رحلة العرب من الخريف .. الى الربيع
حسين الرواشدة
جو 24 : ما تزال جولات الصراع في عالمنا العربي محتدمة، ولم يتمكن اي طرف حتى الآن من اشهار “انتصاره”، الشعوب ما تزال “تناضل” لاستعادة حريتها وكرامتها، والانظمة –على اختلاف صورها- لم تستسلم بعد.
هذه هي خلاصة رحلة السنوات الثلاثة الماضية، في مصر –مثلا- لم يهدأ الشعب المصري الا نحو 18 يوما التي اعقبت سقوط نظام مبارك، ثم بدأ من جديد “مظاهراته” واحتجاجاته ضد العسكر ثم ضد الإخوان واخيرا ضد “الانقلاب” ومن اللافت ان اكثر من 5 شهور مرّت على عزل الرئيس مرسي دون ان يخلو “الشارع” من الاحتجاج، ودون ان يسقط قتلى او اعتقالات او محاكمات، وكأن المجتمع هناك تحوّل الى “خلية” نحل لا تهدأ ولا تنام.
في سوريا –ايضا- تحولت الثورة السلمية الى “حرب” عسكرية لم ينتصر النظام فيها ولا انهزمت المعارضة، ومع انسداد الافق السياسي لأي حل سواء في جنيف2 اوفي اي مكان اخر، فان الصراع على سوريا وداخلها ايضا لن يتوقف، وربما سيستمر لسنوات طويلة قادمة.
اذا تذكرنا –ايضا- ما يحدث في ليبيا وتونس واليمن التي خرجت من اطار “ثورات الربيع العربي” لم تتوقف، وبان امام المجتمعات وقت –ربما يطول- لاعلان استقلالها واستقرارها.. فالنظام الجديد لم يتبلور بعد كما ان الانظمة السابقة لم تسقط بكاملها ايضا.
في الاجواء العربية –كلها- ما تزال “روح” التغيير ترفرف، صحيح ان ثمة اصابات طرأت على بعض “الاجنحة” وان ثمة “نقاطا” سجلها البعض ضد الطرف الاخر، لكن الصحيح ايضا ان “صفارة” النهاية لم تنطلق لتحسم “المباراة” وترفع يد “الفائز” لكي تصفق له الجماهير.
في الاثناء –ايضا- ثمة معسكران قد تشكلا: احدهما ما زال متمسكا بخيار “التغيير” مهما كان الثمن، والآخر ما زال مصرا على اجهاض هذا “الوافد” الغريب بأي ثمن، وما دام ان المواجهة مستمرة فان احدا لا يستطيع ان يراهن على “نهاية” عصر التحولات العربية، كما ان احدا لا يستطيع ان يستثني نفسه من امتداداتها وعواصفها وشراراتها التي تتطاير في كل مكان.
من اللافت ان “تقييم” هذه التحولات ومحاولة فهم اسبابها وعواملها جاءت الينا من طرفين”: احدهما “اجنبي” نظرا الى الصورة من الخارج ووضع لها عنوانا واحدا وهو “الكرامة” فيما الاخر “عربي” دقق في الصورة من داخلها ووضع لها عنوانا اخر وهو “الجوع”، ومع احترام وجهتي النظر –على اختلافهما- فان المعنيين بالتقاط الصورة لم ينتبهوا الى ان لدى الشعوب طاقة كبيرة على “التحمل” و”التكيف” لكن لديهم طاقة اكبر على “الانفجار” والدفاع عن “رغيفهم” و”كرامتهم” ايضا، إذْ لا يبدو الفرق بين الاثنين مهما عندئذ.
من اللافت –ايضا- ان دولنا العربية التي احتفت “بمانديلا” الرجل الشجاع، لم تعدّ من تجربة “الافارقة” نحو الانعتاق والتحرر، كما لم تتعلم من دروس “مانديلا” في السجن والحكم معا، فهي تريد ان تتقمص “مانديلا” وهي ما تزال تمارس دور “سجانيه” وهي حريصة على الاشادة بالرجل رغم انها تلعن “المؤمنين” به وتجرهم على المقاصل والسجون.
ما حصل في عالمنا العربي منذ 3 سنوات كان “خريفا” بامتياز، سقطت فيه كثير من الاوراق، وانكشفت فيه العديد من الملفات المسكوت عنها وتشكلت فيه -بوضوح- خطوط الصراع واتضحت “اوزان” كل الاطراف لكن العربيع العربي لم يسفر عن وجهه بعد، وربما ما زال امامنا فسحة من امل وخوف لرؤية هذا الربيع، لكن المؤكد انه قادم.. وحتى لو دفعتنا مشاعر الخوف والغضب والاحباط احيانا الى اعلان “نعيه” فان الحقيقة الماثلة امامنا بعد كل هذه المخاضات والالام والاصرار هي ان الانسان العربي خرج تماما من عصر “الوصاية” وكسر عصا الطاعة وتحرر من “الشرك” والاستبداد وقد بدأ في معركة “الهدم” لكن امامه مسيرة طويلة “للبناء” وهذه ستحتاج الى سنوات وسنوات..!!
(الدستور)
هذه هي خلاصة رحلة السنوات الثلاثة الماضية، في مصر –مثلا- لم يهدأ الشعب المصري الا نحو 18 يوما التي اعقبت سقوط نظام مبارك، ثم بدأ من جديد “مظاهراته” واحتجاجاته ضد العسكر ثم ضد الإخوان واخيرا ضد “الانقلاب” ومن اللافت ان اكثر من 5 شهور مرّت على عزل الرئيس مرسي دون ان يخلو “الشارع” من الاحتجاج، ودون ان يسقط قتلى او اعتقالات او محاكمات، وكأن المجتمع هناك تحوّل الى “خلية” نحل لا تهدأ ولا تنام.
في سوريا –ايضا- تحولت الثورة السلمية الى “حرب” عسكرية لم ينتصر النظام فيها ولا انهزمت المعارضة، ومع انسداد الافق السياسي لأي حل سواء في جنيف2 اوفي اي مكان اخر، فان الصراع على سوريا وداخلها ايضا لن يتوقف، وربما سيستمر لسنوات طويلة قادمة.
اذا تذكرنا –ايضا- ما يحدث في ليبيا وتونس واليمن التي خرجت من اطار “ثورات الربيع العربي” لم تتوقف، وبان امام المجتمعات وقت –ربما يطول- لاعلان استقلالها واستقرارها.. فالنظام الجديد لم يتبلور بعد كما ان الانظمة السابقة لم تسقط بكاملها ايضا.
في الاجواء العربية –كلها- ما تزال “روح” التغيير ترفرف، صحيح ان ثمة اصابات طرأت على بعض “الاجنحة” وان ثمة “نقاطا” سجلها البعض ضد الطرف الاخر، لكن الصحيح ايضا ان “صفارة” النهاية لم تنطلق لتحسم “المباراة” وترفع يد “الفائز” لكي تصفق له الجماهير.
في الاثناء –ايضا- ثمة معسكران قد تشكلا: احدهما ما زال متمسكا بخيار “التغيير” مهما كان الثمن، والآخر ما زال مصرا على اجهاض هذا “الوافد” الغريب بأي ثمن، وما دام ان المواجهة مستمرة فان احدا لا يستطيع ان يراهن على “نهاية” عصر التحولات العربية، كما ان احدا لا يستطيع ان يستثني نفسه من امتداداتها وعواصفها وشراراتها التي تتطاير في كل مكان.
من اللافت ان “تقييم” هذه التحولات ومحاولة فهم اسبابها وعواملها جاءت الينا من طرفين”: احدهما “اجنبي” نظرا الى الصورة من الخارج ووضع لها عنوانا واحدا وهو “الكرامة” فيما الاخر “عربي” دقق في الصورة من داخلها ووضع لها عنوانا اخر وهو “الجوع”، ومع احترام وجهتي النظر –على اختلافهما- فان المعنيين بالتقاط الصورة لم ينتبهوا الى ان لدى الشعوب طاقة كبيرة على “التحمل” و”التكيف” لكن لديهم طاقة اكبر على “الانفجار” والدفاع عن “رغيفهم” و”كرامتهم” ايضا، إذْ لا يبدو الفرق بين الاثنين مهما عندئذ.
من اللافت –ايضا- ان دولنا العربية التي احتفت “بمانديلا” الرجل الشجاع، لم تعدّ من تجربة “الافارقة” نحو الانعتاق والتحرر، كما لم تتعلم من دروس “مانديلا” في السجن والحكم معا، فهي تريد ان تتقمص “مانديلا” وهي ما تزال تمارس دور “سجانيه” وهي حريصة على الاشادة بالرجل رغم انها تلعن “المؤمنين” به وتجرهم على المقاصل والسجون.
ما حصل في عالمنا العربي منذ 3 سنوات كان “خريفا” بامتياز، سقطت فيه كثير من الاوراق، وانكشفت فيه العديد من الملفات المسكوت عنها وتشكلت فيه -بوضوح- خطوط الصراع واتضحت “اوزان” كل الاطراف لكن العربيع العربي لم يسفر عن وجهه بعد، وربما ما زال امامنا فسحة من امل وخوف لرؤية هذا الربيع، لكن المؤكد انه قادم.. وحتى لو دفعتنا مشاعر الخوف والغضب والاحباط احيانا الى اعلان “نعيه” فان الحقيقة الماثلة امامنا بعد كل هذه المخاضات والالام والاصرار هي ان الانسان العربي خرج تماما من عصر “الوصاية” وكسر عصا الطاعة وتحرر من “الشرك” والاستبداد وقد بدأ في معركة “الهدم” لكن امامه مسيرة طويلة “للبناء” وهذه ستحتاج الى سنوات وسنوات..!!
(الدستور)