حراكات تبحث عن أدوات!
حسين الرواشدة
جو 24 : حين تتمتع المجتمعات بقدر من «العافية» والحيوية فإنها لا تعجز عن إبداع وسائل وأدوات للدفاع عن حقوقها وانتزاع مطالبها «المحقة»، ولا تقتصر هذه الأوات على «المظاهرات» التي تخرج في الشارع أو «الإضرابات» عن العمل، فتلك جرى اختبارها على مدى السنوات الثلاث المنصرمة، ويبدو انها استهلكت أو استنفدت أغراضها، أو أنها على الأقل تحتاج لوسائل «مساندة» أخرى.
في اطار «المراجعة» التي تعهدت بعض الحراكات الشعبية القيام بها لتطوير أدائها، والضغط باتجاه «تسريع» خطوات الإصلاح، لا يكفي فقط السؤال عن اسباب تراجع «الحشد» في الشارع، او خفوت صوت المطالبين بالإصلاح، فهذه الأسباب اصبحت معروفة، سواء ما كان منها متعلقا بظروف الإقليم «الملتهبة» أو «بتشتت» القوى المحسوبة على خط الإصلاح وافتقادها لديناميكية الحركة والتأثير والاقناع، بل لا بد أن نسأل ونبحث عن الادوات الاخرى «المنشّطة» لجسد المجتمع والضاغطة ايضا باتجاه «زعزعة» القوى المضادة لمشروع الاصلاح.
يمكن - على سبيل الاقتراع - الاشارة الى عدة ادوات يمكن لقوى المجتمع «الحيّة» ان تنهض بها في اطار «الدفع السلمي» نحو الإصلاح والتغيير، منها تشكيل «حراكات» قطاعية متخصصة، إذ يمكن مثلا استلهام «نموذج» حركة «ذبحتونا» التي تتصدى للدفاع عن حقوق الطلبة في الجامعات، لتعميم «الفكرة» على مجالات أخرى: مجال «الغلاء» مثلا من خلال حراك تحت عنوان «مواطنون ضد الغلاء» أو مجال المحسوبية والواسطة، أو مجال «الانفلات الأمني» أو مجال ضعف اداء النواب.. أو غير ذلك من المجالات التي يمكن إبداع عناوين لها، واستقطاب طاقات الشباب للانخراط فيها، وتوظيف ذلك لتنوير المجتمع ومنحه ما يلزم من «جرعات» وعي لمعرفة حقوقه والمطالبة بها.
من الأدوات - أيضا - الأداة «القانونية»، والحراك «القانوني» مهم هنا لأنه يجسّد صورة المجتمع «المدني»، ويعكس ثقافته الحقيقية، كما انه «يحرج» القوى المضادة للإصلاح كونه يتعامل معها بمنطق لا تستطيع محاصرته بـ»التشويه» أو «التخويف»، مع انه من المفترض ان تنهض بهذا الواجب نقابة المحامين أو الأحزاب التي لديها «كفاءات» قانونية، إلا أن مجتمعنا لا يعدم «فقهاء» قانون حريصين على «الاصلاح» ومواجهة الفساد، وهؤلاء يمكن ان يتآلفوا لفتح ما يلزم من «ملفات» تدور حولها بعض الشبهات، ووضعها
مام «العدالة» ربما يشكل «حراكاً» قانونياً منظماً ومنسجماً مع توجهات «الشارع» وطموحاته.
لدينا أيضا ادوات ثقافية يمكن استخدامها لتنشيط الحراك السلمي، مثل الأغاني والمسرحيات والقصائد، وهذه يمكن أن تساعدنا بإعادة الوعي ونشره وتعميق فكرة «التغيير»، وأعتقد أن الاستثمار في المجال «الثقافي» والفني اصبح يشكل «اولوية» لإحياء روح المجتمع وتحصينه من الاحباط والكسل، ودفعه الى «النهوض» والحركة، زد على ذلك أن الاستثمار في «المجال الديني» وتوظيف الوازع الاخلاقي يمكن أن يسهم بمواجهة عزوف المجتمع عن الاعتماد على نفسه في معرفة ما يدور حوله وما يتعلق بقضاياه، ولنا أن نتصور أن ما تفعله «خطبة» لداعية او فتوى لمفتٍ - متى كان موثوقا بها - يعادل أو يزيد على أثر أية مظاهرة تخرج في الشارع وان تكررت اسبوعياً.
من واجب «النخب» الحيّة التي تتبنى فكرة «الاصلاح» - لا أتحدث هنا عن الاحزاب التي تتصارع على السياسة والمصالح - ان تلتفت الى المجتمع لكي تبحث عن «عناصر» القوة فيه أولاً ولكي تستثمرها في الاتجاه الصحيح ثانياً، وعناصر القوة هذه اكثر من ان تحصى، وهي تبحث فعلاً عمن «يستوعبها»، وعمن تثق به ويستطيع أن يشعل فيها «جذوة» الأمل والهمة..
(الدستور)
في اطار «المراجعة» التي تعهدت بعض الحراكات الشعبية القيام بها لتطوير أدائها، والضغط باتجاه «تسريع» خطوات الإصلاح، لا يكفي فقط السؤال عن اسباب تراجع «الحشد» في الشارع، او خفوت صوت المطالبين بالإصلاح، فهذه الأسباب اصبحت معروفة، سواء ما كان منها متعلقا بظروف الإقليم «الملتهبة» أو «بتشتت» القوى المحسوبة على خط الإصلاح وافتقادها لديناميكية الحركة والتأثير والاقناع، بل لا بد أن نسأل ونبحث عن الادوات الاخرى «المنشّطة» لجسد المجتمع والضاغطة ايضا باتجاه «زعزعة» القوى المضادة لمشروع الاصلاح.
يمكن - على سبيل الاقتراع - الاشارة الى عدة ادوات يمكن لقوى المجتمع «الحيّة» ان تنهض بها في اطار «الدفع السلمي» نحو الإصلاح والتغيير، منها تشكيل «حراكات» قطاعية متخصصة، إذ يمكن مثلا استلهام «نموذج» حركة «ذبحتونا» التي تتصدى للدفاع عن حقوق الطلبة في الجامعات، لتعميم «الفكرة» على مجالات أخرى: مجال «الغلاء» مثلا من خلال حراك تحت عنوان «مواطنون ضد الغلاء» أو مجال المحسوبية والواسطة، أو مجال «الانفلات الأمني» أو مجال ضعف اداء النواب.. أو غير ذلك من المجالات التي يمكن إبداع عناوين لها، واستقطاب طاقات الشباب للانخراط فيها، وتوظيف ذلك لتنوير المجتمع ومنحه ما يلزم من «جرعات» وعي لمعرفة حقوقه والمطالبة بها.
من الأدوات - أيضا - الأداة «القانونية»، والحراك «القانوني» مهم هنا لأنه يجسّد صورة المجتمع «المدني»، ويعكس ثقافته الحقيقية، كما انه «يحرج» القوى المضادة للإصلاح كونه يتعامل معها بمنطق لا تستطيع محاصرته بـ»التشويه» أو «التخويف»، مع انه من المفترض ان تنهض بهذا الواجب نقابة المحامين أو الأحزاب التي لديها «كفاءات» قانونية، إلا أن مجتمعنا لا يعدم «فقهاء» قانون حريصين على «الاصلاح» ومواجهة الفساد، وهؤلاء يمكن ان يتآلفوا لفتح ما يلزم من «ملفات» تدور حولها بعض الشبهات، ووضعها
مام «العدالة» ربما يشكل «حراكاً» قانونياً منظماً ومنسجماً مع توجهات «الشارع» وطموحاته.
لدينا أيضا ادوات ثقافية يمكن استخدامها لتنشيط الحراك السلمي، مثل الأغاني والمسرحيات والقصائد، وهذه يمكن أن تساعدنا بإعادة الوعي ونشره وتعميق فكرة «التغيير»، وأعتقد أن الاستثمار في المجال «الثقافي» والفني اصبح يشكل «اولوية» لإحياء روح المجتمع وتحصينه من الاحباط والكسل، ودفعه الى «النهوض» والحركة، زد على ذلك أن الاستثمار في «المجال الديني» وتوظيف الوازع الاخلاقي يمكن أن يسهم بمواجهة عزوف المجتمع عن الاعتماد على نفسه في معرفة ما يدور حوله وما يتعلق بقضاياه، ولنا أن نتصور أن ما تفعله «خطبة» لداعية او فتوى لمفتٍ - متى كان موثوقا بها - يعادل أو يزيد على أثر أية مظاهرة تخرج في الشارع وان تكررت اسبوعياً.
من واجب «النخب» الحيّة التي تتبنى فكرة «الاصلاح» - لا أتحدث هنا عن الاحزاب التي تتصارع على السياسة والمصالح - ان تلتفت الى المجتمع لكي تبحث عن «عناصر» القوة فيه أولاً ولكي تستثمرها في الاتجاه الصحيح ثانياً، وعناصر القوة هذه اكثر من ان تحصى، وهي تبحث فعلاً عمن «يستوعبها»، وعمن تثق به ويستطيع أن يشعل فيها «جذوة» الأمل والهمة..
(الدستور)