داين صمت الطفولة وعزة النفس من قلب عمان
خلود العجارمه
جو 24 :
في زوايا وسط عمان حيث تصارع عزة النفس الحاجة يوميا تحمل المدينة قصص شعب يقف في وجه الموت بصمت قصة داين ليست مجرد قصة عائلة بل نموذج صغير لمعاناة آلاف الأسر الأردنية التي تكافح يوميا من أجل البقاء.
تعيش فتاة في مقتبل العمر مع والدها الذي يصارع مرض السرطان الخبيث بعد أن استأصل الأطباء حنجرته بالكامل ذهب صوته الذي كان الدفء والأمان لها ولم يعد بمقدوره النطق أو التعبير عما في قلبه لكنه ظل حاضر بروحه وبعزة نفس لم يسمح للمرض أن يسلبها منه.
ورغم صعوبة الوضع رفضت الفتاة أن تترك والدها وأصرت على البقاء بجانبه لتواسيه وتكون له الدعم الذي فقده الصوت واليد الأب غير قادر على العمل والمرض يحاصره ومع ذلك تبقى عزة النفس الحاضرة تعلم ابنته معنى الصبر الحقيقي وأن تبقى الإنسانية حية رغم الجراح.
تعيشان في غرفة صغيرة ضمن عمارة قديمة في وسط البلد مدخلها ضيق ومعتم وغرفتها الضيقة هي العالم كله لهما داين البالغة من العمر أربعة عشر عاما خجولة جدا لدرجة أنها لم تجرؤ على الظهور أمام الكاميرا خوفا من أن يتحول ألمها إلى مادة للفضول لكنها كانت تناجي الله بصوتها الداخلي وتترجم معاناتها اليومية بكلمات صامتة.
كان حلمها الوحيد أن يرفع راتب المعونة الوطنية خمسة وستون دينارا لا تكفي الأسرة العفيفة هذا المبلغ المحدود لا يغطي حتى أجرة البيت ومع ذلك لم يمدوا يدهم لأحد ولم يطلبوا سوى الحق البسيط في العيش بكرامة في وطن يفتخر بمؤسسات الدعم لكنها غالبا ما تترك الأسر الفقيرة تكافح وحدها.
هل يعقل أن تبقى أسرة تواجه مرضا قاتلا تحت هذا الضغط الاقتصادي وهل يعقل أن يتجاهل المجتمع هذه الفئة التي تمثل إحدى نقاط ضعف شبكته الإنسانية وإن كانت الحكومة عاجزة عن تحسين الرواتب فهل يمكن على الأقل النظر إلى الفئات الأشد فقرا تلك الفئات التي لا تملك رفاهية الانتظار ولا تتحمل المزيد من الصبر.
صندوق المعونة الوطنية ليس مجرد جهة رسمية بل شريان حياة لآلاف الأسر العفيفة في الأردن يمنحهم فرصة للبقاء وتقديم الطعام لأولادهم والحصول على العلاج والعيش بكرامة قصصهم كثيرة ومعاناتهم أكبر من أن تختصر في سطور قصة داين ووالدها نموذج صغير لما يخفيه شارع عمان من وجع صامت وأمل يتحدى الألم وحياة تبنى على صبر لا ينتهي وإيمان لا ينكسر.
تمر هذه الأسرة يوميا بنفس الروتين المؤلم زيارة الطبيب متابعة الأدوية محاولة تأمين لقمة العيش وانتظار راتب المعونة ليبقيهم على قيد الحياة داين تعلمت منذ صغرها معنى المسؤولية وأن تكون قوية وأن تتحمل أعباء الحياة قبل أوانها لكنها لم تفقد الأمل ولم تتخل عن ابتسامة صغيرة تنير غرفتها الضيقة المليئة بالحب والصبر.
هل نملك الجرأة لننظر إلى معاناتهم بعين منصفة وهل نملك القدرة على إيصال أصواتهم إلى من يستطيع التغيير داين ووالدها لا يطلبان المستحيل لا يريدان سوى ما يحق لهما الحياة بكرامة والدعم الذي يمنحهما فرصة للبقاء والتنفس بعيدا عن الألم والفقر والمرض.
هذه القصة ليست مجرد قصة عائلة بل مرآة لمعاناة آلاف الأسر الأردنية وأمل في أن يسمع صوتهم ويرى وجعهم ويقدر صبرهم.








