الهــروب إلـى مــولانـا «المـفـتـي»
حسين الرواشدة
جو 24 : أشعر “بضيق” نفس أحيانا من “السياسة” وممارسات بعض السياسيين وصراعاتهم ومناكفاتهم، فأهرب الى “الدين” ملتمسا شيئا من الطهارة والتقوى والورع، لكنني اشعر بالصدمة من ممارسات بعض “المتدينين” لا سيما الكبار المحسوبين على خط الدعوة، وأتساءل هنا: ما معنى الدين –اي دين- اذا لم ينصرف سلوكا على الارض، واذا لم يلتزم بقيمه الذين “يعظون” الناس باسمه، واذا كان “الدعاة” اليه ابعد عباد الله عنه.
بالنسبة لي، لا أعدم الوسيلة لاستعادة “توازني” النفسي والديني بعد كل صدمة اتلقاها من اي شخص محسوب على خط “الدين” سواء اكان سياسيا او داعية، فقد تعلمت من تجاربي بعد هذا العمر ان “الدين” بريء من كثير ممن يوقعون باسمه، او يتحمسون للدفاع عنه، الدين شيء مختلف عن “التدين”، وتدين “العجائز” انقى احيانا من “تدين” نجوم الدعوة، واصلاح علاقتك مع الله لا يحتاج الى “وسطاء” مهما كان وزنهم وعلمهم، وان تقرأ بنفسك في هذا الكون لكي يزداد ايمانك افضل وأجدى من ان تقف كالتلميذ امام “استاذة” لتسمع ما يلقنك به.
احيانا، احتاج الى ممارسة الهروب من “الصور” المقلّدة الى الصور الصحيحة لا لكي اعيد ما افتقدته من “توازن” روحي وثقة بالدعاة التي تصطدمني بعض مواقفهم، وانما لكي اطمئن بان “الدنيا ما زالت بخير” وبان بيننا ارواحا “خيّرة” تمشي على الارض وعلماء “ربانيين” تفيض من قلوبهم نسمات “الرضا” ومن وجوههم “انوار” التقوى والورع.
اهرب –مثلا- الى سماحة شيخنا المفتي عبدالكريم الخصاونة، هذا رجل بالفعل نادر، يأسرك بتواضعه وطيبته، يتحدث معك على سجيته فيأخذك الى “دنيا” نظيفة مكتنزة بالدفء والمودة.
آخر مرة التقيته حدثني عن ذكريات “الحج” رأيت في عينيه بريقا “للايمان” الذي ابحث عنه في وجوه الكثيرين، قلت في نفسي: يا ليت انني استطيع ان اكتب عن “الاسرار” التي اعرفها عنك لكي يدرك الناس كيف يكون “الداعية” و”المفتي” والواقف على صراط الدين انسانا، كيف يتسع صدره للجميع، وكيف يكون زاهدا ومتواضعا ومحبا للناس، لم جرؤ بالطبع على مفاتحته بالموضوع، لكن كل ما رأيته في دائرة “الافتاء” من هدوء في العمل، ومن وشائج “اخوّة” تجمع العاملين والموظفين، ومن احساس غريب بالطمأنينة والدفء والاريحية، ذكّرني “بأنفاس” مولانا المفتي التي تملأ المكان، وبروحه الوثابة التي اضفت على الجميع حالة من السكينة والانس والحساس بالرضى.
عند مولانا المفتي الشيخ الخصاونة وجدت اغلى قيمة افتقدتها لدى العديد ممن عرفت في ميدان “الدعوة” وهي “الصدق” يا لها من صدمة كبيرة حين تكتشف بأن من يحدثك يكذب عليك، والاشدّ منها ان تكتشف بان هذا الكذب يرتدي “جلباب” الدين، احيانا اشفق على هؤلاء الذين يتصدر بعضهم المنابر والشاشات وتحدث “باسم الله” عن التقوى والورع والامانة وفي داخله تتردد اصداء مجلجلة لقوله تعالى: “كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون” واحيانا اقول في نفسي: صحيح لا يحب الله الجهر بالسوء، ولكن هؤلاء يسيؤون للدين ويجب كشفهم، هؤلاء اخطر على “الامة” من المتربصين بها علنا، لان اولئك مكشوفون اما هم “فيتحجبون” بالدين حتى اذا انكشفوا نفّروا الناس عن الدين.
