محركات الغضب في الشمال
-إبراهيم قبيلات - فاجأت مدينة إربد الأردنيين بحراكها يوم الجمعة الفائت، بعد أن خرج آلاف المواطنين في مسيرة جماهيرية، طافت شوارعها، في مشهد، اعتبره مراقبون الأول من نوعه، منذ أن أطلقت ذيبان شرارة الاحتجاج في السابع من كانون الثاني عام 2011.
رفضت إربد 81- كم شمال عمان - أن تذهب الحراكات الشعبية في الأردن بصبغة جنوبية، وأصرت على ان تقول كلمتها ولو جاءت هذه الكلمة متأخرة بعض الشيء .
إربد ليست يسارية ولا يمينية.. هي مدينة غنية بتنوعها وبصمتها، لكن بحكمة. اليوم، لا خيارات أمام المدينة، بعد أن أذكت حكومة فايز الطراونة الاحتجاجات الشعبية برفعها أسعار المشتقات النفطية.
يعتقد ناشطون أن أسلوب القصر في ردّه على استقالة رئيس الحكومة السابق عون الخصاونة؛ أسس لتحالف سياسي جديد، خاصة أنه تبع بقرارات اقتصادية غير شعبية.
قرأت شخصيات سياسية في الشمال نبرة النظام القاسية في رده على استقالة الخصاونة بشيء من السخط، ما أسفر عن بدء تشكل تحالف سياسي يقوده، فيما يبدو شخصيات أبرزها أحمد عبيدات، وعون الخصاونة نفسه. وفق ناشطين.
فيما يرى آخرون ان أعداء الطراونة اليوم، هم أصدقاء مشروع الخصاونة في الأمس، ما يعني أن أدوات مشروع المد الإسلامي الذي كان الخصاونة عراباً له هي من تحرك الشارع اليوم ضد الطراونة بالتزامن مع حملات إعلامية موجهة ضد الحكومة باعتبارها حكومةً محافظة.
إذاً، الجديد المتوقع في الشارع الاردني في ظل حكومة الطراونة هو تصاعد وتيرة الاحتجاج الأردني، يصطف فيه الجميع في خندق واحد.
بل أن الناشط في الحراك الشعبي في ذيبان، علاء الطوالبة، يرى أن الطريقة التي أقال بها رأس النظام عون الخصاونة، هي من أسس لحالة من التحالف السياسي الجديد. لكن الطوالبة لا يقرأ الحراك في الشمال بمعزل عن مصالح المعارضة، التي يراها في تنامٍ واضح.
يأتي ذلك في الوقت الذي ترفع فيه حكومة الطراونة أسعار العديد من المشتقات النفطية، فيما يجري الحديث عن رفع آخر لسلع أساسية، وهو ما يعني للطوالبة أن هناك تغييراً في شكل المواجهة، وإدارة الازمة مع شارع غاضب.
ويقول :"رفع الاسعار لن ينقذ الموازنة، وهو يؤكد محاولة النظام إلهاء المواطنين في معركة أقتصادية لكسب الوقت".
بالمقابل، فإن الناشط الشبابي في إربد، فارس ذينات، يقدم تفسيراً لدخول محافظته على خط الاحتجاج وبشعارات عالية، يقول: الارتفاع في الأسعار، والتهاون في ملفات الفساد، إضافة إلى إقالة عون الخصاونة بطريقة لم يألفها الشارع الأردني، كلها عناوين أدّت إلى زيادة الاحتقان، وخروج "الشماليين" عن صمتهم.
ويعود ذينات بجذور تحالف اليوم، بين الجبهة الوطنية للإصلاح بقيادة عبيدات وعون الخصاونة، إلى فترة وجود الأخير في "الرابع"، حين أسس لتحالف مع الإسلاميين، من أجل ضمان مشاركة أوسع في الانتخابات البرلمانية.
وجود القوى السياسية من إسلاميين ويساريين وقوميين وحراك شعبي في الشارع، يعني لذينات أن الصراع بين القوى السياسية هو على قانون الانتخاب؛ من أجل المحاصصة.
لا أحد يعلم، كيف سيتفتت تحالف القوى في الشمال، بالنظر إلى تغير المصالح وتبدل مواقعها السياسية ومصالح بعض رموزها داخل النظام، ما لم ينجحوا في بناء تحالفات على مستوى الوطن، تستطيع ان تحقق أهداف الحراك الشعبي.