العشائر جذور الوطن وذاكرته الحية

 العشيرة ليست اسماً نحمله ولا راية نرفعها فحسب بل هي روح متجذرة فينا تمتد بعمق الأرض التي ننتمي إليها وتحمل في ذراتها حكاية وطن لم يبن بالحجر بل بالبشر الذين صانوا العهد وحملوا الأمانة منذ القدم كانت العشائر السند الأول للدولة والحصن الذي يلجأ إليه الناس في الشدائد فالشهامة لم تكن خلقاً مكتسباً بل طبعا تربينا عليه في مجالسها تعلمنا أن الرجولة مواقف وأن الكلمة وعد وأن الكرامة لا تُشترى ولا تُباع لقد شكلت العشائر الأردنية نموذجاً فريداً في التماسك الاجتماعي فهي التي حفظت النسيج الوطني متماسكاً رغم كل ما مر على البلاد من تحولات كانت دوماً مصدر الإصلاح قبل أن تعرف المحاكم وميدان الخير قبل أن تعرف المؤسسات تجمع المتخاصمين وتطفئ نار الفتن وتعلم أبناءها أن الوطن أكبر من كل خلاف عاداتنا ليست عبئاً على التطور كما يظن البعض بل هي الجسر الذي يعبر بنا نحو المستقبل بثبات لأن من لا جذور له لا ظل له ومن نسي أصله فقد طريقه في كرمنا عزة وفي صبرنا حكمة وفي احترام الكبير وفاء لقيم نادرة ما زالت تزهر رغم قسوة الأيام ولأن العشائر هي مرآة الوطن فإن الحفاظ على مكانتها مسؤولية كل فرد منا لا لنتغنى بالماضي فقط بل لنورث الأجيال القادمة ما أبقانا شامخين وحدة الصف ونقاء النية وحب الأرض والناس قد نختلف في الانتماء للعشائر لكننا نتوحد في انتمائنا للوطن فالعشيرة ليست حدوداً تفصلنا بل خيوطاً متينة تنسج من الجميع عباءة واحدة اسمها الأردن أيها الجيل الجديد أنتم امتداد لتاريخ لم يكتب بالحبر بل بالمواقف فكونوا كما كان أجدادكم لا تتركوا للفتن مكاناً بينكم ولا تسمحوا لأحد أن يعبث بنقاء انتمائكم العشيرة ليست سبباً للفرقة بل مدرسة للوحدة ومن أراد أن يرفع شأنها فليكن قدوة في علمه وأخلاقه لا في صوته ولا في سلاحه تذكروا دائماً أن الكرامة لا تصان بالصراخ بل بالوعي وأن النخوة ليست في المشاجرات بل في حفظ الدم وصون العرض حافظوا على ما ورثتموه من قيم تملأ القلب شموخاً وازرعوا في أبنائكم حب الأرض قبل كل شيء فالأرض التي أنجبتكم تنتظر منكم أن تردوا لها الجميل سيبقى الوطن بخير ما دامت العشائر بخير وما دامت القلوب مؤمنة بأن القوة الحقيقية ليست في العصب بل في العصب الوطني الذي يجمعنا جميعاً تحت راية واحدة راية الأردن وفي هذا السياق لا بد من توجيه الشكر والتقدير لأبناء عشيرة العجارمة الذين وقفوا بحكمة ومسؤولية أمام مثل تلك التصرفات الفردية وأثبتوا أن الرجولة ليست في الغضب بل في ضبط النفس وأن الانتماء الحقيقي هو ما يحمي لا ما يؤذي أولئك الذين أطفأوا نار الفتنة قبل أن تشتعل يستحقون كل الاحترام لأنهم حافظوا على الصورة المشرفة لعشائرنا الأصيلة ولأخلاق الأردنيين الذين لا يزيدهم الموقف إلا وعياً وثباتاً