لكي لا ينتصر منطق «القاعدة»!
حسين الرواشدة
جو 24 : أخشى ما أخشاه أن ينتصر منطق “القاعدة” بكل ما يحفل به خطابها من دعوة للعنف وتصفية “المخالفين” وتقسيم العالم الى “قسطاطين” أحدهما مسلم والآخر كافر، على منطق “الاسلام المعتدل” الذي اختار المشاركة في السياسة والديمقراطية والاصلاح بـ”الحسنى” والانفتاح على العالم.
الوقائع التي تجري في عالمنا العربي والاسلامي تستدعي مثل هذه “الخشية”، فليس من قبيل المصادفة أبدا أن “يتوحد” العالم لمواجهة اي تجربة اسلامية تنطوي تحت “لافتة” الديمقراطية، وان يتهم اصحابها بالإرهاب ثم يدفعون دفعاً الى الرد “بالعنف” أو اشهار الاستسلام.
المقصود من كل ما حدث هو حشر “الاسلاميين” المتشوقين للحرية والديمقراطية والتغيير السلمي في زاوية “الاسلام المسلح”، وذلك لشيطنتهم وتخويف المجتمعات منهم واتاحة المجال امام خصومهم لـ”الاطباق” عليهم، والعنوان المناسب لمثل هذه الخطة هو “الارهاب” اذ يكفي ان يوصف شخص او جماعة بهذه الصفة حتى تسهل عملية تبرير اقصائه واغتياله وتحريض العالم عليه.. ومن العبث ان نتصور أن هذه الخطة “مفاجئة” او ان القائمين عليها مجموعة من “المقاولين” المحليين، بل هي خطة دولية انطلقت بعد “الثورات” العربية التي تصاعد منها نجم الإسلاميين، سواء الذين وصلوا للحكم وانجزوا (تركيا مثلا) او الآخرين الذين افرزتهم الصناديق ولم يسمح لهم بمباشرة الحكم فعليا (مصر مثلا).
حين تدقق فيما حدث في مصر وتركيا (كنموذجين فقط) تكتشف أن ثمة تحالفا دوليا للانقضاض على تجربة “الاسلامي السني”، بالتوازي مع الصفقة التي عقدت بين ايران والدول الكبرى لإتاحة المجال امام “الاسلام الشيعي” بالتمدد في المنطقة، لا من أجل “عيون الشيعة” وانما لإيجاد حالة من الصراع المذهبي بين الطرفين، اضافة الى “خنق” الأغلبية السنية التي شكلت تجاربها - تاريخيا - مجالا لتحرير الأمة من الاستبداد المحلي والاجنبي، واعادة عقارب الساعة للوراء حيث “الحكومات” المرتبطة عضوياً بمصالح الآخر، وحيث الشعوب المقهورة التي تبحث عن “الأمن” عوضاً عن الحرية والكرامة والاستقلال.
اذا دققنا اكثر سنكتشف أن “الإخوان” في مصر، واردوغان وحزبه في تركيا يعاقبان تحت عنوان “تهمة” واحدة، وهي: الانجاز الديمقراطي، فقد وصل الإخوان للحكم من خلال الصناديق وحين تم “الانقلاب” على مرسي خرجوا للتظاهر والمطالبة بعودة “الشرعية”، ومن اجل ذلك جرت شيطنتهم وتخويف المجتمع منهم وصولا الى اعتبارهم “جماعة ارهابية”، أما اردوغان فقد حملته الصناديق ايضا للحكم لأكثر من (10) اعوام، استطاع فيها ان “ينجز” سياسيا واقتصاديا ما عجز عنه سابقوه على مدى عقود، وبالتالي تقرر اقصاؤه من المشهد التركي، ليس تحت ذريعة “الارهاب” وان كانت هذه التهمة “حاضرة” في الخفاء وانما تحت ملفات “الفساد” التي دفع بها شريكه في الجماعة فتح الله غولن.
صحيح ان ما حدث يدفع “القاعدة” واخواتها الى “الشماتة” بالإسلاميين الحالمين “بالاعتدال” كطريق الى الديمقراطية والاصلاح، وصحيح انه “يسعد” الخصوم الآخرين (لا تنس اسرائيل) الذين يتربصون بتجارب الاسلام السياسي التي بدأت تتصاعد، لكن الصحيح ايضا اننا امام مرحلة لم يحسم فيها الصراع بعد، ولم يرفع فيها “الاسلاميون” رايات الاستسلام، كما ان الشعوب استيقظت من “غفلتها” ولم تعد عاجزة عن ادراك الصواب، ولا عن الدفاع عن حرياتها وكرامتها واختيار من يمثلها ويحكمها، حتى لو اجتمع العالم كله ضد مثل هذه الخيارات.
لا يوجد لدي - بالطبع - اي وهم للتهوين من خطر “التحالف” ضد تجارب الإسلاميين، سواء هؤلاء الذين قبلوا بالديمقراطية ولم تقبل بهم، أو اولئك الذين “كفروا” بها ورفعوا السلاح والعنف لإرغام العالم على الاعتراف بهم، ربما يبدو هذا “الخطر” اكبر من قدرة الاسلاميين - والشعوب بشكل عام - على مواجهته، لكن مقابل ذلك لا يمكن ان اتصور بأن “انتصار” هذه الموجة التي ذهبت بعيدا في “اخطائها” وتجاوزت في مقرراتها الاسلاميين الى الآخرين الذين كانوا محسوبين عليها، لا أتصور انها ستتمكن من مواصلة طريقها وتحقيق اهدافها، ليس بسبب قدرة الاسلاميين وصمودهم فقط، بل لأن تجارب التاريخ تؤكد لنا أنه لا يصح إلا الصحيح، وأن للظلم جولة ستصطدم “بحق” الشعوب بالدفاع عن “شرعيتهم” وانتزاع حريتهم، والانتصار على جلاديهم.
