2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

شركاء في الوطن..والحضارة..!

حسين الرواشدة
جو 24 : كان استاذنا الدكتور ناصر الدين الأسد يرفض فكرة ادراج المسيحيين العرب في اطار ما كان يجري من حوارات بين المسلمين والمسيحيين في الغرب ، وكان يصر على ان هؤلاء جزء من مجتمعنا وثقافتنا ومن مشروعنا الحضاري الاسلامي الذي استوعب الجميع ، وبالتالي فان الحوار معهم او الدعوة الى التقارب بيننا وبينهم ، يسوغهما الاختلاف،وهو غير موجود اصلا ،اما الهدف( ان كان ثمة مبرر للحوار) فهو ترسيخ المحبة والتفاهم والترابط بينهم وبين اخوانهم المسلمين ، شأن الحوارات التي تدور بين المسلمين والمسلمين من مختلف مذاهبهم وتياراتهم .
لا يوجد لدينا اذن ، مشكلة “تعايش ديني” بين المسلم والمسيحي ، فهما شركاء في الوطن وفي الثقافة والحضارة ، ولا يكاد يوجد مسلم حقيقي ينكر هذه الحقيقة ، كما لا يمكن لأي مسيحي حقيقي ان يتجاوزها ، ولا نحتاج –بالطبع- الى استرجاع تاريخ العلاقة واوشاجها بين الطرفين منذ اربعة عشر قرنا مضت على قيام الدولة الاسلامية ،لكن ذلك لا يمنع من الاعتراف بأن محاولات كثيرة قد بذلت –وما تزال- لتشويه هذه العلاقة او تخريبها ،سواء من قبل “الجهلاء” الذي اسأوا فهم دينهم ، او من قبل بعض الدوائر المسيحية الغربية التي استخدمت هذا الملف لتحقيق اهداف سياسية ، او لتصدير اجندات جاهزة لاثارة النزعات الطائفية والدينية في مجتمعاتنا العربية والاسلامية.
التقارير حول التبشير التي اثارت انزعاجنا قبل سنوات تندرج في سياق ما اشرنا له سلفا من محاولات واجندات،لكنها بالطبع لم تنطل على اخواننا المسيحين،فقد نهض مجلس كنائسهم الى الرد عليها وتفنيدها على الفور،وهذه بادرة تستحق الاحترام والتقدير،وترسخ في اذهاننا مااستقر عن مفهوم” الاخوة “التي يتقاسمها اشقاء الثقافة والحضارة الواحدة،لا ضمن الدائرة الانسانية التي يتساوى فيه الخلق جميعا،وانما –ايضا-في اطار الامة الواحدة التي يتلاقى فيها الناس –من مختلف طوائفهم واديانهم ومذاهبهم- على مهاد التعايش والتعارف والتقارب،بل واكاد اقول: الحب المتبادل.
شخصيا،ارى المسيحي الوطني العروبي الملتزم اقرب اليّ من كثير من المسلمين الذين اختلف معهم في الموقف،وافضل -مثلا-البابا شنودة المعروف بمواقفه العربية والحضارية على كثير من العلماء المسلمين الذين استقالوا من وظائفهم الدينية والقومية،وكثيرا ماتعجبني عبارة احد اخواننا المسيحين الكبار في مصر(اظنه مكرم عبيد)”انا مسيحي الدين، مصري الجنسية ومسلم الثقافة”...ولدي مخزون كبير من الاحترام لقامات مسيحية وفكرية وادبية ،من طرفة بن العبد الى امرؤ القيس الى النابغة الذبياني الى ابراهيم اليازجي الشاعر المصري الكبير الى جورج انطونيوس الذي اختار مسكنه بجانب الحاج امين الحسيني، الى امين الريحاني ،الى الاخطل الصغير واحمد فارس شدياق وجول جمال وصولا الى المرحوم ادوارد سعيد .. وغيرهم الكثير الكثير.
لا حاجة- بالتأكيد- للدفاع عن الاخوّة التي جمعت المسيحي والمسلم في بلادنا،ولا ارى اي جدوى من الدعوة الى الحوار بينهما الاّفي اطار الثقافة الواحدة والمواطنة،ولدي اكثر من تحفظ على ما يشهر من دعوات للتعايش بينهما،لانه لا يوجد اصلا مشكلة على هذا الصعيد.
لدي –فقط- “رجاء”:وهو ان ننجح - مسيحيين ومسلمين- في وضع اشكالية-التبشير- والردة ،الذي يبدو انه يزعج الطرفين معا على مهاد توافق ديني ووطني،لكي نقطع الطريق على دعاة التعصب والفتنة ...ونحافظ على هذه الوشائج التاريخية التي ماتزال نصونها ونعتز بها حتى الان.


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير