الرفض بدون بديل
فهد الفانك
جو 24 : حتى قبل أن يتم نشر تفاصيل خطة كيري للسلام ينبري كثيرون لمهاجمتها قبل قراءتها، وعذرهم أن أميركا أحرص على أمن إسرائيل ومصالحها ، من مطالب الفلسطينيين وحقوقهم. يضاف إلى ذلك أن كل مشروع تتقدم به أميركا يجب أن يكون قد بحث سلفاً مع إسرائيل ووافقت عليه. وبما أن مصالح إسرائيل والفلسطينيين متعارضة فإن أية ترتيبات تخدم مصلحة إسرائيل لابد أن تأتي على حساب الفلسطينيين.
لكن الرفض ليس سياسة مجدية ، وقد مارسه الجانب العربي مائة عام ، فقد رفضنا وعد بلفور الذي يعطي إسرائيل ملاذاً وليس دولة ويشترط عدم المساس بحقوق السكان فكانت النتيجة أن الإسرائيليين حصلوا على دولة على أنقاض فلسطين. ورفضنا التقسيم لانه ظالم فكانت النتيجة أن إسرائيل لم تكتف ِ بحصتها بموجب التقسيم بل انتزعت ثلاثة أرباع فلسطين التاريخية وهي تتطلع لابتلاع الباقي. ورفضنا قرار مجلس الأمن الدولي 242 الذي ينص على الانسحاب وعدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة ثم عدنا فقبلناه بعد أن فات الوقت وخلقت إسرائيل حقائق تناسبها على الأرض. ورفضنا كامب ديفيد بإشراف كلينتون الذي قدم مشروعأً للحل ثم عدنا فقبلناه بعد أن ذهب كلينتون.
نستطيع أن نواصل قراءة تاريخ النزاع العربي الإسرائيلي لنجد أنه يتمثل في مجموعة من الاقتراحات والمشاريع والقرارات كلها مرفوضة عربياً لأنها لا تعترف بالحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني ، وبالنتيجة تحقق على الأرض ما هو أسوأً من تلك الاقتراحات والمشاريع والقرارات.
من حق صاحب الحق أن يرفض أي حل مجحف بحقه شريطة أن تكون لديه القدرة على فرض الحل العادل ، ومن حقه أن يرفض إذا كان الرفض يحقق وضعأً مرغوباً فيه.
عندما يتم تحريض السلطة الفلسطينية على عدم الاستمرار في المفاوضات إلا إذا أوقفت إسرائيل الاستيطان ، فهذا حق ، ولكن هل يتوقف الاستيطان أم يستمر إذا انسحبت السلطة من المفاوضات ، وهل يحتاج الاستيطان الإسرائيلي إلى موافقة فلسطينية ، وهل يعتبر الانسحاب من المفاوضات عقوبة لإسرائيل؟.
نتيجة هذا السلوك العربي أصبحت جهات كثيرة تقدم حلولاً ومشروعات قد يكون فيها شيء من المنطق ، اعتماداً على أنها سوف ترفض عربياً.
من واجبنا أن نرفض أية ترتيبات جديدة إذا كانت الترتيبات القائمة مقبولة ، أو إذا كنا قادرين على انتزاع ترتيبات أفضل. ولكن الحاصل عملياً أن رفضنا يمثل الانحياز لاستمرار الوضع الراهن على علاته.
(الرأي)
لكن الرفض ليس سياسة مجدية ، وقد مارسه الجانب العربي مائة عام ، فقد رفضنا وعد بلفور الذي يعطي إسرائيل ملاذاً وليس دولة ويشترط عدم المساس بحقوق السكان فكانت النتيجة أن الإسرائيليين حصلوا على دولة على أنقاض فلسطين. ورفضنا التقسيم لانه ظالم فكانت النتيجة أن إسرائيل لم تكتف ِ بحصتها بموجب التقسيم بل انتزعت ثلاثة أرباع فلسطين التاريخية وهي تتطلع لابتلاع الباقي. ورفضنا قرار مجلس الأمن الدولي 242 الذي ينص على الانسحاب وعدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة ثم عدنا فقبلناه بعد أن فات الوقت وخلقت إسرائيل حقائق تناسبها على الأرض. ورفضنا كامب ديفيد بإشراف كلينتون الذي قدم مشروعأً للحل ثم عدنا فقبلناه بعد أن ذهب كلينتون.
نستطيع أن نواصل قراءة تاريخ النزاع العربي الإسرائيلي لنجد أنه يتمثل في مجموعة من الاقتراحات والمشاريع والقرارات كلها مرفوضة عربياً لأنها لا تعترف بالحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني ، وبالنتيجة تحقق على الأرض ما هو أسوأً من تلك الاقتراحات والمشاريع والقرارات.
من حق صاحب الحق أن يرفض أي حل مجحف بحقه شريطة أن تكون لديه القدرة على فرض الحل العادل ، ومن حقه أن يرفض إذا كان الرفض يحقق وضعأً مرغوباً فيه.
عندما يتم تحريض السلطة الفلسطينية على عدم الاستمرار في المفاوضات إلا إذا أوقفت إسرائيل الاستيطان ، فهذا حق ، ولكن هل يتوقف الاستيطان أم يستمر إذا انسحبت السلطة من المفاوضات ، وهل يحتاج الاستيطان الإسرائيلي إلى موافقة فلسطينية ، وهل يعتبر الانسحاب من المفاوضات عقوبة لإسرائيل؟.
نتيجة هذا السلوك العربي أصبحت جهات كثيرة تقدم حلولاً ومشروعات قد يكون فيها شيء من المنطق ، اعتماداً على أنها سوف ترفض عربياً.
من واجبنا أن نرفض أية ترتيبات جديدة إذا كانت الترتيبات القائمة مقبولة ، أو إذا كنا قادرين على انتزاع ترتيبات أفضل. ولكن الحاصل عملياً أن رفضنا يمثل الانحياز لاستمرار الوضع الراهن على علاته.
(الرأي)