اطلاق طاقات المساجد... خدمة المجتمع مثلا!
حسين الرواشدة
جو 24 : ما الذي يمنع ان تتحول المساجد من مجرد دور للعبادة تستقبل المصلين “5” مرات في اليوم ثم تغلق ابوابها، الى منارات للاشعاع الحضاري والثقافي والتنموي.. والى مراكز لخدمة المجتمع ايضا.
فكرة استثمار المساجد لتقديم “الخدمة” للمجتمع سمعتها امس من الدكتور هايل داوود وزير الاوقاف حيث ذكر لي بان لدى الوزارة خطة “جاهزة” لتنظيم لجان تطوعية تبدأ من مساجد العاصمة “عددها نحو 1250” ثم تمتد الى باقي محافظات المملكة “لدينا نحو 6500 مسجد” ومع ان مسألة “احياء” دور المساجد وتوسيع رسالتها ليست جديدة وقد وضعها الوزير –كما قال- على قائمة اولوياته، الا ان العاصفة الثلجية الاخيرة سرّعت في اخراج الفكرة والعمل على تنفيذها.
لجان الخدمة في المساجد، كما يعتقد الوزير سيتم تشكيلها من عدد من المتطوعين الشباب من رواد كل مسجد، وستوفر الوزارة لهم ما يلزم من ادوات لتقديم المساعدة للاحياء التي تحيط بالمسجد في وقت الازمات والظروف الصعبة، وعلاوة على انها تعيد للمسجد دوره الحقيقي في التواصل مع المجتمع وتساعده على الخروج من “دائرة” التعبد بمعناه المعروف الى دائرة “العبادة” العامة، فانها ايضا تساعد على استيعاب طاقات الشباب وتفريغها في العمل المفيد والمنتج بدل ان تذهب طاقات الشباب في اتجاهات العنف ومخاصمة المجتمع، كما ان هذه “الفكرة” اذا ما تم تطبيقها بشكل جيد ستشكل تحولا في “انماط” التدين، وخاصة لدى الشباب، اذ ان اداء الشعائر والعبادات على اهميتها، لا تستطيع وحدها ان تنجز التغيير في “السلوكيات” وبالتالي فان اندماج هذه اللجان التي تنطلق من “المساجد” مع محيطها، وما يترتب عليه من انشاء علاقات تقوم على التعاون والمحبة سيكشف ويرسخ انماط صحيحة من التدين القائم على الانتاج لا الاستهلاك، وعلى البناء والخدمة والعطاء، حيث وظيفة الدين – في الاصل- الهداية والعمران واشاعة الخير والسعادة بين الناس.
هنالك فائدة ثالثة “وهي من عندي” حيث يمكن لمثل هذه اللجان الشبابية التي تعمل في اطار “الخدمة الاجتماعية” وترعاها المؤسسة الدينية الرسمية ان تعيد لهذه المؤسسة دورها في المجتمع بعد ان “تخلت” عنه لصالح مؤسسات اخرى كما انها ستقدم صورة من صور “الاسلام الاجتماعي” الذي يهدف في الاساس للوصول الى المجتمع وبنائه، خاصة ان صورة “الاسلام السياسي” في السنوات المنصرمة هيمنت على المشهد العام، واخلّت بصورة “الدين” وبالتالي فان اعادة التوازن لوظيفة الدين وقيمه ومقاصده تستدعي اخراجه من هذا “الاختزال” وربما تساهم مثل هذه الافكار في تحقيق ذلك.
اطلاق طاقات “المساجد” لا تتوقف عند هذه الفكرة فقط، وانما يمكن ان تضاف مبادرات اخرى لتفعيل هذه الطاقات، خذ مثلا “مبادرة” تيسير زواج الشباب غير القادرين على ذلك، من خلال لجنة تتولى هذه المهمة انطلاقا من المسجد، ويمكن ان تحتضن احدى قاعات مساجدنا الكبيرة “اعراسا” فردية او جماعية، وخذ مثلا مبادرة “معالجة الفقراء” من خلال تخصيص ايام محددة يستقبل فيها “المسجد” الاطباء المتطوعين والمرضى المحتاجين، وخذ ثالثا مبادرة “اطعام الاسر العفيفة” او مبادرة “مكتبة المسجد” او غيرها من المبادرات التي “تخدم” المجتمع تبعا لحاجات الناس المحيطين بالمسجد، وبهذا فاننا نضمن ان تتحول مساجدنا الى “مؤسسات” عامة وفاعلة ومرآة للاسلام والمجتمع المسلم، وجامع حقيقي يفتح ذراعيه لكل الناس ويذهب اليهم بدل ان يستقبلهم فقط.
باختصار، اذا كان “المسجد” قد أُبْعِدَ عن المجتمع، لأسباب غير مفهومة، فيما مضى، فان مجتمعاتنا احوج ما تكون اليوم الى حضوره في حياتنا من جديد، لكن هذا يستدعي التفكير جديا في “اصلاح رسالة المسجد” وتحريره مما اصابه من رضوض وكدمات، لا على صعيد الخطاب والخطبة، وانما على صعيد الدور والمكانة والفاعلية، فقد كان مصدرا للاشعاع الحضاري في تاريخنا ويجب ان يعود.. وسيعود ان شاء الله.
(الدستور)
فكرة استثمار المساجد لتقديم “الخدمة” للمجتمع سمعتها امس من الدكتور هايل داوود وزير الاوقاف حيث ذكر لي بان لدى الوزارة خطة “جاهزة” لتنظيم لجان تطوعية تبدأ من مساجد العاصمة “عددها نحو 1250” ثم تمتد الى باقي محافظات المملكة “لدينا نحو 6500 مسجد” ومع ان مسألة “احياء” دور المساجد وتوسيع رسالتها ليست جديدة وقد وضعها الوزير –كما قال- على قائمة اولوياته، الا ان العاصفة الثلجية الاخيرة سرّعت في اخراج الفكرة والعمل على تنفيذها.
لجان الخدمة في المساجد، كما يعتقد الوزير سيتم تشكيلها من عدد من المتطوعين الشباب من رواد كل مسجد، وستوفر الوزارة لهم ما يلزم من ادوات لتقديم المساعدة للاحياء التي تحيط بالمسجد في وقت الازمات والظروف الصعبة، وعلاوة على انها تعيد للمسجد دوره الحقيقي في التواصل مع المجتمع وتساعده على الخروج من “دائرة” التعبد بمعناه المعروف الى دائرة “العبادة” العامة، فانها ايضا تساعد على استيعاب طاقات الشباب وتفريغها في العمل المفيد والمنتج بدل ان تذهب طاقات الشباب في اتجاهات العنف ومخاصمة المجتمع، كما ان هذه “الفكرة” اذا ما تم تطبيقها بشكل جيد ستشكل تحولا في “انماط” التدين، وخاصة لدى الشباب، اذ ان اداء الشعائر والعبادات على اهميتها، لا تستطيع وحدها ان تنجز التغيير في “السلوكيات” وبالتالي فان اندماج هذه اللجان التي تنطلق من “المساجد” مع محيطها، وما يترتب عليه من انشاء علاقات تقوم على التعاون والمحبة سيكشف ويرسخ انماط صحيحة من التدين القائم على الانتاج لا الاستهلاك، وعلى البناء والخدمة والعطاء، حيث وظيفة الدين – في الاصل- الهداية والعمران واشاعة الخير والسعادة بين الناس.
هنالك فائدة ثالثة “وهي من عندي” حيث يمكن لمثل هذه اللجان الشبابية التي تعمل في اطار “الخدمة الاجتماعية” وترعاها المؤسسة الدينية الرسمية ان تعيد لهذه المؤسسة دورها في المجتمع بعد ان “تخلت” عنه لصالح مؤسسات اخرى كما انها ستقدم صورة من صور “الاسلام الاجتماعي” الذي يهدف في الاساس للوصول الى المجتمع وبنائه، خاصة ان صورة “الاسلام السياسي” في السنوات المنصرمة هيمنت على المشهد العام، واخلّت بصورة “الدين” وبالتالي فان اعادة التوازن لوظيفة الدين وقيمه ومقاصده تستدعي اخراجه من هذا “الاختزال” وربما تساهم مثل هذه الافكار في تحقيق ذلك.
اطلاق طاقات “المساجد” لا تتوقف عند هذه الفكرة فقط، وانما يمكن ان تضاف مبادرات اخرى لتفعيل هذه الطاقات، خذ مثلا “مبادرة” تيسير زواج الشباب غير القادرين على ذلك، من خلال لجنة تتولى هذه المهمة انطلاقا من المسجد، ويمكن ان تحتضن احدى قاعات مساجدنا الكبيرة “اعراسا” فردية او جماعية، وخذ مثلا مبادرة “معالجة الفقراء” من خلال تخصيص ايام محددة يستقبل فيها “المسجد” الاطباء المتطوعين والمرضى المحتاجين، وخذ ثالثا مبادرة “اطعام الاسر العفيفة” او مبادرة “مكتبة المسجد” او غيرها من المبادرات التي “تخدم” المجتمع تبعا لحاجات الناس المحيطين بالمسجد، وبهذا فاننا نضمن ان تتحول مساجدنا الى “مؤسسات” عامة وفاعلة ومرآة للاسلام والمجتمع المسلم، وجامع حقيقي يفتح ذراعيه لكل الناس ويذهب اليهم بدل ان يستقبلهم فقط.
باختصار، اذا كان “المسجد” قد أُبْعِدَ عن المجتمع، لأسباب غير مفهومة، فيما مضى، فان مجتمعاتنا احوج ما تكون اليوم الى حضوره في حياتنا من جديد، لكن هذا يستدعي التفكير جديا في “اصلاح رسالة المسجد” وتحريره مما اصابه من رضوض وكدمات، لا على صعيد الخطاب والخطبة، وانما على صعيد الدور والمكانة والفاعلية، فقد كان مصدرا للاشعاع الحضاري في تاريخنا ويجب ان يعود.. وسيعود ان شاء الله.
(الدستور)