2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

كولن ينقلب على أردوغان!!

حسين الرواشدة
جو 24 : تحت عنوان “الإعلام الاجتماعي” استطاعت جماعة “فتح الله كولن” في تركيا التغلغل داخل دوائر النفوذ في الدولة، واصبح لديها سلسلة من المدارس والجامعات والجمعيات الخيرية والقنوات التلفزيونية داخل تركيا وخارجها، لكنها نأت بنفسها عن “العمل السياسي” العلني واكتفت بمساندة اردوغان الذي وجدت فيه خيارا مناسبا للقيام بمهمة “أسلمة المجتمع والدولة” بعد أن اختلفت مع “شيخه” أربكان الذي كان منحازاً لـ”الوطنية” الضيقة كما اعتقدت الجماعة آنذاك.
فجأة اسشعرت الجماعة خطر انقلاب “اردوغان” عليها، بخاصة بعد قيامه بـ” تأميم” التعليم وانهاء “استقلالية” المدارس الخاصة التي كانت تمثل بالنسبة للجماعة “رئة” للنفوذ والحركة، وبعد ان استطاع من خلال (11) عاما قضاها في الحكم وفي بلدية اسطنبول ان يقنع الشعب التركي بما حققه من انجازات اقتصادية وعلى رأسها “مكافحة الفساد” وما حققه ايضا على صعيد “المصالحة” مع الحزب الكردستاني.. ولاحقا مع الأرمن.
حين كنت في اسطنبول -إبّان مظاهرات واحداث تقسيم- ذكر لي بعض المقربين من “اردوغان” ان ثمة اصابع لجماعة “كولن” فيما يجري، ودللو على ذلك بموقف بعض الإعلاميين المحسوبين على “الجماعة” الذين انحازوا للمتظاهرين ضد الحكم، وهو ما دفع الحكومة الى “التضييق” على الإعلام وطرد بعض الصحفيين من عملهم؟ وبموقف الجماعة من نائب أردوغان وتسويقه إعلاميا.
تبين - لاحقا - أن الجماعة سجلت العديد من الملاحظات على “سياسة” أردوغان” بخاصة فيما يتعلق بموقفه من أسطول “مرمرة” ومقتل عدد من الأتراك على يد الجيش الإسرائيلي، وكذلك موقفه من سوريا حيث ترى الجماعة أن “اردوغان” ذهب بعيداً في دعم الثورة وتعامل بمنطق “الانتقام” مع النظام السوري، زد على ذلك موقفه من “الإخوان” في مصر و “الإسلاميين” عموماً، وهو ما تسبب في “انكفاء” الدور التركي وعزلته الاقليمية.
ومع ذلك، لا تبدو هذه الأسباب “وجيهة” تماما لدفع الجماعة الى “الانقلاب” على اردوغان، ذلك ان خيارات “الجماعة” بعد الإجهاز على مستقبل “اردوغان” تبدو محدودة تماما، فهم لا يستطيعون التحالف مع خصومه السياسيين من العلمانيين، كما أنه من الصعب أن “يقبلهم” حزب العدالة والتنمية فيما لو تسببوا بإلحاق الخسارة به، سواء في الانتخابات البلدية (نيسان 2014) أو “البرلمانية” (آب 2014) أو الرئاسية العام 2015م.
من اللافت انه فيما كان اردوغان في زيارة لأمريكا قبل اسابيع كان نائبه (ارنيتش) في لقاء مع الشيخ فتح الله كولن في بنسلفانيا التي يقيم فيها منذ التسعينيات، لكن يبدو أن محاولة “التقريب” والتفاهم بين الجماعة وحزب العدالة لم تتكلل بالنجاح، فقد بادرت الجماعة الى “إعلان” انتقاداتها لاردوغان، كما تحركت من خلال نفوذها في الدولة إلى “مفاجأة” الحكومة بقضايا “الفساد” التي أحيل بموجبها نحو (52) متهماً للقضاء، من بينهم أبناء وزراء (أحدهم وزير الداخلية) ومدير للبنك الوطني ورجال أمن وأعمال، معظمهم محسوب على حزب العدالة والتنمية.
التقط اردوغان -بالطبع- ذبذبات “محاولة” الانفصال، فاعتبر أن إحالة المتهمين بالفساد “مسألة مستمرة وضرورية” كما سارع الى إجراء تعديل حكومي للتخلف من الوزراء الثلاثة الذين دارت حولهم شبهات الفساد، فيما حذر من وجود “دولة داخل الدولة” في إشارة الى محاولة الجماعة ايجاد مناطق نفوذ اوسع لها داخل الحكم، وهذا على ما يبدو مربط الفرس، اذ ان الصراع بين الجماعة والحزب يدور على هامشين: أحدهما سياسي حيث تحاول الجماعة ان تتغلغل بشكل أكبر داخل مؤسسات الحكم والدولة لكي تفرض اجندتها على الحكومة والبرلمان، والآخر ايديولوجي حيث تعتقد الجماعة انها يجب ان تكون شريكا بإنجازات حزب اردوغان، وان يكون ما حققه للشعب التركي يحمل “خاتم” الجماعة لا الحزب فقط.
من المرجح أن الصراع لم ينته بعد، فلدى الجماعة -تمتلك نحو 3% من اصوات الشارع- أدوات اخرى للضغط، منها سحب اعضاء البرلمان المحسوبين عليها لإرباك الحكومة، ومنها مواصلة اطلاق الأذرع الاعلامية التي تمتلكها لتجريح اردوغان وحكومته ومنها استثمار نفوذها في الخارج بخاصة مع التخوفات العربية من نوايا اردوغان العثمانية لحصار الحكومة داخليا وخارجيا.
لكن يبقى أن ما حققه اردوغان من انجازات وما يمتلكه من قدرة سياسية على تحويل المصائد والخسائر الى أرباح تصب في رصيده كما حدث في مظاهرات تقسيم سيجعل من امكانية انتصار الجماعة عليه مسألة مستبعدة، إلا أنها قد تسهم بإرباكه أو الحد من طموحاته بالاستمرار في الحكم منفردا.
يبقى أن نشير إلى مسألة أساسية وهي أن الصدام بين الجماعة والحزب يمكن أن ينتقل من تركيا إلى خارجها -(يحدث الآن في مصر ولو بصورة مختلفة)- بخاصة أن الجماعة، حتى التي تتبنى فكرة الإسلام الاجتماعي اصبحت تمثل خطرا بالنسبة للحكومات والانظمة. وبالتالي فإن بروفة الطلاق بين كولن وأردوغان يمكن أن تصل الى العديد من بلداننا العربية.
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير