توقع الرئيس الأمريكي القادم: نموذج آلان ليكمان
جو 24 :
كتب زياد ابحيص -
في عام 1981 التقى المؤرخ المتخصص في التاريخ السياسي للولايات المتحدة آلان ليكمان بعالم الزلازل السوفيتي فلاديمير كيليس-بوروك والذي كان مهتماً بتطوير نموذج لتوقع نتائج الانتخابات الأمريكية، وتعاون الطرفان على التوصل إلى العناصر الأساسية التي يمكن أن تقرر النتيجة.
وبعد مراجعة العناصر المؤثرة بدءاً من انتخابات العام 1860 التي فاز فيها أبراهام لينكولن توصلا إلى نموذج مشابه لتوقع الزلازل بحيث يشكل فوز الحزب الحاكم "حالة الاستقرار"، وفوز المرشح المتحدي "حالة الزلزال"، وما يقرر استمرار الاستقرار أو حصول الزلزال هي المفاتيح الثلاثة عشر، فإذا كانت ستة منها أو أكثر ضد الحزب الحاكم فمرشحه سيخسر، فالنموذج مصمم أساساً ليتوقع احتمالية الزلزال "أي نجاح الحزب المنافس".
انطلاقاً من ذلك فهذا النموذج يعتبر مؤشرات الحكم وتماسك الحزب هي الأساسية، ويعطي قيمة ثانوية للحملات الانتخابية ولاستطلاعات الرأي، وقد بدأت محاولات توقع الرئيس القادم بناء على هذا النموذج في 1982 وتمكن من توقع نتيجة انتخابات 1984، ونجح منذ ذلك الحين في توقع النتيجة في 9 من أصل 10 انتخابات وفشل فقط في انتخابات عام 2000 التي نجح فيها جورج بوش، ويحاجج ليكمان بأن الانتخابات هي التي فشلت في ذلك العام وليس النموذج بعد ما حصل بإلغاء أصوات المرشح الديمقراطي آل غور في فلوريدا.
ومع كل انتخابات يتجدد التحدي بأنها قد تحمل في طياتها متغيرات تفوق قدرة النموذج على التوقع، أما المؤشرات الثلاثة عشر فهي:
1. تفويض الحزب: إذا حقق الحزب الحاكم في انتخابات التجديد النصفية نتيجة أفضل من النتيجة السابقة، و قد تراجعت مقاعد الحزب الديمقراطي في الكونغرس في انتخابات التجديد الأخيرة، فالنتيجة لهذا العام لصالح ترامب.
2. عدم حصول منافسة تمهيدية في الحزب الحاكم: حتى وإن ترشح شخص غير الرئيس، والنتيجة لهذا العام لصالح المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، وهذا محل نقاش هذا العام لكن ليكمان يتمسك بأنها بعد اختيارها قد باتت تتمتع بإجماع الحزب.
3. إذا كان الرئيس الحالي هو من يسعى لإعادة الانتخاب: فإن لم يكن هو فإن هذا عامل يصب في خانة "حصول الزلزال" بفوز المنافس، والنتيجة لهذا العام لصالح ترامب.
4. عدم وجود حزب ثالث يخوض حملة مؤثرة: وعادة ما يحصل ذلك لوجود قضايا اجتماعية تعزز هذه الفرص، وعدم وجود الحزب الثالث يصب في صالح الاستقرار (نجاح الحزب الحاكم)، وهو في هذا العام لصالح هاريس.
5. اقتصاد قوي على المدى القصير: ويعني عدم حصول كساد خلال فترة الحزب الحاكم، مهما كانت المتغيرات الأخرى، وهو يصب هذه المرة لصالح هاريس.
6. مؤشرات اقتصاد قوي على المدى البعيد: أن يكون متوسط النمو في دخل الفرد خلال الرئاسة الحالية يفوق متوسط النمو في آخر ولايتين رئاسيتين، وهذا يصب لصالح هاريس بسبب وباء كورونا وأثره في نهاية عهد ترامب.
7. تطبيق الإدارة الحالية لتغييرات كبرى في السياسة: فهذا يصب في مصلحة فوز الحزب الحاكم، وهو لصالح هاريس.
8. عدم حصول اضطراب اجتماعي خلال فترة الرئاسة الحالية، فهذا يصب في صالح فوز الحزب الحاكم وهو لصالح هاريس.
9. عدم حصول فضائح كبرى في فترة الرئاسة الحالية: أيضاً يصب لصالح فوز الحزب الحاكم، وهو لصالح هاريس.
10. عدم حصول إخفاق عسكري خارجي خلال الفترة الرئاسية الحالية: ويقول ليكمان إن هذا العنصر يصب لصالح هاريس، لكنه يقر أن الانسحاب من أفغانستان يمكن أن يعتبر إخفاقاً وبالتالي من الممكن أن يكون هذا العنصر متأرجحاً وقد يصب لصالح ترامب.
11. نجاح الرئاسة الحالية في السياسة الخارجية: فحصول هذا النجاح يصب في مصلحة الرئاسة الحالية، وبالنظر لحرب غزة فهو يعتبر إن هذا العنصر غائب ويصب بالتالي لصالح ترامب.
12. امتلاك الرئيس الحالي لشخصية كاريزمية قادرة على أن تؤثر بشكل عابر للحدود الحزبية: وهذا غير متوفر للرئيس الحالي ولا للمرشحة كامالا هاريس فهو يصب لصالح ترامب.
13. عدم تمتع المتحدي بالشخصية الكاريزمية: في حال لم يتمتع المنافس بالشخصية الكاريزمية القادرة على التأثير بشكل عابر للأحزاب فإن هذا يحتسب لصالح الحزب الحاكم، بما يجعل محصلة المفتاحين 12 و13 صفراً في حال غياب شخصية كاريزمية على الطرفين.
في المحصلة، يرى ليكمان أن 4 مفاتيح فقط تصب لصالح "احتمال الزلزال"، أي نجاح المتحدي دونالد ترامب، وحتى إن احتسبنا عنصر الإخفاق العسكري في أفغانستان باعتباره مفتاحاً خامساً فإن هذا ما زال دون الرقم ستة الذي هو الحد الأدنى للمفاتيح التي تسمح بحصول الزلزال، وبناء على ذلك فهو يتمسك بتوقع نجاح كامالا هاريس.
وتبقى نقطة النقاش الأساسية المتعلقة بطريقة اختيارها كمرشحة وتحقيقها لشرط "عدم التنافس" في الحزب الحاكم، لأن عدم تحقيقها له قد يجعل ترامب بالفعل يحظى بستة مفاتيح تسمح له بالفوز وفق النموذج، وهذا يجعل تفسير ليكمان لنموذجه محل نقاش محتدم بين يدي الانتخابات الأمريكية غداً، خصوصاً وأنه ينتمي للحزب الديمقراطي وسبق له أن حاول الترشح لمقعد مجلس الشيوخ عن ولاية ميريلاند؛ إلا أن صاحب النموذج يؤكد أن تفسيره للنموذج منفصل عن ولائه الحزبي، وأنه سبق أن توقع فوز رونالد ريغان وجورج بوش الأب والابن وترامب وجميعهم جمهوريون، متمسكاً بترجيح فوز مرشحة الحزب الحاكم كامالا هاريس.