتجين يحظون دائما بالتقدير والاحترام، وبما يلزم من حرية وعدالة وكرامة.
(الدستور)