يا شيخنا العزيز، الان ادركت لماذا تراودني نفسي بالهروب اليك حين تصطدمني اخبار الذين تعرفهم واعرفهم انه “الصدق” هذا الذي انتحى بعيدا عن حياتنا فما عدنا نراه، هذا الذي جعلك تتصالح مع نفسك ومع الآخرين، هذا الذي منعك من ان تمد يدك للدنيا، ولم يمنعك من ان تمدها “بالخير” لكل عابر سبيل.. هذا الذي مكّن محبتك في قلوب من عرفك ووضع لك القبول في الأرض.
(الدستور)
بالنسبة لي، لا أعدم الوسيلة لاستعادة “توازني” النفسي والديني بعد كل صدمة اتلقاها من اي شخص محسوب على خط “الدين” سواء اكان سياسيا او داعية، فقد تعلمت من تجاربي بعد هذا العمر ان “الدين” بريء من كثير ممن يوقعون باسمه، او يتحمسون للدفاع عنه، الدين شيء مختلف عن “التدين”، وتدين “العجائز” انقى احيانا من “تدين” نجوم الدعوة، واصلاح علاقتك مع الله لا يحتاج الى “وسطاء” مهما كان وزنهم وعلمهم، وان تقرأ بنفسك في هذا الكون لكي يزداد ايمانك افضل وأجدى من ان تقف كالتلميذ امام “استاذة” لتسمع ما يلقنك به.
احيانا، احتاج الى ممارسة الهروب من “الصور” المقلّدة الى الصور الصحيحة لا لكي اعيد ما افتقدته من “توازن” روحي وثقة بالدعاة التي تصطدمني بعض مواقفهم، وانما لكي اطمئن بان “الدنيا ما زالت بخير” وبان بيننا ارواحا “خيّرة” تمشي على الارض وعلماء “ربانيين” تفيض من قلوبهم نسمات “الرضا” ومن وجوههم “انوار” التقوى والورع.
اهرب –مثلا- الى سماحة شيخنا المفتي عبدالكريم الخصاونة، هذا رجل بالفعل نادر، يأسرك بتواضعه وطيبته، يتحدث معك على سجيته فيأخذك الى “دنيا” نظيفة مكتنزة بالدفء والمودة.
آخر مرة التقيته حدثني عن ذكريات “الحج” رأيت في عينيه بريقا “للايمان” الذي ابحث عنه في وجوه الكثيرين، قلت في نفسي: يا ليت انني استطيع ان اكتب عن “الاسرار” التي اعرفها عنك لكي يدرك الناس كيف يكون “الداعية” و”المفتي” والواقف على صراط الدين انسانا، كيف يتسع صدره للجميع، وكيف يكون زاهدا ومتواضعا ومحبا للناس، لم جرؤ بالطبع على مفاتحته بالموضوع، لكن كل ما رأيته في دائرة “الافتاء” من هدوء في العمل، ومن وشائج “اخوّة” تجمع العاملين والموظفين، ومن احساس غريب بالطمأنينة والدفء والاريحية، ذكّرني “بأنفاس” مولانا المفتي التي تملأ المكان، وبروحه الوثابة التي اضفت على الجميع حالة من السكينة والانس والحساس بالرضى.
عند مولانا المفتي الشيخ الخصاونة وجدت اغلى قيمة افتقدتها لدى العديد ممن عرفت في ميدان “الدعوة” وهي “الصدق” يا لها من صدمة كبيرة حين تكتشف بأن من يحدثك يكذب عليك، والاشدّ منها ان تكتشف بان هذا الكذب يرتدي “جلباب” الدين، احيانا اشفق على هؤلاء الذين يتصدر بعضهم المنابر والشاشات وتحدث “باسم الله” عن التقوى والورع والامانة وفي داخله تتردد اصداء مجلجلة لقوله تعالى: “كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون” واحيانا اقول في نفسي: صحيح لا يحب الله الجهر بالسوء، ولكن هؤلاء يسيؤون للدين ويجب كشفهم، هؤلاء اخطر على “الامة” من المتربصين بها علنا، لان اولئك مكشوفون اما هم “فيتحجبون” بالدين حتى اذا انكشفوا نفّروا الناس عن الدين.
يا شيخنا العزيز، الان ادركت لماذا تراودني نفسي بالهروب اليك حين تصطدمني اخبار الذين تعرفهم واعرفهم انه “الصدق” هذا الذي انتحى بعيدا عن حياتنا فما عدنا نراه، هذا الذي جعلك تتصالح مع نفسك ومع الآخرين، هذا الذي منعك من ان تمد يدك للدنيا، ولم يمنعك من ان تمدها “بالخير” لكل عابر سبيل.. هذا الذي مكّن محبتك في قلوب من عرفك ووضع لك القبول في الأرض.
(الدستور)