(الدستور)
الوقائع التي تجري في عالمنا العربي والاسلامي تستدعي مثل هذه “الخشية”، فليس من قبيل المصادفة أبدا أن “يتوحد” العالم لمواجهة اي تجربة اسلامية تنطوي تحت “لافتة” الديمقراطية، وان يتهم اصحابها بالإرهاب ثم يدفعون دفعاً الى الرد “بالعنف” أو اشهار الاستسلام.
المقصود من كل ما حدث هو حشر “الاسلاميين” المتشوقين للحرية والديمقراطية والتغيير السلمي في زاوية “الاسلام المسلح”، وذلك لشيطنتهم وتخويف المجتمعات منهم واتاحة المجال امام خصومهم لـ”الاطباق” عليهم، والعنوان المناسب لمثل هذه الخطة هو “الارهاب” اذ يكفي ان يوصف شخص او جماعة بهذه الصفة حتى تسهل عملية تبرير اقصائه واغتياله وتحريض العالم عليه.. ومن العبث ان نتصور أن هذه الخطة “مفاجئة” او ان القائمين عليها مجموعة من “المقاولين” المحليين، بل هي خطة دولية انطلقت بعد “الثورات” العربية التي تصاعد منها نجم الإسلاميين، سواء الذين وصلوا للحكم وانجزوا (تركيا مثلا) او الآخرين الذين افرزتهم الصناديق ولم يسمح لهم بمباشرة الحكم فعليا (مصر مثلا).
حين تدقق فيما حدث في مصر وتركيا (كنموذجين فقط) تكتشف أن ثمة تحالفا دوليا للانقضاض على تجربة “الاسلامي السني”، بالتوازي مع الصفقة التي عقدت بين ايران والدول الكبرى لإتاحة المجال امام “الاسلام الشيعي” بالتمدد في المنطقة، لا من أجل “عيون الشيعة” وانما لإيجاد حالة من الصراع المذهبي بين الطرفين، اضافة الى “خنق” الأغلبية السنية التي شكلت تجاربها - تاريخيا - مجالا لتحرير الأمة من الاستبداد المحلي والاجنبي، واعادة عقارب الساعة للوراء حيث “الحكومات” المرتبطة عضوياً بمصالح الآخر، وحيث الشعوب المقهورة التي تبحث عن “الأمن” عوضاً عن الحرية والكرامة والاستقلال.
اذا دققنا اكثر سنكتشف أن “الإخوان” في مصر، واردوغان وحزبه في تركيا يعاقبان تحت عنوان “تهمة” واحدة، وهي: الانجاز الديمقراطي، فقد وصل الإخوان للحكم من خلال الصناديق وحين تم “الانقلاب” على مرسي خرجوا للتظاهر والمطالبة بعودة “الشرعية”، ومن اجل ذلك جرت شيطنتهم وتخويف المجتمع منهم وصولا الى اعتبارهم “جماعة ارهابية”، أما اردوغان فقد حملته الصناديق ايضا للحكم لأكثر من (10) اعوام، استطاع فيها ان “ينجز” سياسيا واقتصاديا ما عجز عنه سابقوه على مدى عقود، وبالتالي تقرر اقصاؤه من المشهد التركي، ليس تحت ذريعة “الارهاب” وان كانت هذه التهمة “حاضرة” في الخفاء وانما تحت ملفات “الفساد” التي دفع بها شريكه في الجماعة فتح الله غولن.
صحيح ان ما حدث يدفع “القاعدة” واخواتها الى “الشماتة” بالإسلاميين الحالمين “بالاعتدال” كطريق الى الديمقراطية والاصلاح، وصحيح انه “يسعد” الخصوم الآخرين (لا تنس اسرائيل) الذين يتربصون بتجارب الاسلام السياسي التي بدأت تتصاعد، لكن الصحيح ايضا اننا امام مرحلة لم يحسم فيها الصراع بعد، ولم يرفع فيها “الاسلاميون” رايات الاستسلام، كما ان الشعوب استيقظت من “غفلتها” ولم تعد عاجزة عن ادراك الصواب، ولا عن الدفاع عن حرياتها وكرامتها واختيار من يمثلها ويحكمها، حتى لو اجتمع العالم كله ضد مثل هذه الخيارات.
لا يوجد لدي - بالطبع - اي وهم للتهوين من خطر “التحالف” ضد تجارب الإسلاميين، سواء هؤلاء الذين قبلوا بالديمقراطية ولم تقبل بهم، أو اولئك الذين “كفروا” بها ورفعوا السلاح والعنف لإرغام العالم على الاعتراف بهم، ربما يبدو هذا “الخطر” اكبر من قدرة الاسلاميين - والشعوب بشكل عام - على مواجهته، لكن مقابل ذلك لا يمكن ان اتصور بأن “انتصار” هذه الموجة التي ذهبت بعيدا في “اخطائها” وتجاوزت في مقرراتها الاسلاميين الى الآخرين الذين كانوا محسوبين عليها، لا أتصور انها ستتمكن من مواصلة طريقها وتحقيق اهدافها، ليس بسبب قدرة الاسلاميين وصمودهم فقط، بل لأن تجارب التاريخ تؤكد لنا أنه لا يصح إلا الصحيح، وأن للظلم جولة ستصطدم “بحق” الشعوب بالدفاع عن “شرعيتهم” وانتزاع حريتهم، والانتصار على جلاديهم.
(الدستور)